باريس ـ مارينا منصف
وبخ أحد القتلة في تنظيم داعش- والمتهم بأنه الرأس المدبر للعمليات المتطرفة في فرنسا، الجهاديين الذكور لعدم ارتكابهم المزيد من الجرائم بعد أن تم القضاء على خلية تطرفية من النساء. ويعتقد المسئولون أن المتطرف رشيد قاسم والذي ظهر في أحد فيديوهات داعش وهو يقطع الرؤوس هو المدبر الرئيسي لمئات عمليات التجنيد عن طريق الرسائل المشفرة عبر العديد من التطبيقات الإلكترونية.
ويعتبر هذا المتطرف "من مدينة ليون شمال فرنسا" أنه الرابط بين على الأقل أربع عمليات تطرفية تم تنفيذها في فرنسا منذ يونيو الماضي، بما فيها عصابة اجرامية من النساء تم توقيفهن بسبب سيارة مليئة بالمتفجرات تركت بالقرب من كاتدرائية نوتردام. وبعدما تم إحباط هذه العملية قيل إنه أرسل برقية لأتباعه الذكور قائلاً: "ما هو عذركم؟ أين الأخوة؟ وقال إن عددًا قليلًا جدًا من الرجال يشنون هجمات تطرفية.
وبحسب جريدة لوموند الفرنسية والتي لم تكشف عن كيفية حصولها على هذه الرسالة، كتب قاسم قائلاً: "لابد وأن تفهموا أنه إذا اتخذت النساء مواقف إيجابية، فهو بالتأكيد لأن قليلًا جدًا من الرجال يقومون بدورهم". ومن الواضح أنه كان يشير إلى أصغر عضوات التنظيم التطرفي والتي تبلغ من العمر 19 عامًا، وتم التعرف عليها عن طريق سيارة والدها التي تركت أمام الكاتدرائية. وأضاف قاسم: "لقد كان أمامها حياتها كلها ولكنها اختارت طريقها وقررت القيام بعمل ما ولكنهم أوقفوها قبل أن تنجح. ولكني أتحدث عن نواياها. وانت.. ما عذرك؟.
وتحاول التحقيقات الآن الوصول إلى الدور المحدد الذي قام به قاسم في العمليات الأربعة التي حدثت خلال هذا العام، ولكن المسئولين يقولون إنه المحرض الرئيسي والمسئول عن التجنيد ويحمل رسالة داعش للمسلمين الأوروبين للقيام بعمليات تطرفية داخل أوطانهم. وآخرًا يعتقد أنه كان على اتصال بفتاة تبلغ من العمر 19 عامًا عضوة في خلية تطرفية من السيدات الفرنسيات فشلن في محاولتهن لتفجير سيارة وقتل عناصر من الشرطة.
وكان المجرد لاروسي عبد الله قد تم إطلاق النار عليه وقتله عندما اقتحمت الشرطة المكان لإنقاذ طفل الشرطي المتوفي والذي يبلغ من العمر 3 أعوام فقط. وقد ظهر الفيديو مرة أخرى في دعاية تنظيم داعش على الرغم من أن شركة فيس بوك مسحته بسرعة من على موقعها. وقد أعلن قاسم بنفسه في فيديو عن مسئولية داعش عن حادث الحافلة بمدينة نيس الفرنسية يوم 14 يوليو والذي راح ضحيته 86 شخصًا والذي هدد فيه فرنسا وقام بقطع رأس أسير في العراق. ووجه قاسم خطابه للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قائلا: "لقد أعلنت أن هجمتك علينا ستزيد، وفي المقابل ستكون عملياتنا أكثر حدة وقسوة".
وذبح اثنان من الفرنسيين في 26 يوليو/تموز كاهنًا مسنًا في مدينة نورماندي وتم اتخاذ اثنين من الراهبات واثنين آخرين من المصلين كرهائن حتى جاءت الشرطة وحررتهم وقتلت المهاجمين. وفي هذه الحادثة أيضًا كان لقاسم دور، حيث إنه هو الذي عرف المهاجمين عادل كيرمشي وعبد الملك بيتيجان على بعض. ومرة أخرى الفيديوهات التي صورها التطرفيين ظهرت على وسائل الإعلام الخاصة بداعش.
