بغداد – نجلاء الطائي
عرضت مجلة "داس بيبر" النمساوية، المعنية بشؤون اللاجئين تقريرًا عن علاقات "عاطفية" باتت تنشأ بين سيدات متقدمات في السن ولاجئين شبان ذوي أجسام جميلة، قائمة على تبادل المصالح بين الجانبين، مثل ممارسة الجنس مقابل المال. والتقت المجلة مع 3 لاجئين، بينهم عربيان، للتحدث عن كيفية دخولهم في مثل هذه العلاقات، وما الذي يدفعهم لمواصلتها، رغم أنها ليست قسرية.
ويقول حسان، وهو اسم مستعار للاجئ عراقي في الرابعة والعشرين من العمر، قدم إلى النمسا منذ 3 أعوام، كان يعمل في بلاده مدرب لياقة بدنية محترفاً، إنني "في موطني كنت رجلاً، أنا هنا لا شيء"، حيث يشعر بنفسه كـ"طفل صغير".
ويروي كيف دخل هذا العالم، حيث التقى بسيدة في الخمسين من العمر تقريباً في ملهى قبل 8 أشهر، بعد تناول بعض المشروبات، وأخبرته أنه مثير، قبل أن تسأله "إن كان يُريد مرافقتها إلى منزلها"، لتنتهي الليلة بممارستهما الجنس، وهو ما تكرَّر لمرات لاحقاً.
وفي ظل عيشه مع 8 لاجئين آخرين في شقة مكونة من غرفتين، لم يتردد عندما عرضت عليه السيدة الانتقال للعيش معها في شقتها، على مبدأ أنه "ليس لديه ما يخسره".
ويقول حسان إنه من الصعب العثور على صديقة في النمسا، لأن الكثير من الشابات يخشين من اللاجئين. وتشير المجلة إلى أن هذا السبب أيضاً يلعب دوراً في قبول الشباب المهاجرين الدخول في علاقة مع السيدات المتقدمات في السن، اللواتي يقدمن لهم الإقامة والمال والهدايا مقابل الجنس الذي يحصلن عليه مع شبان وسيمين.
ويشير حسان إلى أنه عندما سأل ليندا (اسم مستعار) عن قيمة الإيجار الذي ينبغي عليه دفعه، قالت له إن الشقة ملكها، لذا لا يتوجب عليه دفع شيء، وعليه فقط الاهتمام بكلبها، عندما تكون في العمل.
ويوضح أنه كان يذهب لنادي اللياقة البدنية عندما كانت تعود ليندا من العمل، إلا أنها لم ترد أن يتدرب في النادي، لأن "هناك الكثير من السيدات والأجانب". ولتحل الإشكال قامت بتسجيله في نادٍ خاص للياقة البدنية، وأصبحت تدفع 120 يورو شهرياً مقابل تدريبه، وترافقه يومياً إلى النادي وتجلس في مقهى قريب حتى ينهي تمرينه ثم يعودان معاً للمنزل.
وبعد 6 أشهر من مواصلة هذه العلاقة بات حسان يشعر بأنه مقيد ويجري استغلاله، إذ "تطلب ممارسة الجنس 4 مرات يومياً. أنا آلة جنس بالنسبة لها لا شيء أكثر".
وعلى الرغم من أن بإمكانه المغادرة ببساطة، إلا أنه عرف "الجانب الجميل" من الحياة هناك عبر ليندا، بحسب المجلة، فعبرها استطاع تجربة أكل السوشي للمرة الأولى، وشرب النبيذ الباهظ الثمن، كما أنها تدفع ثمن تدريبه في النادي وملابسه وأدواته الرياضية وفاتورة هاتفه.
ويرى مانفريد بوخنر من مركز "مينرغسوندهايتتزنتروم" الاستشاري، أن سبب بقاء حسان يكمن في التبعية الكبيرة، ليس من الناحية النفسية بل المادية، مشيراً إلى أن الكثير من هؤلاء الرجال مهددون بالتشرد، وفقدان المرجعية إن ذهبوا.
ويوضح بيتر شتيبل، رئيس الرابطة الاتحادية للمعالجين النفسيين في النمسا، أن رجالاً كحسان لا يصنفون بين الضحايا الكلاسيكيين، لأن باستطاعتهم المغادرة متى يشاؤون، وأنهم يُغرون بالمال ولا يُغتصبون، مستدركاً بالقول إن الأمر يتعلق هنا بالاستغلال، الذي يحصل عندما تُستخدم الحاجة والفارق المادي الكبير لأجل إشباع النزوات الجنسية للأغنى.
لكن توجب على حسان التضحية مقابل الاستفادة المادية، إذ يقول: "لم أقابل أحداً سوى ليندا منذ شهرين. تريد أن أكون موجوداً لأجلها فقط"، معبراً عن عدم تصديقه لكونها تحبه، لأنها لا تريد من المحيطين بها أن يعلموا بأمره، "ولا تريد سوى الجنس".
ولكي تتفادى ليندا معرفة أصدقائها بأمر حسان، سافرت معه عدة مرات إلى إيطاليا وكرواتيا وهنغاريا. ولكي يتحدث مع مراسل المجلة، توجب على حسان أخذ الإذن كـ"طفل صغير" منها، بحسب ما ذكرت المجلة، التي أشارت إلى أن ليندا لم ترغب بالاجتماع معهم، كي تشرح الأمر من وجهة نظرها.
ويقول حسان إنه لا يعرف متى سيتركها، رغم أنه كان على وشك فعل ذلك لعدة مرات. وتحدثت المجلة عن حالة شاب آخر يدعى طارق (اسم مستعار) في السادسة والعشرين من العمر، من مدينة حلب السورية، وصل إلى النمسا في العام 2015، لديه علاقة من نمط آخر عما كان عليه الأمر مع حسان.
