قال عميد كلية أصول الدين في جامعة الأزهر الدكتور زكي عوض في حديث إلى "مصر اليوم" "إن الأمة الإسلامية تعيش عصر اضمحلال سياسي ولم تستفد من بعض التجارب التي مرت بها بعض الدول الإسلامية في أواخر القرن الماضي، حتى مطلع هذا القرن ولا يزال الانتماء لتيارات سياسية معينة، فأمتنا الإسلامية مقصرة بحق كتاب ربها، مقصرة بحق سُنّة نبيها، مقصرة في عدم تحكيم العقل في عدم الاستفادة من الحكماء الذين هم قادرون على إدارة شؤون هذه الأمة جملة وتفصيلاً، فتقصير هذه الأمة بحق كتاب ربها واضح في أن الله أمرها بالوحدة فلم تتحد، ونهاها عن الفرقة فتفرقت، وأمرها بأن تعتصم بكتاب الله فلم تعتصم، وأمرها بأن تعد العدة لمواجهة خصومها فلم تستعد، ولهذا نزل بها الوعيد الإلهي الذي يقول: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) وقد تنازعنا ففشلنا، فذهبت ريحنا". وأضاف "إن مصر الآن تعيش أزمة صراع ديني بين التيارات الإسلامية والناس في حيرة في دينهم يتبعون التيار السلفي أم التيارات الأخرى، وبين هذه التيارات بعضها البعض صدام وصراع يدور حول شيء واحد هو حسابات المكاسب والخسائر فقط، وليس حسابات الدين أو نَصْ القرآن أو السُنّة النبوية المطهرة" وتابع "اسمح لي أن أدلل لك بمثال ذكرته كثيرًا وفى مواقف متعددة، وهو أننا فى أيامنا هذه نقع في مخالفات واضحة صريحة، فمثلا نهى الإسلام عن سياسة الاستفزاز، ومع هذا فواقع المسلمين في مصر إنما يقوم على «الاستفزاز»، ونقرأ القرآن الكريم: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ )، ونقرأ فيه أيضًا: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ ، ونقرأ قول الله تعالى: ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) ، نقرأ قول الله تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ كل هذه النصوص غائبة عن القطاع الديني غير الأزهري جملة وتفصيلا. وأشار عوض إلي  أن المسلمين الذين صعدوا إلى قبة الحكم لو عملوا بالإسلام ولم يتخذوا منه شعارًا، لقدموا خيرًا للبلاد.. ولكن يحزنني أنهم اتخذوا الإسلام شعارًا وأساءوا إليه من حيث التطبيق جملة، وتفصيلًا، وسوف أضرب مثلًا واحدًا عندما تقدم جماعة "الإخوان" المسلمين «الإسلام هو الحل».. فهذا شعار يحمده الجميع ويشغلهم، لكن الناس انتظروا الحل، فلم يجدوا حلًا واحدًا لأي شيء على وجه الإطلاق، وهنا يصاب الناس بالأزمة ويظنون أن الإسلام الذي يقدم الحل، عاجز عن تقديم الحل، بل إنهم في هذه الفترة من الزمن قد نزل بهم من المشاكل مالم ينزل بهم عبر سنين، ولو أنهم فرقوا بين الإسلام وقدرته على الحل من ناحية، وبين المسلمين وعجزهم عن تقديم الحل لهان الأمر وما تحمل الإسلام تبعة توظيف هذا الشعار، لكن الناس يتساءلون الآن أين الحل، بل إن بعض الشباب الآن قد أصيب بصدمة، وبعضهم أعرض عن الالتزام بالدين، وبعضهم أساء فهم الدين الإسلامي وظن أن زمنه قد ولّى، بعد أن تاجر بهذه الكلمات