"كان يبدو أن وجه زهرة اللوتس المرتفع نحو السماء بأعلى بقعة فى مصر قد التف لينظر على انتفاضة أبنائه التى تحاول إعادته كرمز للكرامة المصرية.. هنا برج القاهرة فى جزيرة الزمالك، حيث قرر عماله إغلاق الأبواب "بالضبة والمفتاح" اعتراضًا على استمرار معاملته كمطعم سياحى، وتأجيره لأحد المستثمرين اللبنانيين ثم توريث ابنه له عقب وفاته، ليظل برج القاهرة تحت الإيجار لنفس الشخص ثم ابنه ولكن تحت اسم خمس شركات لأكثر من 25 عامًا". فى شهر أربعة من كل عام تبدأ الاحتفالات بذكرى افتتاح البرج الذى امتدت فترة بنائه بين عامى 1956 و1961، وهنا قررنا الاحتفال بهذه المنشأة المصرية الضخمة ليكشف لنا العمال أن المبنى التاريخى مؤجر لمستثمر لبنانى يدعى خالد أبو زهر، ومن قبله والده منذ حوالى 25 عامًا، وهو ما يؤدى إلى الارتفاع الكبير فى سعر تذكرة دخول المكان التاريخى للمصريين مقارنة بأى مكان آخر، حيث تبلغ تكلفة الدخول 20 جنيهًا للمصرى، قبل أن يقرروا إغلاق أبواب البرج بشكل كامل أمام الزوار حتى يعود البرج مؤسسة مصرية مرة أخرى. ويقول ناصر محمد على، الذى يعمل منذ 25 عامًا فى برج القاهرة: "البرج يتم تأجيره فى مناقصة وهمية كل 5 أعوام يقوم خلالها نفس المالك بتغيير اسم الشركة وتوقيع عقد إيجار جديد، حيث بدأ الإيجار تحت اسم شركة إيفاتكو، ثم شركة البر، ثم إيجيبت تورستك، وأخيرًا الشركة المصرية لإدارة برج القاهرة، وفى كل هذا كان المالك واحدًا". ويتابع ناصر: "فى أول خمس سنين من العمل كان كل حاجة مختلفة.. كان المكان منظمًا والأجور معقولة والإقبال على البرج كبيرًا، وطبعًا كل ما الإقبال بيزيد رزقنا بيزيد معاه، لكن من بعد أول خمس سنوات بدأت الأمور تدهور كل عام لحد ما وصلت الأوضاع إلى حد لا يحتمل من الفساد وسوء المعاملة، لدرج أنى بعد كل العمر ده مرتبى 800 جنيه، وأعلى مرتب للعمال بيوصل لحوالى 1100 جنيه". إلى جانبه يقول طارق سيد عبد الواهب مساعد مدير المطاعم، والذى يعمل ببرج القاهرة منذ خمسة أعوام: "البرج فى الأساس تملكه المخابرات المصرية، ويتم تأجيره منذ بداية عصر مبارك عقب إن كان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قد بناه لإعلاء الكرامة المصرية ورفض أن تخضع مصر للرشوة الأمريكية مقابل تغيير موقفها نحو القضية الجزائرية، فجاء المبنى على شكل زهرة اللوتس التى تنظر نحو السماء قبل أن يحنى مبارك وجهها ويضعها تحت الإيجار ولشخص غير مصرى". ويشير طارق: "برج القاهرة على عكس باقى الأماكن السياحية لم يتأثر كثيرًا بأحداث الثورة ففى يوم 28 يناير 2011 ومع ثورة الغضب كان الزوار يأتون إلى البرج وحتى الآن مازال الإقبال عليه كبيرًا، هذا إضافة إلى سعر الدخول والخدمات المرتفع جدًا، ولذلك فمن غير المنطقى أن يصبح خير البرج خارج مصر ولشخص غير مصرى". تلتقط كاريمان محمود أطراف الحديث، تقول بغضب: "إحنا بنشتغل وكأننا خدامين فى البيوت".. وتصرخ بعفوية: صاحب البرج بيخلينا ننظف ليه شققه ومكاتبه الخاصة على اعتبار أن ده جزء من عملنا فى البرج، وده طبعًا غير قانونى واللى ما بيعجبوش بيقولوا ليه الباب يفوت جمل".