الأكل بشراهة

من المعروف أنَّ الأنظمةَ الغذائيَّة الغنيَّة بالسعرات الحراريَّة ترتبِطُ بالبدانة وبالسكَّري في أحيان كثيرة، ولكن أشارَت دِراسةٌ حديثةٌ إلى أنَّ تناوُلَ الطعام بشراهة يُمكن أن ينقلَ البدن سريعاً إلى حالة مُقدِّمات السكَّري prediabetes.

اشتملت الدِّراسةُ على 6 رجال سليمين، كانوا إمَّا بوزنٍ طبيعيٍّ للبدَن أو بوزنٍ زائِدٍ، وطلب منهم الباحِثون استِهلاكَ 6000 سعرةٍ حراريَّةٍ ضمن النِّظام الغذائي الأمريكي التقليديّ بشكلٍ يوميّ ولأسبُوعٍ واحِدٍ؛ وهي كميَّةٌ كبيرة جداً من مدخول الطعام، حيث يجب أن يحتوي النِّظامُ الغذائيّ الصحِّي للذَّكر، الذي يتراوَح عمره بين 30 إلى 50 عاماً وتسود قلَّة الحركة على أسلوب حياته، على حوالي 2200 سعرة حراريَّة في المُتوسِّط يوميَّاً.
خضع الرِّجال إلى مُراقبة دقيقةٍ في المُستشفى في أثناء اتِّباعهم للنِّظام الغذائيّ الغني بالسعرات الحراريَّة، ولم يُسمَح لهم بمُمارسة أي نوع من النَّشاط البدنيّ في أثناء الدراسة.

قالَ الباحِثون إنَّ جميعَ الرِّجال اكتسبوا حوالي 3.6 كيلو غرامات في المُتوسِّط من وزن البدن في أسبوعٍ واحدٍ.

كما وجدَ الباحِثون أيضاً أنَّه، من بعد يومين فقط من البدء بالنظام الغذائيّ الغني بالسعرات الحراريَّة، وصل جميعُ الرِّجال إلى حالة أيضيَّة تُعرَف باسم مُقاوَمة الأنسولين، وهي غالباً من طلائع السكَّري، وتحدُث عندما يُنتِج البدنُ الأنسولين ولكنَّه لا يستطيع استخدامَه بشكلٍ فعَّال.
فسَّر الباحِثون الأمرَ بأنَّ الأحماضَ الدهنيَّة fatty acids والالتِهاب والشدَّة الخلويَّة يُشار إليها جميعاً على أنَّها أسباب مُحتَملة تربِط بين الأنظمة الغذائيَّة الغنيَّة بالسعرات الحراريَّة والبدانة ومُقاوَمة الأنسولين.
ولكن قالَ الباحِثون إنَّ النتائج تُشيرُ إلى أنَّ الشدَّة التأكسُديَّة oxidative stress التي تتعرَّض إليها الخلايا، والتي تنجم عن تناوُل كميَّات كبيرة جداً من الطعام، قد تكون هي الحلقةَ المفقودة. أضاف الباحِثون أنَّ الشدَّةَ التأكسُديَّة تتضمَّن الإفراط في إفراز مُنتجاتٍ ثانويَّة للأكسجين، وهي مُنتجات سُمِّية بالنسبة إلى الخلايا.
حلَّل الباحِثون عيِّنات البول والنسج الدهنيَّة عند المُشارِكين، ووجدوا زِيادةً في مُستويات بروتيناتٍ تترافق مع الشدَّة التأكسُديَّة.

قالَ مُعِدُّو الدِّراسة إنَّ الشدَّةَ التأكسُديَّة بدا انَّها تُحرِّضُ على حدُوث تغيُّراتٍ في بروتين ناقِل للغلوكوز، يُعرَف باسم GLUT4، وإنَّ هذه التغيُّرات قد تكون أثَّرت في قُدرة البروتين على امتِصاص الغلوكوز في استِجابةٍ للأنسولين، ممَّا يُؤدِّي إلى مُقاوَمة الأنسولين.
يرى الباحِثون أنَّ النتائجَ تُشيرُ إلى أنَّ المُعالجة بمُضادَّات الأكسدة، أو باستخدام علاج يستهدَف بروتين GLUT4، قد تُساعِد يوماً ما على ضبط البدانة المُرتبِطة بمُقاوَمة الأنسولين.

قالت دانا أنغيلو وايت، اختصاصيَّة التغذِية لدى جامعة كوينيبياك في ولاية كونيكتيكوت: "إنَّ نتائجَ هذه الدِّراسة مهمَّة جداً، نظراً إلى أنَّ مُعظم الأمريكيين يميلون إلى استِهلاك كميات كبيرةٍ جداً من السعرات الحراريَّة بشكلٍ يوميّ؛ وبالرغم من أنَّ الدراسةَ كانت صغيرة بشكلٍ واضِحٍ، إلّا أنَّها تُشدِّد على ضرورة أن يُقلِّل الناسُ من كمِّيات الطعام التي يتناولونها، وأن يزيدوا من مُستويات النشاط البدنيّ".
"أعتقد أنَّ النِّظامَ الغذائيّ الغنيّ بمُضادَّات الأكسدة الموجودة في الأطعمة الصحيَّة ذات السعرات الحراريَّة المُنخفِضة، مثل الفاكِهة والخُضار، قد يُساعِد أيضاً على التقليل من السعرات الحراريَّة والتأثير في الشدَّة التأكسديَّة المرتفِعة".