الصحافية الإيرانية شينا شيراني

 
أثارت الصحافية الإيرانية شينا شيراني جدلًا واسعًا الأسبوع الماضي، في أعقاب إعلان استقالتها من قناة "برس تي في" وهروبها خارج إيران بعد تصريحاتها المثيرة للجدل بشأن واقعة تحرش تعرضت لها من قِبل مديرها.

ونشرت شيراني صورًا خاصة بها وهي ترتدي الحجاب، معلنة نيتها كشف ما تعرضت له من مضايقات وتحرش خلال عملها، وأتت هذه التصريحات الأسبوع الماضي بعد اضطرارها إلى مغادرة إيران، عبر رسالة على موقع "فيسوك"، كتبت فيها "لا أستطيع أن أعمل في قناة لا أؤمن بها".

 ثم نشرت صورتين وهي مرتدية الحجاب فيهما، وكتبت: بما أن هذا لم يكن كافيًا، ولم يكن ارتداء ملابس محتشمة كافيًا، فسأفضحهم، أنا متأكدة من أن زملائي يتذكرون، لقد أهِنت وفقدت وظيفتي.

ونشرت شيراني بعد يومين من ذلك تسجيلًا صوتيًّا عبر الإنترنت لمحادثة هاتفية تعود إلى مدير الأخبار في القناة، حميد رضا عمادي، يحمل توسله لها لتلبي ما يطلبه منها، إضافة إلى صورة له كان قد أرسلها لها مكتوب عليها "مدير مثير" ويأتي ذلك في أعقاب تقديم استقالتها من القناة الأسبوع الماضي.

وتم إدراج اسم عمادي ضمن لائحة العقوبات الدولية الخاصة بالاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان للعام 2013 لتورطه في المشاركة في الحصول على اعترافات قسرية لمعتقلين سياسيين.

وحوَّل الموقع الإلكتروني الإخباري "إيران وير" المكالمة الهاتفية إلى نسخة خطية، والتي عبر فيها عمادي عن إلحاحه في ممارسة الجنس مع شينا، وأظهرت الرسالة استياءها من إلحاحه المتكرر وانزعاجها من ذلك، وطلبها المتكرر أن يتوقف ويتصل بشخص آخر،

مذكرة إياه بأنها تعمل في الجدول المسائي وعليها أن تغادر حتى تصطحب ابنها، إلا أنه عرض عليها ممارسة الجنس عبر الهاتف أيضًا.

وفي أعقاب نشر التسجيل الصوتي نشرت شيراني رسالة عبر "واتس آب" تعود إلى عمادي باللغة الفارسية، يقول فيها إن كل هذا الأمر مفبرك وأنا سيقدم بلاغًا لدى الإنتربول ضد أي شخص ينشر التسجيلات، ووضحت أن تلك الرسالة هي تهديد واضح وأن التسجيل الصوتي غير مفبرك، في حين أن موظف مجهول الهوية من "برس تي في" أيّد دعواها لدى موقع إيران وير.

ودعمت شيراني موقفها من خلال نشر صورة مأخوذة من هاتفها لحمادي، بعد أن أرسلها لها وهو يقف على السجادة الحمراء ويقول "مدير مثير" ثم أرسل صورة أخرى له وهو يقف أمام مرآة يمدح خسارته للوزن, كما نشرت رسالة منه يتوسل لها أن تحذف تلك الصورة، موضحًا أن ذلك يعرضه لضغوط كبيرة، في حين أجابته قائلة "لقد أخطأت عندما ظننت أنني سأقبل التعرض لتحرش جنسي يوميًّا, كانت حياتي كالجحيم, لن أعيش مجددًا تلك اللحظات"، فعاود عمادي التوسل بحذف منشورها.

وعبَّر عمادي عن اندهاشه من إنكار شيراني للجميل قائلاً "يبدو أن هناك من لعب بأفكارك وسمَّمها"، لترد عليه قائلة "إنك تتبع أجندتك الخاصة القذرة" لتكون وتيرة المحادثة بينهما على شاكلة إصرار عمادي على مساعدته شيراني ودعمها طوال الوقت، في حين أن الأخيرة ترفض ذلك.

