الهلال الأحمر الإماراتي

الحاجة (أم محمد) عانت الكثير بعد أن تقطعت بها السبل عن زوجها وولدها اللذين ما زالا محاصرين في سوريا ولم يتمكنا من اللحاق بها إلى الأردن، حيث أقامت في مخيم الزعتري وحيدة تتشارك مع العائلات الأخرى هموم اللجوء.
لكن الهلال الأحمر الإماراتي ساهم في إدخال الفرحة على قلب الحاجة أم محمد التي علمت بوجود شقيقة لها في الأردن لكنها لم تكن تعلم مكانها بالتحديد، وتمكن الهلال الإماراتي من إيجاد شقيقتها التي كانت تقيم في المخيم الإماراتي الأردني مريجيب الفهود وجمعهما معاً في مشهد تمتزج به دموع الفرح بالحزن.
وأم محمد لم تكن الوحيدة التي تمكنت من الالتقاء بأقاربها في الأردن، حيث تمكن الهلال الأحمر الإماراتي المتواجد في الأردن من لم شمل اكثر من 400 لاجئ سوري خلال الأسبوع الماضي في خطة للم شمل نحو 2000 لاجئ بنهاية كانون الثاني/ يناير الجاري معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة للإقامة مع أقاربهم في المخيم بعد ان فرقتهم الحرب وجمعهم الهلال الأحمر الإماراتي ليقيموا مع أقاربهم في المخيم الإماراتي الأردني.
وأكد مدير فريق الهلال الأحمر الإماراتي في الأردن مبارك حمد الجنيبي أن المخيم يقوم دوريا وكل يوم أربعاء بعمل لم شمل لعدد من الأسر اللاجئة التي لديها أقارب في المخيم الإماراتي الأردني.
ولكن بحكم العاصفة الثلجية وظروف المناخ وتضرر خيم عدد من اللاجئين في المخيمات العشوائية بسبب الطقس ارتأينا تكثيف لم الشمل لاستيعاب عدد اكبر من اللاجئين وبشكل خاص من لديه أقارب في المخيم لتخفيف المعاناة التي يمرون بها بسبب ظروف اللجوء وأحوال الطقس.
وأشار إن معدل استقبال اللاجئين الجدد في المخيم خلال الأسبوع الماضي كانت بمعدل 100 لاجئ للوصول إلى نحو 2000 لاجئ بنهاية الشهر، حيث يتم استقبال اللاجئين بالتنسيق مع الأمن الأردني وعمل فحوصات طبية لهم وتسجيلهم في نظام المخيم الذي يحدد عدد كل عائلة وحالتها الصحية واحتياجاتها اليومية من الغذاء والدواء والكساء وغيره.
وأكد الجنيبي أن هذا الإنجاز ثمرة جهود كبيرة لفريق الإغاثة الإماراتي الموجود في الأردن منذ بداية الأزمة السورية الذي يعمل على التخفيف من معاناة آلاف الأسر اللاجئة، من خلال تقديم المساعدات المالية والإغاثية والصحية والطبية والنفسية، إذ إن 70% من المساعدات التي قدمها الهلال منذ بداية الأزمة ذهبت إلى اللاجئين السوريين في الأردن الذين يفوق عددهم نصف مليون لاجئ وفق الإحصائيات الرسمية.
التقينا عائلات لاجئة أخرى تم استضافتها في المخيم الإماراتي خلال مرافقتنا لوفد الهلال الأحمر منهم عامر أيوب الذي كان يقيم وحيدا في الزعتري وتزوج مؤخرا إحدى اللاجئات هنالك لينتقل بعد أيام إلى المخيم الإماراتي وتكتمل فرحته بزفافه والتقائه بأشقائه وأسرهم في مريجيب الفهود .
ذلك المخيم الذي يعتبر من أفضل المخيمات على مستوى المنطقة.يقول عامر الذي قدم منذ اكثر من عامين إلى مخيم الزعتري تحت وابل القصف، إن السبل تفرقت بهم بعد ان فقد الاتصال بإخوانه الذين قدموا إلى الأردن فأقام في مخيم الزعتري ولم يفقد الأمل في إيجاد إخوانه حتى تقدم بطلب للهلال الأحمر الإماراتي في الأردن وجاءت المفاجأة بأن إخوته يقيمون هناك، كل ذلك وسط فرحته بعروسه.
وأوضحت سهى علي، وهي طفلة عمرها 9 سنوات، "كنت أقيم مع أقاربي في مخيم الزعتري، بعد أن فقدت والدي وتقطعت بنا السبل خلال خروجنا من سوريا، بسبب ظروف الحرب، وكل ما أذكره أن والدي أصيب برصاصة خلال خروجنا، ولم يستطع اللحاق بنا وقتها، وظلت أمي معه حتى يتمكن من المغادرة، وأصر والدي على مغادرتي خوفاً علي مع أقاربي، أكدوا لي أننا سنلتقي من جديد، بعد أن يتعافى والدي".
وتكمل الطفلة سهى "كان أقاربي قد أخبروا إدارة المخيم ببحثنا عن والدي، وبعد فترة اتصل بنا أحد العاملين في المخيم الإماراتي الأردني، ليخبرنا بأن والديّ موجودان في مخيم الزعتري، وتمت بعدها إجراءات نقل والدي، وانضممت إليهم على الفور، إذ حقق لي الهلال الأحمر الإماراتي السعادة من جديد، بعد أن تملكني اليأس من إيجاد عائلتي".
لحظات مؤثرة جدا التقت فيها دموع الفرح والحزن عند لقاء اللاجئين مع أسرهم في المخيم الإماراتي وتقاسمنا إحدى هذه اللحظات مع فطوم الشوا: استشهد ابني الكبير 26 عاما في سوريا بعد تعرضه لانفجار في المنطقة وزوجي في الحصار .
وكان علي أن أحمي أطفالي، أحمي ابنتي الكبرى 17 عاما والصغرى 12 عاما وطفلي الصغير تعرضنا لظروف قاسية وصعبة للغاية ونتيجة حزني على ابني وخوفي علي بناتي لم اكن أعرف أين اذهب وكيف أتصرف، وبفضل الله وأهل الخير استطعت الخروج من سوريا عبر سيارات النقل حتى وصلنا مخيم الزعتري، ولم أشعر باطمئنان إلا بعد ان قدمت إلى المخيم الإماراتي الأردني فهو آمن ومريح جدا وتتوفر فيه كل الخدمات.
وأضافت والدموع تملأ عينيها، وقلبها يعتصر ألماً بما حل بهم، وأطفالها الصغار حولها تتراوح أعمارهم بين سنتين وسبع سنوات لا تعرف ما ينتظرهم، وكل منهم يحمل بيده الصغيرة أغراضه البسيطة، وتوجهت بالشكر لحكومة الإمارات وشعبها على وقوفهم معهم في محنتهم.