لندن ـ سليم كرم
نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تحقيقا عن المسلسل التلفزيوني المصري الاجتماعي "كوفي شوب" الذي يعرض في رمضان المقبل على قناة الحافظ الإسلامية، وهو مسلسل يخلو تماما من العنصر النسائي سواء على مستوى التمثيل والتأليف والإخراج والإنتاج. حتى مدير التصوير وفريق هندسة الصوت. والمعروف أن شهر رمضان منذ فترة الستينات في مصر وهو يحظى بعدد كبير من المسلسلات التليفزيونية التي عادة ما تحظى بنسبة مشاهدة عالية على مستوى العائلات وكثيرا ما يغلب على هذه المسلسلات الطابع الرومانسي والعاطفي وتشارك فيها العديد من نجمات التمثيل، إلا أن هذا المسلسل سوف يخلو تماما من العنصر النسائي الأمر الذي يثير جدلا على الساحة الفنية في مصر. وقال كاتب المسلسل سيد سعيد إن الهدف الأساسي منه هو إثبات وجود إمكان تقديم فن جيد دون الحاجة لاستخدام نساء عاريات، ذلك رغم اعترافة بإمكان تقديم عمل تليفزيوني جيد تشارك فيه نساء محجبات، إلا أنه يرى عدم وجود ضرورة لمشاركتها في هذا المسلسل نظرا لكون المسلسل تدور أحداثه في أحد المقاهي على قارعة الطريق وهو مكان غالبا ما لا يرتاده سوى الرجال والشباب دون النساء في مصر. وتدور أحداث المسلسل عن حوار بين اثنين من رواد المقهى الدائمين وهما عمر وهو شاب مصري وطني وصديقه شريف الذي يتطلع شوقا إلى نمط الحياة الغربية، ويخلص الحوار بينهما في كل حلقة إلى أن عمرو دائما ما يكون على صواب بينما يجانب الصواب شريف. وتوصل الكاتب إلى الفكرة من واقع إحباطه بسبب غلبة الطابع الجنسي على مضمون مسلسلات رمضان والتي يعتقد أنها مهينة ومزعجة للمشاهد المحافظ في مصر، موضحا أنه فقط يحاول أن يعكس الآراء اليومية للمواطنين المصريين في المسلسل. ويرى سعيد أن المسلسل يسير في إطار الطابع المصري المحافظ، مشيرا إلى أن هدف الدراما هو عكس صورة الواقع الاجتماعي ولكن مسلسلات رمضان تستعين بالمشاهد الجنسية بغية تسويقها وهي لا تعكس واقع المجتمع المصري. وأضاف الفنان مخرج المسلسل وجدي العربي "أن مفهوم الفن عندنا يختلف عن مفهوم الفن في الغرب، لاسيما وأن البرلمانات في أوروبا تسمح بزواج المثليين أي بزواج الرجل من نظيره وكذلك المرأة وهو ما لا يحدث هنا في مصر". وعلقت الصحيفة على قناة الحافظ قائلة أن مشاهديها عادة من السلفيين والذين يغلب عليهم طابع التشدد الديني وتهدف إلى محاكاة نمط الحياة الإسلامية في القرن التاسع الميلادي. وقال صاحب القناة عاطف عبد الرشيد "إن المسلسل يرد على الاتهامات التي تتعرض لها وسائل الإعلام الإسلامية بأنها متخلفة وتفتقر إلى الابتكار والإبداع من خلال تقديم دراما خلاقة ومنطقية". ونبهت الصحيفة إلى أن هناك من ينظر إلى هذا المسلسل باعتباره دليلا على أن الثقافة المصرية أصبحت أكثر تحفظا بعد سقوط نظام حسني مبارك عام 2011. يشار إلى أن هذا المسلسل جاء بعد أسبوعين من تعيين وزير للثقافة يتعاطف بصورة للجدل مع التيار المحافظ وقيامه بإقالة عدد من كبار المسؤولين بالموسسة الثقافية في مصر، و أيضا بعد افتتاح مقهى للسلفيين في أحد أحياء الطبقة المتوسطة في القاهرة وقيام فندق بالفصل بين الجنسين في الغردقة التي تتسم بطابع الحياة الغربية. وعلقت الفنانة يارا جبران أن عرض مسلسل يخلو من المرأة لا يعكس واقع المجتمع، معتبره أن المسلسل يعد خروجا وشذوذا على الدراما التليفزيونية بدعوى أن أغلب المشاهدين يرحبون بالمسلسلات التي تصور نمط الحياة الليبرالي. ويتفق معها في هذا الرأي بعض نقاد الفن الذين يصفون المسلسل بأنه عقيم ولا معنى له ويتنافى مع ما يحدث في الشارع المصري حيث يأتي هذا المسلسل في وقت يستعد التليفزيون عرض مسلسلات أكثر ليبرالية وأكثر جرأة مثل مسلسل الداعية ومسلسل الزوجة الثانية وبدون ذكر أسماء وهي مسلسلات تنتقد رجال الدين الذين يستخدمون الدين لتحقيق مكاسب سياسية، وهو ما يمكن تفسيره بأنه إسقاط على جماعة الإخوان المسلمين وحلفائهم من الإسلاميين. ويشير الناقد جو فهيم أنه في الأسبوع الذي تم فيه انتخاب الأخوان المسلمين كان تصدر فيلم شارع الهرم شباك التذاكر وهو فيلم حافل بالمشاهد الجنسية على نحو يختلف مع فكر الإخوان.