لندن ـ كاتيا حداد
كشف الكاتب والمحاضر روي غرينسليد عن التحديات التي تواجهها الصحف المطبوعة أثناء وجوده في أيرلندا في الاجتماع السنوي لمجلس الصحافة الأيرلندية في محاضرة له بعنوان "هل حصلت الصحف على المستقبل". ويقول غرينسليد : " كانت فكرتي هو أنه ليس للصحف مستقبل في ظل انخفاض أرقام التوزيع التي تخبرنا أن الناس آخذة في التحول من الطباعة إلى الشاشة، وإنها مسألة وقت حتى يصبح من غير المربح مواصلة طباعة أوراق الصحف"، مضيفًا "وبغض النظر عن المبيعات تكمن المشكلة الرئيسية في التراجع التدريجي من قبل الممولين الرئيسيين للصحافة، حيث يواجه ناشرو العناوين المحلية والإقليمية هذه الدراما لعدة سنوات، ومع ذلك تقوم الصحف الوطنية بأداء جيد حتى الأن".
وتابع غرينسليد: " والأنباء القائلة بأن واحدة من أقوى شركات النشر وهي شركة Daily Mail & General Trust أصدرت تحذيرًا للمستثمرين بعد أن أبلغت أقسامها عن انخفاض في الأرباح بنسبة 29% تعد لحظة مؤثرة، ومن المرجح أيضا انخفاض نسبة عائدات الإعلانات المطبوعة بنسبة 13% في عناوين الشركة المختلفة مثل "ديلي ميل" و"ميل اون صنداي" ومترو خلال ستة أشهر، وكان هناك بعض التعويض من نمو الاعلان الرقمي في جريدة "ميل أونلاين" ليصل إلى 44 مليون أسترليني والتي يجب النظر إليها مقارنة بعائد الاعلانات المطبوعة في جريدة "ميل" والبالغ 80 مليونا أسترلينيا".
وأردف غرينسليد: " تأتي هذه الأنباء ضد كآبة الاعلانات من قبل الناشرين الوطنيين الأخرين مثل "تلغراف ميديا غروب" و"ترينتي ميرور" و"غارديان ميديا غروب"، ويأتي ذلك بعد وقت قصير من توقيف طباعة جريدة "الأندبندنت". وعلى الرغم من كل هذه التحذيرات السابقة نحن حاليا في خضم الأزمة، ولم يبالغ جون غابر الذي يكتب في صحيفة "فاينانشال تايمز" عندما أوضح أن Fleet Street تأتي بعد تجويف الصحف الإقليمية في بريطانيا والصحف الأميركية، مشيرا إلى أن صحيفته حذرت موظفيها الشهر الماضي من الظروف التجارية الصعبة عام 2016، وربما يكون لاستفتاء الاتحاد الأوروبي تأثير سلبي لكن تأثيره هامشي، وأصبح الاتجاه الأوضح حاليا هو ذهاب المعلنين بعيدا، ويؤكد ذلك ما علمناه بشأن تدمير نموذج عمل صناعة الصحف، وتكون النتيجة الحتمية بالتالي هي خفض التكاليف على نطاق أكبر مما كان العقد الماضي".
وبيّن غرينسليد " ولا يجب أن ننخدع بالنجاح الظاهر للعناوين المجانية مثل "مترو ولندن إفينينغ ستاندرد"، وعلى الرغم من إحصاءاتهما العالية 1.35 مليون و900 ألف على التوالي إلا أن هامش الربح طفيف، ودون النفقات العامة المشتركة أشك في قدرتهما على البقاء كشركات قائمة بذاتها، لقد حان الوقت للاعتراف بأن صناعة الصحف في بريطانيا بأكملها تتجه نحو السقوط إلى الهاوية وتكون نقطة التحول تلك عندما لا يكون هناك أمل لعكس الوضع، ولا يعني ذلك الاغلاق الفوري للصحف المطبوعة بعد درس الملاك الإقليميون ولكن ربما تستمر مع انخفاض التكاليف، وربنا يتم إنتاج الصحف من خلال هيئة تحريرية تمثل الهيكل العظمي، وفي الواقع يفعل ريتشارد ديزموند ذلك في صحفتي "ديلي وصنداي اكسبرس" و"ديلي ستار لعدة سنوات".
وأوضح غرينسليد " يمكن شغل الفراغ في الصحف المطبوعة ولكن ستكون النتيجة النهائية منتج يشبه الجريدة ولكن ينقصه أي قيمة، إنه ليس صحافة إنها مواد بلا طائل دون أي فائدة عامة، ويجب أن نضع في اعتبارنا السيناريو الذي أوضحه نيك ديفيز في فلات ايرث نيوز" عن مصطلح churnalism والذي يعني مزيدا من قصص الوكالات والنسخ الجاهزة من أنباء العلاقات العامة، ويصبح الأمر أكثر سوءًا عندما يتم تخفيض عدد غرف الأخبار. ويعتقد الناشرون المحليون أن الأمر سحري حيث يمكنهم إنتاج جريدة بعدد ضئيل من الموظفين، ولكني أعتقد أنه أمر مأساوي لأنهم يقدمون للجمهور منتجا وهميا، وبالتدريج سيقل عدد القراء ويتوقفون عن الشراء، وتعد دائرة تراجع الإيرادات دائرة مفزع وربما يتعاظم الربح في حين تنخفض جودة الإنتاج".
وأفاد غرينسليد " وقللت الصحف الإقليمية عدد الموظفين حتى أنهم أصبحوا غير قادرين على تغطية المحاكم والاجتماعات ، وبدلا من ذلك ذهب الملاك إلى الحكومة لإجبار الـ"بي بي سي" على تمويل 150 مراسلا لتقديم صحافة الخدمة العامة التي أداروا ظهرهم لها، ومن المشكوك فيه ما إذا كان هذا سيحدث أي فرق في النتيجة النهائية وهي نهاية الصحف المطبوعة. والغريب أننا على علم بذلك منذ فجر الثورة الرقمية، ولكن الكثير من الناشرين والمحررين كانوا في حالة إنكار، ويعد تراجع إيرادات الاعلانات في جميع أنحاء الصناعة دعوة للاستيقاظ بصوت عال ".