تيارات أخرى، حين قالوا «لو كان في الإسلام حل، لأرانا».. إذ ينبغي أن يكون الدين بمعزل عن الشعارات التي ترفع جملة وتفصيلًا، ومن أراد أن يوظف الدين وأن يخدمه، فليخدم الدين من خلال التطبيق العملي لهذا الدين، ولو طبقناه لتغير وجه مصر، فالدين يأمرنا باختيار الكفاءات في المناصب، أين ذلك في وقتنا المعاصر؟". كما أن الدين أشار إلينا وذكر لنا تجارب الأمم السابقة وذلك أن ولى الأمر مطالب شرعًا بأن يختار الكفء الذي يقدم الحل للمشكلة، ولو كان هذا الكفء على غير الدين، ومن غير الجنسية، والدليل على ذلك أن عزيز مصر حين أدرك أن يوسف عليه السلام وهو من بني إسرائيل، وليس من حملة الجنسية المصرية، وأنهم لا يؤمنون بالتوحيد «أنني تركت ملة أبانا» فهو مخالف للملك في الجنسية ومخالف له في الدين، ومع ذلك حين استشعر الملك أنه وحده القادر على أن يقدم حلاً للاقتصاد المصري أتى به ليقدم الحل، فأين ذلك من واقعنا المعاصر، وأين ذلك من نصوص قرآننا والسنة الآمرة باختيار الأكفاء وذوى الخبرة؟. و لفت أنه من حيث الذين  أعلنوا الجهاد في سوريا  ذلك منتسبون إلى العلم وليسوا من العلم في شيء.. فبأي حق شرعي يعلن هذا أو ذاك الجهاد، وإعلان الجهاد إنما هو منوط بولي الأمر.. وبأن يستطلع رأى أهل الحل والعقد وكنت أتمنى بدلاً من أن يعلنوا الجهاد في أرض مصر، أن يذهبوا بأنفسهم إلى سوريا وأن يعلنوا الجهاد وهم يحملون السلاح داخل سورية هم وأولادهم وأزواجهم وأهلهم ويحملون السيف ويقاتلون، ثم يقولون من هناك، نحن هنا فهلموا إلينا. أما أن يغرروا بالمصريين من خلال ميدان أو ساحة أو ما شاكل ذلك، ويدعوا الشباب صاحب العاطفة الدينية الجياشة إلى أنه لابد أن يتوجه للجهاد، أي جهاد هذا الذي يتحدثون عنه؟ إن الكفار لم يحلوا بديارنا هنا في مصر حتى نعلن الجهاد، ولم نستشعر خطراً من سوريا علينا حتى تتحرك للجهاد، وهو المعروف بجهاد الدفع أو جهاد الطلب، فلا المشركون أتوا حتى نكون في دائرة جهاد الدفع، ولا نستشعر خطرا حتى ندخل بجهاد الطلب كل هذا إساءة إلى الإسلام.. وأؤكد أنهم أدعياء علم وليسوا بعلماء فهؤلاء فشلوا في تخصصاتهم وعجزوا عن أن يعيشوا حياة كريمة خلال تخصصاتهم الدقيقة فإذا بهم يتجهون إلى الإسلام.. يقرأون قليلاً من الكتب ويقفون على قليل من المعارف ويقولون بعض العلوم على أي أناس ما عهدنا عليهم سماحة ولا وسطية ولا اعتدال. وردًا على سؤال عن  سد النهضة قال  "نحن بحاجة إلى أن ننظر إلى الأمر من جانبين الأول أن عدونا الحقيقي هو إسرائيل وأن عدوانها لنا لا يزال قائما.. وإن كانت توقفت عن حربنا المباشرة إلا أنها لم تتوقف عن حربنا.. ومنها ما تحرص عليه إسرائيل من دعم مثل هذا المشروع، إن الأثيوبيين لا يجدون شرابا ولا ملبسا، فأين حظهم مما أعطى الله المسلمين وأين حظهم من علمنا؟ فالأكثرية المسلمة هناك مع ضعف اقتصادي وعلمي ومع عدم استشعار قوى مساندة خارجية.. فلا قيمة لهم والقضية ليست بالأكثرية العددية.. فالآن العالم يتحكم في الوضع الاقتصادي.. ورأس المال الآن هو عصب الحياة ولذلك نجد أن إسرائيل عددها 4 ملايين لكن وراءها أميركا.. ولكن لو سألت مَن وراء المسلمين الأثيوبيين؟ فلن نجد أحدا لأننا قد قصرنا في حق هؤلاء فلو أن لنا معاهد ومدارس.. ومحفظي قرآن ولو أننا لنا فرع لجامعة الأزهر في هذه الظروف في أثيوبيا لاستطعنا أن نجعل رباطا قلبيا بيننا وبينهم، وحركنا بيننا المشاعر الإسلامية، أما المسلم الأثيوبي أو الذي يعيش في وسط أفريقيا وهو لا يجد طعاما ولا شرابا.. فإنه يترك دينه من أجل الوضع الاقتصادي.. حتى تولدت لديهم قناعة أن سبب فقرهم «مصر» وأن المياه التي تذهب إلى مصر لو حولت إلى أراضيهم لجعلتهم جنة الله في الأرض. وأن مصر تظهر بمظهر الاستعلاء والاستكبار وعليه فإذا أرادت أن تصحح الصورة فابعث بأناس يقيمون هناك فترة زمنية كافية.. ولتكن شهر .. وللأسف لو سألنا كم عدد الذين سيرسلون إلى أثيوبيا من الأزهر والأوقاف؟.. ستصدم. فنحن كما قلت قصرنا في حق أثيوبيا وغيرها من الدول الأفريقية، ولا أحمل مصر وحدها المسئولية بل كل الدول العربية والإسلامية مسئولة، فإذا كانت مصر لا تملك الموارد فالخليج مسئول أمام الله عن دفع الموارد أو المرتبات اللازمة لعلماء الأزهر الذين يذهبون إلى هذه الدول، بمعنى، أن يشارك الخليج بماله والأزهر بعلمائه.. حتى لا ينفلت هؤلاء منا ونبكى على اللبن المسكوب بعد ذلك . وبين  أن لا شهر رمضان ولا غيره يكون قادراً على إعادة الوئام مرة أخرى بين فئات الشعب.. لسبب واحد وهو أن التيارات الدينية نفسها متصارعة والناس متأثرة بهذه التيارات.. فلما كانت الدعوة منوطة بالأزهر وحده أو الأوقاف التي تعتبر من حضن الأزهر لما وجدنا هذا الاضطراب ولا هذه القلاقل.. فلما تشعبت الدعوة وتنوعت وتعددت أصبح بأسنا بيننا والمشكلة أننا لم نتصارع حتى نتصالح، ولنا كلام ظاهر وآخر باطن.. فهل يقبل السلفيون دعوة الأزهر على ما هي عليه؟ وهل يقبل الأزهريون دعوة السلفيين جملة وتفصلا؟ وهل يقبل دعاة أنصار السنة دعاة الأزهر؟. وشهر رمضان في تجل إلهي لكن طبيعة الدعوة الآن لم تعد كما كانت في الماضي لأنها اتسمت بسمة الصراع بل ونزلت في بعض الأحيان إلى سمة الحزبية.. فإذا انتقدت أو عارضت فكأنما عارضت الحزب.. مما أدى إلى صدام بين الدعاة أنفسهم. و اختتم عوض  "الوحيد القادر على لم شمل هؤلاء جميعا هو شيخ الأزهر بصفته، لا بشخصه.. والجميع بلا استثناء يقدرون ويحترمون شيخ الأزهر.. وهو اللقب الوحيد الذي يمكن أن يجتمع أمامه كل التيارات وقد حدث هذا مرات عدة، لكن بكل أسف نحن نوقع على الأوراق وقت الجلسة، وربما بعد أن خرجنا ينكر الناس توقيعاتهم.. فالأمر ليس كذلك، لكن لا يزال الأزهر يلعب دوره في وحدة الأمة ووحدة المصريين خاصة ولعل موقف شيخ الأزهر من تظاهرات 30 يونيو حين قال إن الخروج السلمي على الحاكم جائز شرعا.. يؤكد استقلاليته.. فالأزهر هو الباقي، ودعاته لايزالون محل احترام وتقدير".