تونس ـ أزهار الجربوعي
كشف القيادي في حزب حركة "النهضة" الإسلامي الحاكم في تونس رياض الشعيبي أن المعارضة التونسية أفلست وفقدت رشدها في تقدير المصالح العليا للبلاد، مشيرًا إلى أن
اتهام حزب "النهضة" الحاكم بالتشجيع على الإرهاب والعنف مخالف للمنطق، واعتبر الشعيبي أن إعلان رئيس الحكومة التونسية الأسبق وزعيم حزب "نداء تونس" المعارض، الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة مجرد مناورة سياسية.ودعا القيادي في الحزب الحاكم التونسي في حديث خاص إلى "مصر اليوم"، إلى تعديل قانون مكافحة الإرهاب الذي سنه الرئيس السابق لأنه ينطوي على خروقات كبيرة لحقوق الإنسان مشددًا على مواجهة خطر الإرهاب من دون الخروج عن إطار احترام حقوق الانسان، أو تضييق مجال الحريات في البلاد، لافتًا إلى أن الارهاب ليس ظاهرة جديدة في تونس.وبشأن قضية الإرهاب والانتقادات الموجهة لحركة "النهضة" بعد لجوئها لقانون الرئيس السابق الخاص بمكافحة الإرهاب بعد أن كانت تعتبره أداة لقمع المُعارضين، أكد رياض الشعيبي أن حركة "النهضة" الإسلامية الحاكمة في تونس تُدين الارهاب واستعمال العنف في الحياة السياسية، مشددًا على أن الدولة التونسية وأجهزتها الأمنية والقضائية والعسكرية قادرة على مواجهة خطر الإرهاب دون الخروج عن إطار احترام حقوق الانسان أو تضييق مجال الحريات في البلاد.
وأضاف الشعيبي "قانون الإرهاب الذي كان يستعمله الرئيس السابق بن علي ينطوي على قدر كبير من انتهاكات حقوق الإنسان، ونحن نطالب بتعديله قبل تفعيله، حيث يتم صياغة قانون يُعطي للدولة إمكان التدخل في مواجهة الإرهاب من جهة، ويضمن حقوق الإنسان وحقوق المتهمين من جهة أخرى.
واعتبر القيادي في حركة "النهضة" الإسلامية الحاكمة في تونس رياض الشعيبي أن الإرهاب ليس ظاهرة جديدة في تونس بل يعود نشأته إلى ما قبل الثورة، وقد ساهمت في تأجيجه السياسات القمعية للرئيس السابق بن علي الذي استفاد من التسويق لصورة نظامه، الذي نصّب نفسه وكيلاً عن المجتمع الدولي في مواجهة الإرهاب، وأشار الشعيبي إلى أن "ثورة 14 يناير" في تونس ساهمت في حالة الاضطراب التي عرفتها البلاد، والتي استغلتها عدد من المنظمات للنفاذ إلى تونس وترويج السلاح، إلا أن قوات الأمن نجحت في ضبط كميات مهمة منه.
وبشأن تفسيره لتنامي الإرهاب بعد صعود الإسلاميين للحكم في تونس قال رياض الشعيبي "الإرهاب لا دين له"، ويستهدف كل من يخالفه بغض النظر عن أيديولوجيته إسلاميًا كان أم ليبراليًا.
وردًا على اتهامات المعارضة للحزب الحاكم بتغذية الإرهاب والتورط في اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد، قال الشعيبي إن "المعارضة التونسية أفلست وفقدت رشدها في تقدير المصالح العليا للبلاد، معتبرًا أن اتهام طرف سياسي في الحكم بالتشجيع على الإرهاب والعنف مخالف للمنطق، لأن أي دولة لا تقبل التفريط في وسائل القوة التي تحتكرها لتفرض بها القانون.
واتهم القيادي في حزب "النهضة" الحاكم في تونس جزءًا من قوى المعارضة بنشر الإشاعات لتعويض إفلاسها في الشارع، نافيًا وجود أجهزة أمنية موازية غير تلك التي تتبع للدولة وتخضع للقانون.