ويأتي قرار شيراني لنقل تلك الحرب على العلن كرد فعل عكسي، بعدما قامت مديرة سابقة في القناة بإرسال رسالة نصية لها معربة عن تعجبها من صمتها على مثل تلك المضايقات، لتجيب الأخيرة قائلة "عندما سيدعمني قائد الجمهورية بالحصول على منصب إداري ما مقابل ما قدمته لإيران سأمشي في شوارعها وأهتف أنا أحب "آغا" وهو مصطلح إيراني يعني الزعيم, وحينها لن يجرؤ أي رجل في "برس تي في" على المساس بي, ولكن في الحقيقة لا توجد لي أيّة صلة بأحد من النظام، رجال القناة ينظرون إليّ كفريسة سهلة خاصة وأنني أم لطفل وامرأة مطلقة وحيدة".

وأجرت شينا مقابلة مع الصحافية الإيرانية المعروفة بمناصرتها لحقوق المرأة، مسيج علي نجاد، والتي تعيش في بريطانيا بعد نفيها, وكشفت من خلالها عن بداية الصعوبات والمشاكل التي تعرضت لها على يد مدير الاستوديو إلا أنها تمكنت من تجاهله في البداية، ولكن المشكلة تفاقمت عندما تم ترقيته إلى مدير البث بمساندة من عمادي، وأضافت: عندما ترقى إلى منصب إداري رفيع قام بتجنيد موظفيه لإعداد تقارير منتظمة عن تحركاتي وحياتي، كما أنه هدد بمعاقبة أي شخص لا يتعاون معه في إعداد تلك التقارير, ووصل الأمر به إلى تسجيل أيّة دقيقة تأخير أو ما إذا ارتديت الكعب العالي يومًا ما على سبيل المثال.

وخلال المقابلة سألت المذيعة شينا عن السبب وراء ادّعاء عمادي دعمه لها فأجابت بأنه مديرها وكان يساعدها في كل مرة ضغط عليها مدير البث في المناوبات والخطط وحول تأخرها على الدوام، وكانت تحتاج لتلك المساعدة لأن بيئة العمل كانت تحتوي على الكثير من العقبات في وجهها.

وأشارت إلى رد الفعل الغاضب الذي تلقته في أعقاب تصريحاتها على الملأ معربة عن حزنها العميق تجاه الهجوم الذي تعرضت له من النساء والرجال على حد سواء، وبعض الاتهامات بحقها عن وجود علاقة حقيقية بينها وبين عمادي، مؤكدة أن أيّة علاقة بينهما من الطبيعي أن تؤدي إلى ترقيتها، خاصة وأنها لا تحظى بأي امتيازات أو حتى تأمين عمل، وطالبت بمساعدة المرأة الإيرانية على رفض التحرش الذي تتعرض له، مؤكدة ضرورة التعامل مع جميع طبقات المجتمع على حد سواء وأن يتم تطبيق العدالة على الجميع.

ويعتقد أن عمادي ومدير البث تم تعليق عملهما في المحطة، بالرغم من أن البيان الصادر عبر مواقعهما الإلكترونية لم يذكر أي شيء شخصي، وجاء في البيان أنه تم تعليق عمل بعض الأشخاص حتى إثبات حقيقة أو زيف ادعاء شينا، إضافة إلى اعتبار نشر التسجيل الصوتي الخاص بها تعديًا على الأمن القومي للبلاد والذي يهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية لا غير، وأنه كان يتوجب عليها اللجوء إلى الجهات القانونية لاستعادة حقها بدلًا من إشاعة الفوضى في المجتمع الإيراني.

وعلّقت شينا على أن الهجوم الذي شنته على الرجلين لم يكن بدافع شخصي، وإنما كان نتيجة لتحرش جنسي تعرضت له خلال عملها لأعوام طويلة، وأنها لم تكن المرأة الأولى ولن تكون الأخيرة التي ستتعرض للترهيب في مكان عملها.