نيومكسيكو ـ صوت الإمارات
غادر البابا فرنسيس المكسيك الاربعاء بعد زيارة تاريخية استمرت خمسة ايام، واختتمها بقداس غير مسبوق عابر للحدود شارك فيه عشرات الاف الاشخاص وانتقد خلاله "المأساة الانسانية للهجرة القسرية".
اقلعت طائرة الحبر الاعظم من مطار سيوداد خواريز في شمال المكسيك، على الحدود الاميركية، في اعقاب حفل وداع رسمي شارك فيه الرئيس انريكي بينا نييتو.
وكان البابا فرنسيس صلى على مقربة من صليب كبير منصوب على طرف منحدر يشرف على الحدود، وارسل منه بركته الى المحتشدين على الطرف الاخر من الاسلاك الشائكة التي تفصل المنطقة عن تكساس. ووضع قربها ايضا ثلاث باقات من الزهور، أحداها امام احذية مهاجرين لقوا حتفهم خلال رحلة العبور.
ثم احتفل البابا امام اكثر من 300 الف شخص بآخر قداس نقلت وقائعه ايضا الى ستاد ال باسو في تكساس (الولايات المتحدة) ومنه الى ريو برافو حيث احتشد عشرات الاف الاشخاص.
وقد قام البابا فرنسيس في المكسيك التي وصلها الجمعة بعد لقاء تاريخي في كوبا مع بطريرك موسكو وعموم روسيا للارثوذوكس كيريل، برحلة تخللتها محطات رمزية حول مواضيع العنف والفقر وسكان البلاد الاصليين والمهاجرين الذين يشكلون في الوقت الراهن ابرز مشاكل البلاد.
ودعا البابا فرنسيس الى مكسيك يسودها السلام "من دون تجار الموت" ومن دون هجرة، وطلب من الشعب المكسيكي ألا "يستسلم" امام العنف، وان يعمل و"يجرؤ على ان يحلم"، داعيا في الآن نفسه المسؤولين السياسيين الى ان يقدموا لهم "امانا فعليا".
-لا مزيد من الموت والاستغلال-
وقال الحبر الاعظم في عظته في سيوداد سواريز "لا يمكن ان نتجاهل الازمة الانسانية التي دفعت في السنوات الاخيرة آلاف الاشخاص الى الهجرة، سواء أكان ذلك عبر القطارات ام الطرقات السريعة ام سيرا على الاقدام، مجتازين مئات الكيلومترات عبر الجبال والصحارى والطرقات الوعرة. هذه المأساة الانسانية الناجمة عن الهجرة القسرية هي اليوم ظاهرة عالمية".
واضاف البابا فرنسيس ان "هذه الاوضاع تؤدي الى قيام شبكات توقع بالمعوزين وتدمرهم. فهم لا يعانون من الفقر فقط، بل من اشكال العنف هذه ايضا. ويأخذ هذا الظلم اشكالا متطرفة لدى الشبان، +وقود الحرب+ الذين يتعرضون للملاحقة والتهديد عندما يحاولون الخروج من دوامة العنف وجحيم المخدرات. وماذا في وسعي ان اقول عن كل هؤلاء النساء اللواتي انتزعت منهن نسمة الحياة ظلما وبهتانا!"
وخاطب الجماهير التي ألهبتها كلماته بالقول "لا مزيد من الموت والاستغلال بعد الان! التغيير ما زال ممكنا".
وكان عدد كبير من الاشخاص وصلوا في الصباح الباكر، ملوحين بقمصان تي شيرت كتب عليها "احب البابا". ومن الولايات المتحدة، جاء بعض المتحدرين من اميركا اللاتينية، لحضور القداس.
وقالت المكسيكية كونشيتا سوموزا (60 عاما) التي اتت من نوغال في اريزونا (جنوب الولايات المتحدة)، بعدما اجتازت هذه الحدود بطريقة سرية قبل عشرين عاما، ثم حصلت اخيرا على الجنسية الاميركية، "عشت سنوات خائفة من ان تقبض السلطات علي، لكني حققت حلمي في نهاية المطاف".
وذكرت اوفيلا (32 عاما) المكسيكية الاصل التي تعيش في الولايات المتحدة "آمل في ان يتمكن البابا من تغيير ذهنية حكامنا".
وقد دأب البابا على المطالبة منذ بداية حبريته بأن تتوافر للمهاجرين الذين يهربون من بلدانهم بسبب العوز والحرب والاضطهاد الديني والسياسي، فرصة ثانية في البلدان التي يأتون اليها.
وكان البابا زار في الصباح سجنا كان من اخطر سجون اميركا اللاتينية. وقال ان السجن ليس الحل الوحيد ل"انعدام الامن". واضاف "يبدو احيانا ان السجون (مكان) لمنع الناس من مواصلة ارتكاب الجرائم اكثر منها لتعزيز عمليات اعادة التأهيل".
أتت هذه الزيارة بعد بضعة ايام من تمرد داخل سجن في مونتيري بشمال شرق المكسيك اسفر عن مقتل 49 شخصا.
وقبل ان يصعد الطائرة التي اعادته الى روما، تحدث البابا عن وجوه اطفال مكسيكيين التقى بهم خلال زيارته. وقال "اؤكد لكم اني كدت ابكي عندما رأيت هذا الكم الكبير من الامل في بلد آلامه كثيرة".