وبعد أن اشترط بدافع الخوف ألا يتم ذكر اسمه أو اسم السيدة الحقيقيين، تحدث مع المجلة وهو يغالب دموعه، خجلاً، عن علاقته مع بيترا (اسم مستعار).
وبين طارق، القادم مع أخوين يصغرانه للنمسا، والمقيم في البداية في مخيم للاجئين في منطقة كيرنتين، أنه تعرف على بيترا (51 عاماً) في العام 2015 في دورة اللغة الألمانية، عندما كانت معلمة هناك، وشعر بالسعادة عندما عرضت عليه الانتقال للعيش في منزلها مع زوجها وبنتها البالغة من العمر 20 عاماً.
وأشار إلى أنه كان ينظر لها كشخص في مقام الأم، وعائلتها، كإحدى العوائل الكريمة التي تساعد اللاجئين، لكن مع مضي الوقت باتت أكثر تعلقاً به، فقالت له مرة "إنه يذكرها بحبها الأول"، فعرف حينها أنها لا تكنّ له مشاعر الأمومة "بل تريد ما هو أكثر من ذلك".
وعندما قال إنه سيترك المنزل، هدَّدته بالمساهمة في ترحيل شقيقه الأصغر (17 عاماً)، فبقي، لاسيما أنه لم يكن يملك المال لاستئجار شقة، لأن بيترا كان تعطيه المال الذي يجنيه من العمل بشكل غير قانوني في شركتها على شكل هدايا وملابس.
ولفت طارق إلى أنه لم يستطع البقاء في منزلها بعد مرور عام، فطلب من زوجها -الذي نادراً ما كان يتواجد في البيت ولم يدرِ أو لم يُرد أن يدري ما الذي يجري- مساعدته في البحث عن شقة، فوجد له واحدة في فيينا، إلا أنه لم يرتح من وجودها حتى بعد انتقاله إلى هناك، فباتت تأتي، وهي التي تملك مفتاحاً ثانياً للشقة المؤلفة من غرفة واحدة، أسبوعياً، لزيارته، جالبة معها الكحول والمخدرات، طالبة منه الشرب والتدخين معها.
وزعم أنه رفض ذلك وكان ينام على أرضية المطبخ، إلا أنها كانت تناديه إلى السرير، رغم أنه كان ينظر لها كأم، ولا يستطيع أن يصدق ما الذي تفعله هناك. وقال إنها اشترت له تلفازاً، وعرضت عليه شراء سيارة له، لكنه رفض لأنه يعرف ما الذي يكمن وراء هذا العرض، فسعى إلى ألا يظلَّ معتمداً عليها، واستدان مبلغاً مالياً من معارفه لدفع مبلغ التأمين للمؤجر.
وذكر أنها ما زالت تحاول التواصل معه وإرسال الطرود البريدية، والبريد الإلكتروني له، ترجوه لكي يزورها، وحاولت التواصل مع مؤجره، وروت له قصصاً مروعة عنه، آملة في أن يتم طرده ويعود للعيش في منزلها، الأمر الذي لم يحدث.
ورداً على نصيحة من المجلة كي يقدم بلاغاً عنها للشرطة بتهمة الملاحقة، قال طارق: "أنا لاجئ وهي نمساوية، ليست لدي فرصة، أود فقط العيش بسلام". وروى شاب أفغاني أصغر عمراً من حسان وطارق للمجلة عن عدة تجارب له مع السيدات المسنات بعد وصوله للنمسا، وكيف أنه يواصل علاقاته حتى بعد أن أصبحت لديه صديقة تقاربه في السن، لا تعرف شيئاً عما يفعله.
شتيبل، رئيس الرابطة الاتحادية للمعالجين النفسيين في النمسا، اعتبر أن مثل هذه العلاقات تشكل بالنسبة لهؤلاء الرجال إهانة مزدوجة، فبالإضافة إلى أخذ المال مقابل الجنس، يتبعون، وهم القادمون من حضارة تكون فيها الكلمة الأولى للرجل، النساء فجأة، وهو ما أكده الشاب الأفغاني.
وذكر شتيبل باستخدام كلا الجنسين عادة لما هو متوفر مادياً أو اجتماعياً لإشباع الرغبة الجنسية، وبقدوم اللاجئين الفقراء مادياً والضعفاء من الناحية الاجتماعية، يصبح الحصول على الممنوعات ممكناً، فتسقط التابوهات والعوائق أمام الراغبين.
وبينت المجلة أن هذا الموضوع لا يعد أمراً اعتيادياً حتى في النمسا، بل هو من المحرمات، ورفض العديد من الناس التعليق على الأمر، موضحة أن هذا النوع من العلاقات معروف في أوساط اللاجئين، حيث أجروا لقاءات مع 6 شبان لأجل هذه المادة، وكان سهلاً جداً بالنسبة لصحفي سوري شارك في كتابة المادة إيجاد 5 شبان آخرين دخلوا في مثل علاقات كهذه.
وكان تقييم النمساويين متفاوتاً على التقرير على موقع فيسبوك، فقالت معلقة على صفحة المجلة بموقع فيسبوك، إنه لأمر مثير للضحك، إظهار هؤلاء الشبان على أنهم ضحايا، لأن لديهم حرية الاختيار في رفض هذه العلاقة.
وأكد معلق آخر، أنه في حال عدم وجود ابتزاز أو استغلال، فإنه يرى في الأمر علاقة تجارية بين شخصين بالغين. وقالت سيدة إنه لأمر محزن، وتسأل نفسها، وهي في الـ55 من العمر أيضاً، ما الذي يدور في بال هؤلاء السيدات عندما يفعلن هذا.