وردًا على سؤال بشأن تفعيل العفو التشريعي العام عقب محاولات البعض المساجين الإسلاميين السابقين الانتحار احتجاجًا على عدم تعويضهم عن سنوات القمع والاضطهاد في عهد النظام السابق واتهامهم لحركة "النهضة" بالتنكر لسنوات النضال، أكد رياض الشعيبي أن الدولة التونسية مطالبة بالاعتذار للمناضلين والسجناء السياسين السابقين، وبتفعيل جميع الآليات التي تمكنهم من استرداد حقوقهم واعتبارهم المعنوي، ومنحهم فرصة لبناء حياتهم من جديد.
وبيّن الشعيبي أن حركة "النهضة" تدفع في اتجاه تفعيل العفو التشريعي العام وأن الحكومة ملزمة سياسيًا وأخلاقيًا وقانونيًا بالوفاء بالتزاماتها في هذا الإطار.
وبشأن موقفه من علاقة النهضة مع دولة قطر التي باتت موضع اتهام من قبل المعارضة، أوضح رياض الشعيبي أن حركة "النهضة" حزب سياسي لا تربطه علاقات مع دول عبر الوسائل الدبلوماسية وإنما تجمعه روابط مع شخصيات وجمعيات وجهات إعلامية، أما العلاقات الرسمية فتنحصر ضمن الأطر والضوابط الرسمية للدولة.
وبشأن مصير العلاقات التونسية الفرنسية بعد صعود الإسلاميين للسطة والتصريحات، خاصة عقب تواتر تصريحات المسؤولين الفرنسيين التي اعتبرها البعض معادية لحزب "النهضة" الإسلامي الحاكم، قال الشعيبي إن العلاقات الفرنسية التونسية تمر بفترة انتقالية، ولا بد من إعطاء فرصة ودفعة إضافية لتنقية العلاقات مما يشوبها، وأضاف القيادي في حزب "النهضة" التونسي "يعتبر البعض أن فرنسا تتدخل في الشؤون الداخلية في تونس، وتدعم بعض الأطراف دون أخرى، لكننا نتمنى أن لا يكون ذلك حقيقيًا، خصوصًا وأن فرنسا تُعد الشريك الرئيسي لتونس منذ عقود طويلة".
وبشأن استجابة "النهضة" لرغبة شركائها في الترويكا الحاكمة (المؤتمر من أجل الجمهورية، التكتل من أجل العمل والحريات) ولقوى المعارضة بإقرار نظام سياسي مزدوج رغم موقفها المتشبث بالنظام البرلماني، قال رياض الشعيبي أن "النهضة" ارتأت أن النظام السياسي المزدوج سيكون الأفضل لتونس، حيث تتوزع السلطات بين رئيس الدولة باعتباره منتخبًا بطريقة الاقتراع المباشر من الشعب، ورئيس الحكومة باعتباره ممثل أكبر كتلة برلمانية.
وأوضح الشعيبي أن النظام المزدوج يسمح لرئيس الدولة بتولي مسؤولية العلاقات الخارجية والأمن الخارجي إلى جانب القيادة العليا للجيش والتعيينات الدبلوماسية والعسكرية العليا بالتوافق مع لجنة برلمانية، في حين يتولى رئيس الحكومة رسم السياسات العامة للبلد وإدارة شؤونها الداخلية ومصالحها بالتشارك مع مجموعة من الوزراء.
وتعقيبًا على استطلاعات الرأي التي رشحت بالغالبية رئيس حزب "نداء تونس" لتصدر نتائج انتخابات الرئاسة التونسية فيما أخرت تقهقر شعبية حركة "النهضة" لصالح تقدم "نداء تونس"، اعتبر الشعيبي أن المشهد السياسي في تونس تغير منذ انتخابات 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، لكن من أعطى صوته لـ "النهضة" لا نتوقع أن يغير رأيه بهذه السرعة، لأن الصعوبة التي تواجهها الحكومة كانت مُتوقعة بالنظر إلى صعوبة المرحلة الانتقالية"، وشدد القيادي في الحزب الحاكم على أن الانتخابات المقبلة ستكشف عن عمق حضور حركة "النهضة" في النسيج المجتمعي التونسي، مستشهدًا بانتخابات المجلس التأسيسي التي حطمت فيها "النهضة" جميع التوقعات واستطلاعات الرأي وفازت بالغالبية المطلقة.
