دمشق - جورج الشامي
عادت معضمية الشام إلى واجهة الأحداث بقوة، وهي المدينة التي لم تغب عن ساحة السوريّة يومًا منذ بدايتها، وشهدت المدينة قصفًا هو الأعنف من نوعه في اليومين الأخيرين. وأكدت تنسيقية "معضمية الشام" أن القصف الذي تعرضت له المدينة استخدمت فيه أنواع الأسلحة الثقيلة، ورافقته اشتباكات كانت الأشرس من نوعها، واستيقظت المدينة منذ ساعات الصباح الباكر الأحد والاثنين، على قصف مدفعي وصاروخي عنيف من مقرات الفرقة الرابعة، والفوج 100، ومطار المزة العسكري. ولم يكتف النظام بما أسقطه على المعضمية من صواريخ وقذائف، بل زاد عليه بـ 3 غارات للطيران الحربي، ما أضاف إلى دمار المدينة دماراً هائلاً، ترافق مع حرائق في الأحياء والأبنيّة السكنيّة. وأكدت تنسيقية المدينة أن حملة النظام الشرسة كانت تهدف لاقتحام المدينة، التي باتت تشكل عقدة لدى شبيحة النظام، علمًا أن المعضمية بقيت تحت نيران القصف حتى ساعة متأخرة من مساء هذا الاثنين. وتمكن مقاتلي المعارضة من صد هجوم القوّات الحكومية التي حاولت التقدم على أكثر من محور، معتمدة على حشودها المدججة بالسلاح الثقيل، وكبد المقاتلون القوات المهاجمة خسائر كبيرة في الأرواح، وسقط ما لا يقل عن 21 عنصرًا من القوات الحكومية قتلى، كما تم إعطاب عدد من الآليات، ما أجبر هذه القوات على الانكفاء. وأكدت التنسيقية أنّ الهجوم العنيف جاء بعد أيام من محاولات النظام زرع الفتنة بين أهالي المدينة، من خلال طرح موضوع الهدنة، الذي قوبل بمعارضة البعض وقبول البعض الآخر، حتى وصل الأمر إلى حد حدوث فتنة، قبل أن يُحبط مشروع الهدنة المزعومة، وهو الذي أصاب النظام بالجنون على ما يبدو، فانهال قصفًا وتدميرًا. كما أكدت أنّ المدينة ودعت 11 قتيلاً خلال 3 أشهر، رحلوا بصمت تام، لأنهم بكل أسى ماتوا جوعًا. وعددتهم باسم "شهداء الجوع"، وبينهم 6 أطفال و4 نساء. ويبدو من شهادات الناشطين أنّ هؤلاء الشهداء الذين قضوا جوعًا، لن يكونوا الأخيرين، ما لم يتم فك الحصار، الذي تشتد وطأته على أهالي المدينة وسكانها يوما بعد يوم. وروى أحد أبناء مدينة معضمية الشام لمنظمة "العفو الدولية" جوانب مأساوية من الحياة اليومية لأهالي هذه المدينة التي لا تبعد سوى 5 كيلو مترات عن ساحة الأمويين في دمشق ومع ذلك يموت أبناءها جوعاً بسبب الحصار الذي تفرضه القوات الحكومية عليها، ومنذ ثمانية أشهر لم يدخل إليها أيّ مواد غذائية أو تموينية أو طبية فهي تعيش منعزلة عن العالم لا أحد يدخل إليها أو يخرج منها ولا أحد يدخل فالمدينة التي أصبح اسمها (مدينة الجياع). وأكد شاهد العيان أنه "في أحد أيام الجوع القاسية دخلت إلى أحد المنازل لأرى أما وأطفالها بوجوه شاحبة من الجوع فهم لم يأكلوا منذ يومين، لم يكن لديهم أي شئ ليأكلوه لم يروا الخبز منذ ستة أشهر، كحال المدينة كلها، يقتاتون على بعض الخضراوات التي زرعها لهم والدهم الذي قضى في إحدى الغارات التي نفذها الطيران الحربي على المدينة منذ شهر تقريبًا" وفي أحد شوارع المدينة يلفت نظرك مجموعة من الصبية الذين يبحثون في أحد حاويات القمامة عن أي شئ يأُكل فهم جياع، ولم يجدوا سوى القمامة ليبحثوا بها، ولكن لم يجدوا شيئاً لأن السكان لم يعودوا يرمون بقايا الطعام فكل شئ صالح للأكل". وتابع "خالد الذي كان يمارس رياضة رفع الأثقال، وكان جسده مشدودًا، صاحب أكتافٍ عريضة وعضلاتٍ قوية، تغير شكله فجسده القوي المتين أصبح نحيلاً، حتى أنه أرسل لأمه، التي نزحت عن المدينة، صورة شخصية له عبر الانترنت، فظلت طوال النهار تبكي على ولدها الذي لم تعرفه للوهلة الأولى، فيقول لها فقط ادعي لي أن يلهمني الله صبراً على هذا الجوع " ونقل أنه "في أحد المنازل تجد مجموعة من الشباب في جلسة صمت لا أحد يتكلم، فتسأل أحدهم لماذا أنتم صامتون؟ فيجيب غاضباً لم نأكل منذ يومين ليس لأنه نسينا أن نأكل بل لأنه لا يوجد شئ لنأكله فنجلس صامتين لأن كثر الكلام يفقدك حريرات من جسدك أنت بحاجة إليها وإذا فُقدت لا يوجد بديل لها، في هذه المدينة أصبح الأطفال يميزون بين طعم أوراق الشجر فلكل طعمته الخاصة، بين مرٍ وحلو وحامض كما بقية أطفال العالم الذين يميزون البيتزا عن شرائح اللحم مع الصوص ويميزون طعم الشوكولا عن البسكويت الهش، تلك هي (مدينة الجياع) مدينة معضمية الشام".