وفي نهاية الأسبوع الماضي تم توقيف صبي يبلغ من العمر 15 عامًا لإحباط ما اعتقدت الشرطة أنه عمل تطرفي خطط له في نهاية الاسبوع، وهو شخص اخر على علاقة بقاسم والذي تم التعرف عليه قبل أن يقوم بتجنيد الشباب. وقال إمام المسجد في مدينة روان "لقد حاول تجنيد الشباب، وقال لهم ليس بالصلاة فقط تصل للجنة، فهناك طرق أخرى". وقد أعلنت داعش مسئوليتهن عن حادث الكنيسة ومهاجمة الشرطة، ولكنها التزمت الصمت حول السيارة المحملة باسطوانات الغاز ومقتل الشرطيين، والتي قال المدعي العام لباريس إنها جاءت أثناء حملة لمنع النساء من القيام بعمليات تطرفية.
وكانت واحدة من أولئك السيدات تدعى سارة "23عامًا" كانت مخطوبة في البداية لــعبد الله ثم بعد ذلك لكيرمشي بحسب ما قاله المدعي العام فرانسوا مولانز. وأضاف مولانز أن تصرفات هؤلاء السيدات يتم التحكم فيها عن بعد عن طريق أشخاص في سوريا منضمين لصفوف داعش، وهو ما يدل على أن هذا التنظيم الاهابي يريد أن يحول النساء لمقاتلات باستخدام اسم آخر غير داعش. والطريف أن كاسم هو مغني راب هاوي، ومن المتوقع أن يكون قد تم استقطابه عن طريق الانترنت او اثناء زيارته للجزائر في 2011. وهنا اغنيتين له احدهما "انا تطرفي" والاخري "هجوم الراب". وهناك أقاويل انه هجر فرنسا مع زوجته وأبناءه الثلاثة إلى مصر. وقد ظهر في وسائل اعلام داعش في سوريا والعراق واستطاع إقناع ما يقرب من 300 شخص للقيام بهمات تطرفية داخل أوطانهم، حتى أنه ينشر لائحة المطلوبين لديه وسيناريوهات لكيفية قتلهم.
وفي هذه الاثناء يظل تطبيق تيليجرام على الهواتف الذكية هو المفضل لدي داعش بفضل الرسائل المشفرة التي يرسلها ويصعب مهمة قوات مكافحة التطرف في تعقبها. كما أن هذا التطبيق المجاني الذي يسمح بتبادل الرسائل والفيديوهات والصور بين مجموعات قد تصل لـخمسة آلاف شخص، اصبح يستخدمها ما يقرب من 100 مليون شخص حوال العالم منذ اطلاقها في 2013. وفي هذا التطبيق بعض الخصائص التي يستفيد منها الجهاديون والذين يطمئنون أن رسائلهم الخاصة أصبحت بعيدة عن أعين أجهزة الاستخبارات.
وبعد أن قام مسلحون وانتحاريون بقتل 130 شخصًا في باريس في نوفمبر الماضي، قامت تلجرام بحجب عشرات القنوات التي كان المتطرفون يبعثون رسائلهم عبرها. ولكن الروسيبافل ديرفو مؤسس تليجرام مع شقيقه نيكولاي اكد على انه هو نفسه لا يستطيع اعتراض الاحاديث الخاصة بالمستخدمين. وفي فرنسا التي عانت من سلسلة من الهجمات التطرفية منذ مذبحة باريس، لايزال المحققين يحاولوا تعقب اتصالات قاسم والذي يشتبه في أنه يستخدم تلجرام لتوجيه الناس لينفذوا العمليات التطرفية. وبم أنهم لا يستيطعون الوصول لرسائل تلجرام المشفرة فاقصي طموحات اجهزة المخابرات هو التسلل إلى داخل غرف المحادثات الخاصة بالجهاديين كاحد افرادها. ولكنهم قد يثيروا الشكوك فلابد أن يكون حديثهم مقنع.
وكان أحد المحققين يرى أنه على من يقوم بهذه المهمة أن يكون لديه خلفية ثقافية ودينية كبيرة، بالإضافة لكونه ممثلًا ماهرًا. وتأكيدًا على ثقة تلجرام من تأمينها قد أعلنت عن مكافأة 300 ألف دولار لمن يستطيع اختراقها. وفي مايو الماضي وصف باتريك كلافير رئيس المخابرات الفرنسية أن تليجرام هي الشبكة الرئيسية التي يستخدمها التطرفيون. ويأتي استخدام مثل هذه التطبيقات والتي انتشرت بعد تسريبات الامريكي ادوارد سنودن لملفات أجهزة الاستخبارات الأمريكية ليثير الجدل حول حقوق مستخدمي الإنترنت في الخصوصية ودور أجهزة الاستخبارات في حماية العامة.