وبشأن الانتقادات الموجهة لـ "النهضة" بشأن المتاجرة بالدين للفوز في الانتخابات، واستغلال الوازع الديني للشعب التونسي لكسب أصوات الناخبين، أكد رياض الشعيبي أن فوز النهضة في الانتخابات كشف عمق وتجذر الهوية الاسلامية في عمق الشعب التونسي داعيا بقية القوى السياسية إلى مراعاة هذا الجانب في برامجها الانتخابية المقبلة، إلا أنه اعتبر أن فوز "النهضة" في الانتخابات كان قائمًا في الأساس على الثقة في قدرتها على إنجاح المرحلة الانتقالية المهمة والدقيقة من تاريخ البلاد.
وبشأن التغير الطارئ على موقف "النهضة" التي قررت المشاركة في مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى المنظمات النقابية في البلاد) بعد رفضها في وقت سابق، قال الشعيبي "نحن لم نستجب لمبادرة اتحاد الشغل قي تشرين الأول/ أكتوبر، لأن سقفها وبرنامجها لم يكونا واضحين إلا أننا لبينا نداء رئاسة الجمهورية وشاركنا في مبادرتها الخاصة بالحوار الوطني، باعتبارها المؤسسة العليا للدولة ولم تكن لنا أي اشتراطات مُسبقة وقد وافقنا على خوض الجولة الثانية من الحوار الوطني داخل الاتحاد العام التونسي للشغل، من أجل توسيع قاعدة الأطياف السياسية المُشاركة على أن تكون المحطة الثالثة والأخيرة من هذا الحوار داخل قبة المجلس الوطني التأسيسي "أعلى سلطة تشريعية منتخبة في البلاد".
وردًا على سؤال بشأن الصراع وتناقض تصريحات قياديي "النهضة"، وبشأن اعتبار راشد الغنوشي صمام الأمام وحائط الصد أمام انفراط عقد الحزب رغم اختلاف الآراء والتوجهات داخل الحركة بين صقور يراها المراقبون أكثر تشددًا وتمسكًا بالشريعة الإسلامية وحمائم أكثر تشبثًا بالاعتدال وبمبادئ الدولة المدنية والديمقراطية قال رياض الشعيبي "حركة النهضة مثل كل الأحزاب تحمل في داخلها أطروحات ومواقف متباينة تحاول أن تعبر عن نفسها في إطار الوحدة السياسية والمعنوية للحركة، وما يمكن أن يفهمه البعض على أنه خلاف في المواقف ليس تمسكًا بالتصنيف التقليدي صقور وحمائم، وإنما تمسك بمبادئ العدالة الاجتماعية واستنصار المستضعفين، وما يمكن أن يفهم على أنه تشدد ديني في بعض المواقف ما هو إلا انفتاح على ثقافة المجتمع التونسي من زاوية أخرى.
وأكد رياض الشعيبي أن راشد الغنوشي له حضوره الرمزي والمعنوي الكبير داخل الحركة باعتباره زعيمها ومؤسسها، إلا أنه شدد على أن سر امتداد ونجاح حركة "النهضة" يكمن في الديمقراطية الداخلية التي تُمارسها مؤسسات الحزب.
وبشأن ترشيح الأمين العام لـ "النهضة" ورئيس الحكومة التونسية الأسبق حمادي الجبالي للانتخابات الرئاسية المقبلة وردًا على اتهامات المعارضة التي اعتبرت استقالة الجبالي من رئاسة الحكومة مسرحية لكسب ورقة انتخابية رابحة لـ "النهضة"، قال رياض الشعيبي "حمادي الجبالي كان أول رئيس حكومة في تاريخ تونس يقدم استقالته، وهو أكبر دليل على التزام حركة "النهضة" بمبدأ التداول السلمي على السلطة، مشددًا على أن الخلاف الذي أدى إلى استقالة الجبالي عقب فشله في التوصل لتوافق بشأن تشكيل حكومة تكنوقراط بعد معارضة حزبه الحاكم، كان خلافًا حقيقيًا في وجهات النظر وليس مسرحية هدفها التسويق لصورة النهضة انتخابيًا، كما روجت لها المعارضة.
واعتبر القيادي في الحزب التونسي الحاكم رياض الشعيبي أن ترشيح زعيم حزب "نداء تونس" ورئيس الحكومة التونسية الأسبق الباجي قائد السبسي لنفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة، ليس إلا مناورة سياسية هدفها التمهيد للمرشح الحقيقي لـ "نداء تونس" ليستفيد من السياق والحشد الإعلامي الذي مهد له الباجي قائد السبسي.