توالت الانتقادات المنددة بقرار السلطات الجديدة في مصر اتخاذ الإجراءات اللازمة لفض اعتصامات مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي, في حين عبرت شخصيات تنتمي إلى "جبهة الإنقاذ" عن تأييدها للقرار. يأتي ذلك وسط مخاوف حقوقية من أن يؤدي فض الاعتصامات بالقوة إلى "حمام دم يدخل مصر في فوضى عارمة".  وفي أول رد على القرار، نقل مراسل الجزيرة نت أنس زكي عن المتحدث باسم الإخوان أحمد عارف استنكاره لقرار مجلس الوزراء، واستغرابه لما جاء فيه من وصف للاعتصامات بأنها تهدد الأمن القومي. كما أكدت جماعة الإخوان المسلمين رفضها لما سمته بيان حكومة الانقلاب وتنديدها بالقرار الصادر من "حكومة انقلابية دموية وغير شرعية، لا يعبأ عجائزها وهم مشرفون على القبور بأن يوغلوا في الدم المصري تحت ادعاء بتفويض مزيف من قلة كاذبة واستخدام راقصي الإعلام المأجور لتصوير شرفاء الوطن الرافضين للانقلاب العسكري الدموي بالإرهاب". وأضاف البيان -الذي تلقت الجزيرة نت نسخة منه- أن "هذا التمادي في الإجرام من حكومة الانقلاب التي لا تعبأ بالدم المصري هو الإرهاب الحقيقي والوقح باستخدام مقدرات الجيش التي هي ملك للشعب، وبدلاً من الدفاع بها عن الشعب ضد العدو الحقيقي تستخدم لقتل أبناء الشعب". وفي حديث مع الجزيرة، أكد عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق من الإخوان المسلمين على سلمية الاعتصام، وقال إن ما يريده وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي وما وصفه بمجلس وزراء الانقلاب هو اقتحام ساحات الاعتصام بالدبابات لسفك الدماء، حسب تعبيره. بدوره، وجه التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب -الذي يؤيد عودة مرسي إلى منصبه- دعوة إلى المنظمات الحقوقية الدولية والناشطين وإلى الصحافة العالمية لزيارة اعتصامي رابعة العدوية والنهضة ومراقبة كل الفعاليات الاحتجاجية للتأكد من سلميتها. وقال بيان للتحالف إن عشرات الدبلوماسيين والحقوقيين بالإضافة إلى مراسلي الصحافة العالمية قد زاروا الاعتصامات بالفعل وأجروا العديد من الحوارات في أماكن الاعتصامات. كما دعا الجميع بمن فيهم السفراء إلى أن يشهدوا الأسلوب الحضاري للشعب المصري في الاحتجاج السلمي على الانقلاب العسكري، حسب البيان. من جهته رفض حزب النور السلفي فض الاعتصامات في ميداني رابعة العدوية والنهضة بالقوة أو استخدام العنف مع المتظاهرين السلميين. وقال رئيس الحزب يونس مخيون في بيان إنه يرفض اتخاذ أي قرارات خارج الإطار القانوني والدستوري في فض الاعتصامات أو التظاهرات, مؤكدا أن المخرج الوحيد للأزمة الحالية يكمن في التوجه إلى المفاوضات وإيجاد حل سياسي بين الجميع. كما أصدرت "جبهة علماء ضد الانقلاب" وجبهة علماء الأزهر والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورابطة علماء أهل السنة بيانا أدانت فيه تفويض مجلس الوزراء لوزارة الداخلية فض الاعتصام، وأكدت استمرار الاعتصام حتى تحقيق مطالبه. في المقابل، عبرت شخصيات تنتمي إلى جبهة الإنقاذ التي كانت تقود الأطراف المعارضة لنظام مرسي، عن تأييدها لبيان مجلس الوزراء. وقال القيادي بها محمود العلايلي في تصريحات صحفية إن على وزير الداخلية المسارعة في فض هذه الاعتصامات التي وصفها بأنها "بؤر إرهابية" في وسط القاهرة. وجاء الوصف نفسه على لسان المتحدث باسم الجمعية الوطنية للتغيير أحمد طه النقر الذي نقلت عنه بوابة الأهرام أنه يؤيد قرار مجلس الوزراء ويصفه بأنه تفويض صحيح وإن جاء متأخرا من أجل القضاء على "هذه الاعتصامات الإرهابية المسلحة التي لا علاقة لها بالسلمية". في غضون ذلك عبرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا عن قلقها من أن يؤدي قرار فض اعتصامات مؤيدي مرسي إلى حمام دم يدخل مصر في فوضى عارمة. كما حذرت منظمة العفو الدولية من أن يؤدي القرار إلى مزيد من العنف وسفك الدماء. واعتبر مجلس الوزراء المصري في بيان أصدره الأربعاء أن الاعتصام في رابعة العدوية ونهضة مصر وميادين المحافظات "يمثل تهديدا للأمن القومي المصري وترويعا غير مقبول للمواطنين". وقالت وزيرة الإعلام درية شرف الدين إن المجلس قرر تفويض وزير الداخلية بالتعامل مع هذا الوضع في إطار أحكام الدستور والقانون، غير أن مؤيدي مرسي رفضوا القرار، وقالوا إنه صادر عن جهة غير شرعية. على الصعيد الدولي، أدان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ما سماه الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن المصرية ضد المتظاهرين, كما ندد بالهجمات التي استهدفت القوات المسلحة في عدة مناطق بينها سيناء. ودعا هيغ إلى ضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين بمن فيهم مرسي، إذا لم توجه إليهم أي تهم، معتبرا أن الحوار والمصالحة بين جميع الأطراف بمن فيهم الإخوان المسلمون سيؤديان إلى وقف العنف. من جانبه، قال وزير الخارجية الألماني غيدو فيستر فيله إنّ بلاده تقف ضدّ عمليات الاعتقال السياسي، مؤكدا أنّها ما زالت تعتقد أنّ محمد مرسي معتقل سياسي، مشددا على أن الإقصاء لن يؤدي إلى حل واستقرار في مصر، ودعا إلى عملية سياسية تضم كلّ الأطراف بلا استثناء. واعتبر فيستر فيله أنّ مطالبة ألمانيا بالإفراج عن مرسي تأتي بناء على دفاعها عن مبادئ أوروبية عامة، وليس فقط بسبب الحالة المصرية. كما أكد أنّ ذلك لا يعني وضع شروط لاستمرار العلاقة مع مصر، وشددّ على عدم التدخل في الشأن الداخلي المصري. بدورها حثت وزارة الخارجية الأميركية الحكومةَ المصرية المؤقتة على احترام الحق في التجمع السلمي. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض غاي كارني إن واشنطن دانت أعمال العنف التي وقعت في مصر, وأعربت عن اعتراضها على عمليات الاعتقال والاحتجاز دون تهم.