إلى اليسار أردوغان وإلى اليمين غول

ألقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اللوم على رجل الدين الإسلامي في بنسلفانيا فتح الله غول في محاولة الانقلاب بعد أن عاد منتصرا إلى اسطنبول معلنًا فشل الانتفاضة العسكرية، حيث اندلعت انفجارات وإطلاق نار في اسطنبول وأنقرة إلا أن اردوغان أوضح أنه تم تدبير الانقلاب على بعد 5 آلاف ميل في إشارة إلى خصمه السياسي فتح الله غول الذي يعيش في المنفى طوعا في سالسبرغ في ولاية بنسلفانيا منذ أواخر التسعينات، وفي البداية كان غول (75 عاما) يضع ملايينه لدعم أردوغان الذي ارتقى من رئيس بلدية اسطنبول إلى رئيس الوزراء قبل أن يصبح رئيسا للبلاد في 2014، إلا أن الإثنان اختلفا بسبب فضيحة فساد ضخمة عام 2013 كلفت البلاد 100 بليون دولار في حملة اعتُقد بدأها بواسطة أتباع غول ضد أقرب حلفاء أردوغان، واكتسب غول باعتباره إماما شعبية في تركيا قبل نحو 50 عاما وهو يعزز الدعوة إلى الفلسفة التي تمتزج بطابع الإسلام مع الدعوة المخلصة للديمقراطية والتعليم والعلوم والحوار بين الأديان، وبدأ أنصار غول المعروفين باسم "هيزمت" وتعني الخدمة في إنشاء ألف مدرسة في أكثر من 100 دولة بما في ذلك 150 مدرسة يمولها دافعو الضرائب في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وأدارت هذه الجماعة في تركيا جامعات ومستشفيات وجمعيات خيرية وامبراطورية إعلامية كبيرة ضمت صحف ومحطات إذاعة وتليفزيون.
وشكك النقاد في انتشار سيطرة الجماعة وزعموا أن الجماعة تعلّم الطلاب مبادئ حركة غول، ودعم غول صعود حزب العدالة والتنمية حتى أغلقت الحكومة مدارسًا خاصة تابعة لجماعة هيزمت وفقا للبي بي سي، وفي 2013 كانت فضيحة الفساد في تركيا التي يُعتقد أنها تمت بتحريض من اتباع غول بمثابة ضربة قاسية لإدارة أردوغان حيث استقال 3 من الوزراء بعد تورط أبنائهم، واتهم أردوغان غول بالتآمر للإطاحة بالحكومة العلمانية رسميا من المجمع الخاص به في جبال بوكونو في بنسلفانيا الي يبلغ عدد سكانها 1100 شخصا، وأطلق أردوغان الذي كان في عطلة في منتجع مارماريس عندما بدأ الإنقلاب بيانا لشبكة سي إن إن مشيرا إلى وجود هيكل مواز وراء الانقلاب في إشارة إلى أتباع غول، وهبط أردوغان بعد ساعات إلى مطار أتاتورك بعد الإنقلاب بقيادة العقيد محرم كوس، وأبعد كوس من منصبه في الجيش كرئيس لقسم الاستشارات القانونية بسبب صلته بغول وأفادت مصادر أنه قُتل خلال الاشتباكات مع أنصار أردوغان.
وبين أردوغان لوسائل الاعلام  في اسطنبول أن من يقفوا وراء الانقلاب أخبروا بما يجب أن يفعلوا من بنسلفانيا محذرا من أنهم سوف يدفون ثمنا باهظا لخيانتهم، وأوضح المحامي روبرت أمستردام الذي تمثّل شركته جمهورية تركيا بأن هناك مؤشرات على التورط المباشر لغول، وذكر أمستردام في بيان على موقعه على الأنترنت " وفقا لمصادر استخباراتية تركية تحدثت معها هناك دلائل على تورط مباشر لرجل الدين الهارب فتح الله غول، لقد حاولنا مرارا وتكرارا تحذير الحكومة الأميركية من التأثير الذي تشكله هذه المنظمة وفي الوقت نفسه كان أتباع غول يشنون حملتهم الخاصة لتقويض شرعية الحكومة التركية المنتخبة، وحقيقة وجود دلائل على عمل غول بشكل وثيق مع بعض أعضاء القيادة العسكرية ضد الحكومة المدنية المنتخبة هي في الواقع علامة مقلقة للغاية".
وأوضح رئيس التحالف من أجل القيم المشتركة وهي منظمة غير هادفة للربح تابعة لغول " ننفي هذه الاتهامات بشكل قاطع ونعتبرها غير مسؤولة للغاية"، وأصدر المجموعة بيانا جاء فيه " منذ أكثر من 40 عاما دعم فتح الله غول والمشاريكين في هيزمت الالتزام بالسلام والديمقراطية ونحن نديم أي تدخل عسكري في السياسة الداخلية لتركيا، ولا نزال نشعر بالقلق إزاء سلامة المواطنين الأتراك الذين يعيشون في تركيا في الوقت الراهن، ونعتبر تصريحات الدوائر المؤيدة لأردوغان عن الحركة غير مسؤولة للغاية".
واتهم أمستردام غول بارتكاب سلوك غير قانوني الشهر الماضي إلا أنه تم إبطال الدعوى القضائية ضد رجل الدين من قبل قاضي فيدرالي زعم أن تنظيم سلطات في تركيا ضد جماعة منافسة لا ينتمي إلى المحاكم الأميركية، ويحقق مكتب التحقيقات الفيدرالي من بعض المدارس الأميركية التي بدأتها حركة هيزمت وسط مزاعم بسوء الإدارة المالية وتزوير التأشيرات، ومن بين المزاعم استيراد المدارس لمعلمين أتراك لتحديد الطلاب سريعي التأثر لتلقينهم مبادئ حركة غول، وفي مايو/ أيار اتهمت شكوى لمسؤولي التعليم في تكساس شبكة مدارس تابعة لحركة غول بالإساءة إلى برنامج التأشيرة واستيراد عدد كبير من المعلمين الأتراك وخرق قوانين الدول الاتحادية من خلال دفع رواتب لهم أكبر من المعلمين الأمريكيين.
وقتل الجيش التركي خلال الإنقلاب على الأقل 60 شخصا منهم 17 من ضباط الشرطة في محاولة الجيش للإطاحة بالحكومة الإسلامية واستمرت محاولة الانقلاب نحو 5 ساعات، ومن جهة أخرى فتحت القوات النار على المدنيين أثناء محاولتهم عبور مضيق البوسفور في اسطنبول احتجاجا على الانقلاب العسكري في حين انفجرت قنبلة في مبنى البرلمان وفقا لما ذكرته وكالة إخبارية حكومية في ظل خطورة الوضع الأمني في البلاد، وحثّ أردوغان أنصاره على تجاهل حظر التجول واستعادة السيطرة على البلاد، وحاولت الدبابات والمدرعات الاستيلاء على النقاط الاستيراتيجية في اسطنبول وأنقرة إلا أنه تم إحباط محاولاتهم بواسطة مدنيين عزل شوهد أحدهم مستلقيا في الصور أمام عجلات الدبابات.