واشنطن ـ يوسف مكي
أكد الأستاذ في جامعة دونغوسيو في كوريا الجنوبية براين ميرز أن إعلان رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ أون حالة الحرب مع الولايات المتحدة من الممكن أن يسفر عن هجمة حقيقية من جانب الجيش الكوري، خاصةً وأن آخر اختبار نووي تضمن إطلاق مقذوفات نووية يترواح وزنها ما بين 7 و9 أطنان، أي ما يعادل نصف القوة النووية التي احتوت عليها القنبلة النووية التي أُطلقت على هيروشيما وناجازاكي في الحرب العالمية الثانية. وأشارت صحيفة ديلي ميل" البريطانية إلى أن الكثير من الإشارات أوجدت الأمل في الإصلاح في كوريا الشمالية، منها ذلك القدر من الانفتاحية الذي ظهر في مشاهد جمعت بين الرئيس الحالي لكوريا الشمالية كيم يونغ أون وزوجته وهي تحمل حقيبة ديور بقيمة 1594 دولارًا، إلا أن تلك الآمال تبددت تمامًا بعد ظهور الأزمة النووية الحالية على السطح، والتي كانت هناك بعض المؤشرات تدل على اقترابها، مثل إطلاق بيونغ يانج قمرًا صناعيًا ملحق بصاروخ يصلح لحمل رؤوس قتالية عبر القارات. قامت بيونغ يانغ في أعقاب ذلك باختبار نووي تحت الأرض هو الثالث من نوعه في سبع سنوات، وكان رد فعل المجتمع الدولي عنيفًا للغاية، حيث فرض مجلس أمن الأمم المتحدة بإجماع الأعضاء بمن فيهم الصين عقوبات اقتصاية على كوريا الشمالية، مما دعا أحد الجنرالات في كوريا الشمالية إلى التهديد بتحويل واشنطن إلى كرة نار ملتهبة، إلا أن تلك التهديدات لم يكن لها وقع يُذكر، حيث ثبت للجانب الأميركي أن كوريا الشمالية ما زالت عاجزة عن تزويد الصواريخ بعيدة ومتوسطة المدى برؤوس قتالية بعد. تجدر الإشارة إلى أنه من العوامل التي تجعل كيم يونغ أون يبدو أكثر عدوانية من غيره أن الإقليم شهد أخيرًا تغييرًا لعدد من زعماء المنطقة الذين جاءوا إلى كراسي الحكم، من بينهم على سبيل المثال شي جي بنغ في الصين، وبارك جوي هاي التي تحاول أن تصنع من نفسها نموذجًا لمرغريت تاتشر في كوريا الجنوبية، وهو ما يدفع بكيم يونغ أون إلى الظهور بمظهر الحاكم القوي المتمكن. ويعرف عن نظام كوريا الشمالية والدعاية التي يروجها لنفسه أنه نظام أفعال لا أقوال، مما يرجح قيام كوريا الشمالية بهجمة نووية على الولايات المتحدة وفقًا لخبراء. وتمتلك كوريا الشمالية 12 ألف مدفع وبطارية صورايخ يمكنها إطلاق نصف مليون قذيفة وصاروخ في ساعة واحدة، وهي القدرة القتالية التي من الممكن أن تتوجه إلى عاصمة كوريا الجنوبية سول، حيث إنها لا تبعد عن الحدود الداخلية لكوريا الشمالية سوى 60 ميلاً فقط، مما قد يؤدي إلى سحق هذا المركز الحضاري الاقتصادي، وقتل 10 ميلون نسمة في غضون تلك الساعة. وفي ما يتعلق بردود الأفعال تجاه إعلان الحرب الكورية الشمالية على الولايات المتحدة، كان هناك اتجاهان في الإدارة الأميركية الأول ذهب إلى أن سوء تقدير الموقف من جانب كوريا الشمالية، من الممكن أن يوقع بها في دوامة الحسابات الخاطئة التي سوف تخسر بسببها الكثير، بينما صرح الناطق باسم البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) أنه يجب تهدئة الموقف في شبه الجزيرة الكورية. أما روسيا، فوصفت الموقف في المنطقة بأنه متفجر، وأنه لا بد من توخي الحذر في التعامل معه، حيث من الممكن أن يؤدي أي خطأ بشري إلى سقوط العالم في هوة جديدة لصراع نووي محتمل. كما صدر رد فعل الصين مؤكدًا على أنه على جميع الأطراف التزام الهدوء قبل اتخاذ أي