برامج الطهي على القنوات الفضائية

أحدثت حماسة عدد من النواعم لتقديم برامج الطهي التلفزيونية، نقلة نوعية في مضمونها، لاسيما وأن الوصفات التقليدية بنكهاتها المحلية الأصيلة قفزت خارج الإطار النمطي الذي كانت توضع فيه، حيث كان إعدادها مقصوراً على الاحتفالات الوطنية والأعياد والمناسبات الخاصة، أما وبعد تصدر النواعم للمشهد، فقد حققت الأطباق الشعبية نجومية لافتة على الشاشة الصغيرة، كما أصبحت برامج الطهي أكثر قرباً من المائدة الخليجية.

تقديم المرأة لبرامج الطهي، يعكس ثراء المطبخ العربي والخليجي، ويثبت أن أطباقنا الأصيلة في أيد أمينة، لا تعبث بمكوناتها ولا تغير نكهتها بحجة التطوير، بل تعمل على تحضيرها بالطرق التقليدية الجميلة كما تستعين بالتوابل الفواحة والعطرية التي تشتهر بها المنطقة، وفي هذا الإطار لا بد من الإشادة ببرامج الطهي التي تميزت بها شبكة قنوات دبي.

وفي مقدمتها برنامج "هني وعافية" الذي كانت تقدمه الشيف الإماراتية خلود عتيق على قناة "سما دبي"، قبل أن تنتقل لتقديم برنامج "سراريد خلود" على قناة أبوظبي، وبرنامج "سر الطبخة" الذي تقدمه الشيف أسماء البحر على قناة "دبي الأولى"، كما يجب تهنئة الشيف منال العالم على إطلاقها قناة الطهي الخاصة بها على "يوتيوب".

المطبخ مملكة المرأة، ولكن انشغالها بين العمل والدراسة وتربية الأبناء وتدبير شؤون المنزل، أتاح الفرصة أمام الرجل ليبرز إبداعه في مجال الطهي، ولعل عمله في المطاعم والفنادق الفاخرة، فضلاً عن استعراض مهاراته أمام الكاميرات التلفزيونية في برامج الطهي على مدار السنوات الماضية، جعل البعض يشككون في قدرة المرأة على منافسته والتغلب عليه.

والحقيقة أن الطهاة ساهموا بشكل كبير في إثراء برامج الطهي، خاصة وإنهم لم يكتفوا بإعداد الأطباق الشهيرة والمعروفة، بل عملوا على إيصال بعض الأطباق الشرقية إلى العالمية، وفي مقدمتهم الشيف أسامة السيد الذي قدم مئات الحلقات التي خلقت مفهوماً جديداً لبرامج الطهي، كما عمل من خلالها على تحويل برامج الطهي من برامج عادية إلى برامج تعليمية وثقافية واجتماعية فريدة، علاوة على اللمسات الإنسانية التي كان حريصاً على إدراجها في برنامج "مع أسامة أطيب".

وللشيف محمد أورفلي، لمسات مميزة هو الآخر، حيث ساهم في تعريف الجمهور على أطباق المطابخ العربية المختلفة وعلى الطرق الحديثة لتقديم الأكلات التقليدية، ولكن إرهاصات التميز لدى بعض الطهاة والحرص على الوصول إلى العالمية وتطوير النكهات وابتكار أساليب عصرية لتقديم الطعام، أوقعتهم في فخ النمطية والتقليد.

كما جعلتهم أكثر بعداً عن المائدتين العربية والخليجية، الأمر الذي حفز بعض المشاهدين على الإقبال على الأطعمة الشرق آسيوية، أما البعض الآخر فأصبح أكثر تعلقاً بالأكلات الإيطالية والحلويات الفرنسية والوصفات الغربية وتلك "المريخية"، والمؤسف أن شريحة واسعة من جيل اليوم لا يعرفون أسماء الأكلات والحلويات الشعبية، كما انهم لا يستسيغون مذاقها، ولا عجب في ذلك، والأمهات في المنازل يتأثرن بالوصفات الغريبة التي يشاهدنها.