جانب من مطار صنعاء في 7 اب/اغسطس 2013

 باتت مغادرة اليمن لمتابعة التحصيل الجامعي في الهند حلما صعب المنال لعبد السلام خالد، في ظل الحصار المفروض منذ اشهر من التحالف العربي بقيادة السعودية، الامر الذي يدفع ثمنه أيضا مصابون بحاجة الى علاج ملح.

وخالد (34 عاما) هو واحد من آلاف باتوا عاجزين عن مغادرة اليمن، بسبب الحصار الذي يفرضه التحالف على مناطق المتمردين منذ بدأ عملياته في آذار/مارس 2015، وشدده في آب/اغسطس مع وقف حركة الملاحة بالكامل في مطار صنعاء.

ويقول عبد السلام خالد المقيم في صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون منذ ايلول/سبتمبر 2014، لوكالة فرانس برس، انه يأمل في متابعة تعليمه العالي ونيل شهادة ماجستير في اللغة الانكليزية بالهند بناء على منحة حصل عليها، الا انه بات حاليا عالقا في العاصمة بلا امل.

ويضيف "الطرق غير آمنة لأصل الى المطارات (الاخرى)، لذلك لا أستطيع إكمال دراسة الماجستير في المستقبل القريب".

ويشهد اليمن منذ اكثر من عامين نزاعا داميا سيطر خلاله المتمردون الحوثيون على صنعاء، وتقدموا في اتجاه مناطق اخرى في الوسط والجنوب. ومكن التحالف القوات الحكومية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي من استعادة خمس محافظات جنوبية في صيف 2015، ولا تزال مناطق عدة تشهد غارات ومواجهات بشكل يومي.

وفرض التحالف منذ بدء عملياته، حصارا بحريا وجويا على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. الا ان الحركة في مطار صنعاء تواصلت بشكل محدود، واقتصرت على رحلات لمنظمات انسانية وللامم المتحدة، واخرى لشركة الخطوط اليمنية (الى عمان والاردن ونيروبي)، علما ان طائرات الشركة كانت تخضع للتفتيش في السعودية.

واوقف التحالف حركة الملاحة المدنية من المطار واليه بشكل كامل منذ آب/اغسطس، مع استئنافه الغارات الجوية على صنعاء ومحيطها اثر تعليق مشاورات سلام بين اطراف النزاع أقيمت في الكويت برعاية الامم المتحدة.

وتقتصر الملاحة حاليا على رحلات انسانية بشرط نيلها موافقة مسبقة.

ويقول المدير العام للمطار خالد الشايف "المطار مغلق منذ شهرين (...) أبلغت دول العدوان ان المطار مغلق لـ 72 ساعة. تجددت الفترة 72 ساعة اخرى وأغلق المطار من يومها حتى هذه اللحظة".

ويضيف لفرانس برس "هناك حالات إنسانية بالآلاف: مرضى وطلاب ومغتربون" لا يستطيعون السفر، و"حالات إنسانية كثيرة جدا عانت من هذا الاجراء سواء من العالقين في مطارات أخرى او الحالات المرضية والانسانية الموجودة في الداخل".

ويتحدث المدير العام للنقل الجوي مازن الصوفي عن "اضرار كبيرة جدا" جراء وقف حركة المطار.

ويوضح "هناك الآن العديد من العالقين. تجاوز العدد 20 الف يمني خارج البلاد يريدون العودة الى اليمن. هؤلاء لا يستطيعون الآن مواجهة نفقات المعيشة" في الدول التي يتواجدون فيها.

ويضيف "هناك أيضا العديد من الحالات المرضية المستعصية التي تحدث يوميا بسبب الحصار على مطار صنعاء الدولي"، و"هناك العديد من الطلاب الذين فقدوا مدارسهم ولم يلتحقوا بجامعاتهم".

وكان منسق الامم المتحدة للشؤون الانسانية في اليمن جايمي ماكغولدريك دعا اخيرا "كل الاطراف الى السماح للرحلات باستئناف نشاطها الى صنعاء ليتمكن الناس من نيل راحة يحتاجونها بشدة".

- "كارثة انسانية" -

وانعكست الاضرار في البنية التحتية للمطار على عملية ايصال المساعدات الانسانية.

ويؤكد نائب مدير برنامج الاغذية العالمي في اليمن أدهم مسلم وجود "صعوبات كثيرة" لايصال المساعدات، "تبدأ بالتصاريح الامنية والتأخير في شراء المواد الغذائية وادخالها عبر البحر والموانىء، (وتمتد) الى الطرق والجسور المدمرة، وعدم إمكانية الوصول الى كافة المناطق".

ويوضح انه على سبيل المثال "لنحصل على المواد الغذائية من الشراء حتى تصل الى اليمن، نحتاج الى 4 او 5 شهور".

ولا يبدو ان للنزاع اي آفاق حل او حتى تهدئة ثابتة.

واعلنت الامم المتحدة الاسبوع الماضي هدنة لمدة 72 ساعة بدءا من منتصف ليل الاربعاء، شابتها خروقات متواصلة منذ الساعات الاولى.

ومع اقتراب موعد نهايتها، حض المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ احمد على تجديد التهدئة، بيد ان دعوته لم تلق آذانا صاغية لا من جهة الحكومة والتحالف، ولا من المتمردين.

ويشدد التحالف على انه سيواصل الحصار لضمان عدم وصول الاسلحة للمتمردين. وتتهم الرياض ودول غربية ايران بتهريب اسلحة الى الحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

الا ان التحالف سمح في الفترة الماضية بشكل استثنائي بإجلاء اكثر من 100 شخص على متن طائرة عمانية لتلقي العلاج في الخارج. وكان هؤلاء بين 525 شخصا اصيبوا في غارة على صنعاء في الثامن من تشرين الاول/اكتوبر، ادت ايضا الى مقتل 140 شخصا.

ونفى التحالف بداية وقوفه خلف الغارة. الا ان فريق التحقيق التابع له أقر في وقت لاحق بمسؤولية التحالف، قائلا ان القصف الذي تم على قاعة تقام فيها مراسم عزاء، نفذ بناء على معلومات مغلوطة.

الا ان هذا الاستثناء لا يبدل من القاعدة التي بات على خالد التأقلم معها، وهي ان نيل الماجستير لن يتاح له "حتى في المستقبل القريب".

ويرى الصوفي ان "هناك كارثة إنسانية والعالم ينظر الى هذه الكارثة من دون أن يتخذ إجراءات معينة للحيلولة دونها".