القاهرة - أحمد عبدالله
أشاد البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، بمصر، قائلاً إنها أرض الحضارة والتاريخ، حيث كان نهر النيل رمز الحضارة وضوء العلم في مصر، التي كانت ولاتزال أرض التعايش والدين والعلم، معربًا عن أمله في أن يحفظها الله دائمًا، حيث رعت مصر الحضارات والثقافات المختلفة، وأكدت أهمية الاعتراف بالغير، ما ترك أثرًا واضحًا في تقدمها في جميع المجالات، ومنها الرياضة والعمارة وكل فروع المعرفة والتعليم، كما أثنى على الشعب المصري، وسعيه إلى البحث عن السلام.
وأشار، في كلمته خلال مؤتمر الأزهر العالمي للسلام، إلى أهمية تعليم الشباب وتلبية احتياجاتهم الأساسية، من أجل نشر السلام، مبينًا أن التعليم يسعى إلى الارتقاء بالنفس والمشاركة الفعالة. وأكد أهمية الهوية المنفتحة على الجميع، والتي تسعى إلى الحوار مع الجميع، منتقدًا العنف الذي يؤدي إلى الشر والعنف بالضرورة، ومبينًا رفض الرسالات الإلهية للعنف وحرصها على كرامة الإنسان.
وأوضح بابا الفاتيكان أن مستقبل البشر يعتمد على الحوار بين الأديان والثقافات، وهو ما تقوم به لجنة الحوار بين الأزهر والفاتيكان، التي تعمل على أداء واجبها بشجاعة وإخلاص، والحفاظ على الهوية بعيدًا عن الغموض وعدم الصراحة، قائلاً: "إننا نعمل بشجاعة مع الخلاف، الذي لا يدعو إلى أي ضرر". وأكد البابا ضرورة رفض البربرية التي تدعو إلى العنف، داعيًا إلى تنشئة الأجيال على الخير، واعتماد استراتيجية كاملة لتحويل التنافسية إلى تعاون مع احترام الآخر.
وقال: "إننا، مسلمين ومسيحين، مطالبون بالمساهمة فى التعاون، في إطار من الأخوة"، موجهًا الشكر إلى شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، على تنظيم المؤتمر والدعوة إليه. وأضاف، خلال كلمته فى المؤتمر: "أننا كمسيحين ومسلمين أخوة، ونعترف بأننا مشاركون جميعًا في مكافحة الشر الذي يهدد العالم"، مشددًا على أهمية مواصلة الجهود لصنع السلام، وليس التسليح أو إثارة النزاعات، قائلاً: "لا بد أن نكون دعاة تصالح ولا ننشر الدمار، ونتعاون لإنهاء الفقر ووقف تدفقات السلاح التي تشجع العنف، والسعي إلى نشر العوامل التي تساعد على وقف سرطان الحرب".
وأعرب عن أمله في أن يعم الأمان أرض مصر، وأن يساهم في صنع السلام من أجل شعب مصر الطيب، وشعوب كل دول الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أهمية التفرقة بين الدين والسياسة، مؤكدًا أن الدين ليس المشكلة، بل جزء من حل المشكلة، كما طالب بازدهار الأديان من جديد ليتعلم الجميع كيف يبنون الحضارة، مشيرًا إلى رفض الدين لكل أشكال العنف والكراهية.
وأعلن بابا الفاتيكان رفضه أي أعمال عنف ترتكب باسم الدين أو الله، مبينًا أن قدسية الحياة البشرية ترفض أي عنف ديني أو نفسي أو تربوي، فالإيمان ينبع من حب الله وحب الآخر، بعيدًا عن الكراهية . كما أشار إلى مسؤولية رجال الدين في كشف العنف الذي يظهر ويقدم نفسه تحت غطاء ديني، مطالبًا بكشف حقيقة ذلك وكل صور الكراهية التي تعارض كل الأديان، التي تدعو بدورها إلى السلام ونبذ أي شكل من أشكال العنف باسم الله. وجدد البابا، من أرض مصر، رفضه الواضح لأي شكل من أشكال العنف والانتقام والكراهية التي ترتكب باسم الدين أو باسم الله، مؤكدًا قدسية كل حياة بشرية بعيدًا عن أي نوع من أشكال العنف.
وأضاف: "الدين يدعو إلى نشر السلام دون التخلي عن الأدوات المساعدة للوصول إلى التصالح، ولا بد أن نطلب من الله أن يهبنا السلام، ونتمكن من الحوار لنصل إلى الوئام والتعاون والصداقة". وعقب الانتهاء من كلمته، عانق البابا شيخ الأزهر مرتين، وسط تحية الحضور ترحيبًا به وتقديرًا للمعاني الطيبة التي حملتها كلمته.