إجراء قد يضر بالجميع، وفقًا لتصريحات الناطق باسم الخارجية الصينية هونغ لاي. واجتمع وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل مع نظيره الصيني المعين حديثًا الجنرال تشانغ وانكوان للنقاش بشأن القرارت الأخيرة التي أعلنتها كوريا الشمالية من حالة الحرب مع الولايات المتحدة. يُذكر أن الصين من أكثر الدول تأثيرًا على كيم يونغ أون، ويمكنها ممارسة ضغوط عدة لوقف الإجراءات العسكرية وسيل التهديدات التي تطلقها كوريا الشمالية ضد الولايات المتحدة، حيث تصدر الصين إلى كوريا الشمالية 90% من إمدادات الطاقة، 80% من السلع الاستهلاكية، و45% من الطعام. ويبدو أن الصين تنأى بنفسها عن مشكلة كوريا الشمالية، وتترك المسألة للولايات المتحدة للتعامل معها، والتي من المنتظر أن تلوح إلى الرجل الصغير بعصا أكبر حجمًا حتى ترجعه عن الجنون الذي هو مقدم عليه، حيث يريد الهجوم على أكبر قوة عسكرية في العالم بأسلحة لا وجود لها إلا في خياله. وتأتي حملات التطهير التي يشنها النظام الكوري بهدف دعم ومساندة الحاكم الوليد الذي تولى رئاسة كوريا الشمالية وهو لا يزال في الثامنة والعشرين من عمره، والتوطيد له في حكم البلاد، وفرضه على جيشه الجرار الذي يتقاضى أجورًا ضعيفة، وشعبه الذي طحنه الفقر. وأُطلق الرصاص بكثافة على وزير دفاع الجزء الشمالي من شبه جزيرة كوريا كيم تشول بعد عام من تولي كيم يونغ أون الحكم في كوريا الشمالية ليكون أصغر رئيس دولة في العالم. ونُفذ حكم الإعدام في هذا الرجل بعد أن طُلب منه الوقوف في بقعة صحراوية، حيث يقوم الجيش الكوري الشمالي مناوراته بشكل دوري. وكانت التهم الموجهة لكيم تشول هي شرب الخمر أثناء فترة خدمته الصباحية في عهد والد الرئيس الحالي أون، وفي الحقيقة، كانت جميع التهم الموجهة إلى تشول لا تمت للحقيقة بصلة سوى تلك الصلة التي تربط بين تنفيذ هذا الحكم بالإعدام على وزير الدفاع الكوري الشمالي وسلسلة من الاغتيالات التي اتخذت شكل أحكام بالإعدام على عدد من كبار المسؤولين في كوريا الشمالية منهم قائد الجيش الكوري ومحافظ البنك المركزي، وذلك في إطار حملة تطهير شنها النظام على كبار القادة والمسؤولين في الدولة. تتم عمليات التطهير لكبار المسؤولين في النظام الكوري الشمالي وكبار قادة الجيش من أجل عملية التمكين لهذا الرئيس الشاب في الحكم، بالإضافة إلى العمليات الأخرى التي تستهدف ضرب الرئيس جذورًا قوية في حكم البلاد، ومن بين هذه العمليات عملية تجميل خضع لها الزعيم الشاب كيم يونغ أون ليكون وجهه نسخة من وجه أول رئيس لكوريا الشمالية والرئيس الذي لا يزال يجلس على مقعد الرئاسة في البلاد رغم وفاته منذ 20 سنة، جده كيم سونغ الثاني، حيث جعلت العملية الجراحية التجميلية خدي أون وفمه نسخة من خدي وفم الجد المائل إلى أسفل. ويرجح رجال المخابرات في الغرب أن العملية التجميلية لا تتجاوز كونها محاولة لإلقاء كيم أون بظلال جده على نفسه، وإضفاء هالة من الهيبة حول نفسه، وتوجيه رسالة إلى المجتمعين المحلي والدولي تفيد أن الرئيس الشاب نسخة من جده في شكله وتوجهاته الداخلية والخارجية، على رأسها توجهاته المعادية غير المبررة للولايات المتحدة. وتثور شكوك حيال ما إذا كان الرئيس الكوري الشمالي الشاب ذو التصفيفة الغريبة للشعر نجح في اجتذاب الأضواء وسحب البساط من الجميع في ما يتعلق باهتمام المجتمع الدولي، حيث قام الزعيم الشاب بإعطاء الأوامر بنقل الصواريخ متوسطة المدى إلى الساحل الشرقي للبلاد، وهو ما حدث بالفعل، ودفع الولايات المتحدة إلى نشر أنظمة الصواريخ الدفاعية في جزيرة غوام، والسؤال الذي تثيره تلك التحركات هو: هل من الممكن أن يُقدم كيم يونغ أون على مثل هذا التحرك بالفعل؟ وهل لديه الجرأة أن يتوجه بما لديه من إمكانات عسكرية نحو نهاية العالم؟ كان الرئيس السابق كيم يونغ إل، والد الرئيس الحالي لكوريا الشمالية كيم يونغ أون من طراز ألفيس بريسلي، حيث كان يفضل ترك خصل الشعر تتدلى إلى مكان قريب من عينيه، وارتداء أحذية عالية رغم أن طوله كان يتجاوز 5 أقدام و3 بوصة. كان كيم الأب يمتلك 17 قصرًا من أفخم قصور الرفاهية في العالم، بالإضافة إلى قطار رفاهية صُنع خصيصًا من أجله يتجول به في أنحاء البلاد لتفادي أي هجوم محتمل عليه، كما كان من أصحاب الشهية الجنسية المميزة حيث كان هناك ما يُسمى "لواء المتعة"، وهو عبارة عن حاشية نسائية للرئيس الراحل تضم 2000 من أجمل النساء اللاتي تبدأ أعمارهن من 15 سنة، ويشترط أن تكون كل واحدة منهن عذراء وقت الانضمام إلى اللواء، ولا يزيد طولها على 5 قدم و2 بوصة. يعتبر كيم يونغ أون هو الابن الثالث للرئيس الراحل لكوريا الشمالية كيم يونغ إل، وتلقى تعليمه في سويسرا باسم مستعار وشخصية افتراضية، حيث كان من الضروري أن يخفي هويته أثناء تلقي التعليم في الخارج، لذلك دخل المدرسة تحت اسم ابن سائق السفارة الكورية الشمالية باك أون، ورغم أنه ليس الابن الأكبر ليونغ إل وقع الاختيار على أون ليبدأ والده في تدريبه على حكم البلاد، بعد أن ثبت له عدم جدارة الولدين الأول والثاني بتولي حكم البلاد بسبب ما أقدموا عليه من حماقات. فعلى سبيل المثال، تم إلقاء القبض على الابن الأوسط لكيم يونغ إل وهو يحاول التسلل إلى اليابان بجواز سفر مزور لزيارة "ديزني لاند"، وهو ما دفع والده إلى استبعاده من خلافته في حكم كوريا الشمالية. كان كيم يونغ أون طفلًا مرفهًا، وأصبح شابًا أكثر رفاهية يجلس على رأس نظام دكتاتوري شمولي يحكم شعبًا يصل عدد سكانه إلى 23 مليون نسمة معظمهم يقبع تحت خط الفقر، دائم التعرض إلى المجاعات بسبب حالة الفقر الشديد التي يعاني منها، ويضطر الآلاف إلى الهجرة إلى الصين هروبًا من الجوع والحرمان. ولا يقتصر الأمر على ذلك، فهناك إلى جانب الفقر القمع والاستبداد في حكم البلاد، حيث يعتبر الاستماع إلى إذاعة كوريا الجنوبية جريمة، بالإضافة إلى سلسلة من التهم التي توجب عقوبات شديدة، مثل الفشل في مدح زعيم البلاد. وتوجد جرائم أخرى كثيرة منبثقة عن النظام القمعي الحاكم في كوريا الشمالية، والتي توجب إيداع مرتكبيها ستة من معسكرات العمالة الهائلة تضم 200 ألف عامل كوري، حيث التعذيب والتجويع هما العنصران المكونان للحياة هناك. يُذكر أنه بعد تولي كيم يونغ أون الحكم في كانون الأول/ ديسمبر 2012، كان هناك أمل في أن يكون الرئيس الجديد مصدرًا للإصلاح في البلاد، وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وغيرها من دول الغرب ورغم ذلك، لم تمر أشهر قليلة حتى تم منح الرئيس الجديد الألقاب اللازمة لاستكمال مسيرة والده، ليتحول إلى حاكم مطلق للبلاد يحتفظ بمستشاري والده، وهم من دعموه بالإرشاد والنصح الذي أدى إلى اغتيال معظم قيادات الجيش، الذين أرسل إليهم كيم يونغ أون حرسًا خاصًا من القوات المسلحة ليقتلوهم، ويحتلوا مناصبهم في الجيش كقادة جدد بعد تبادل إطلاق النار.