فتة الحمص

تعتبر أكلة "فتة الحمص" أو ما يسميها أهالي دمشق "التسقية"؛ سيدة الموائد الدمشقية في رمضان حيث ﻻ يمكن أن تخلوا مائدة منها على الرغم من غلاء موادها الأولية مقارنة بالأعوام السابقة، وتشتهر مدينة دمشق بأنواع مختلفة منها، فهناك الفتة بالسمنة والفتة بالزيت والفتة باللبن والرمان.

ويحكي أحد الطباخين في مطعم "الشاميات" المعروف بالفتة الدمشقية علي الكحال، عن طريقة تحضير الفتة: "أحضر "الفتة" منذ أكثر من 30 عامًا، ويمكن أن تكون بالسمنة أو الزيت، فبعد نقع الحمص ليلة كاملة يغسل مرات عدة، ثم يتم غليه على النار، ويقطع الخبز قطعا صغيرة، ويقلى بالزيت، أو يحمّص بالفرن، ويوضع في الوعاء الذي تقدم الفتة فيه، ثم يفرش وجه الخبز بالحمّص المسلوق حتى يغطى تماما، وبعدها يسقى الخبز بماء الحمص، ويوضع على وجهه "البدوة" المكونة من اللبن، والطحينة الممزوجة بكمية من الثوم المدقوق، والملح، وعصير الليمون، ويصب على وجهه السمنة، أو زيت الزيتون.

وأضاف الكحال، وأخيرا تزين بالمكسرات، والكمون بحسب الرغبة، وتؤكل  بالملعقة ويقدم إلى جانبها: النعنع، والبصل، والفليفلة، والمخلل، والفجل، والجرجير، واللفت المخلل، مبرزًا أنّ سر نجاح هذه الأكلة واستمرارها؛ قيمتها الغذائية، وتكلفتها القليلة، وإمكانية صنعها في البيت، فضلًا عن جودة المواد التي تصنع منها، والتتبيلة الخاصة التي تميز كل محل، وبالتالي تجعل له زبائن محددين يأتون من مناطق بعيدة للحصول على "الفتة" التي يحبونها.

أما الباحث في التقاليد الشعبية محمد خير رمضان فذكر أنّ الفتة أكلة شامية بامتياز، وعمرها مئات السنين، وتتميز بانتشار واسع بين مختلف الفئات العمرية، والاجتماعية، مبيّنًا أنّ المطبخ السوري يمتلك مخزونا كبيرًا، ويعتمد على المواد المحلية الطبيعية، والطازجة في تحضير مائدة ناجحة بوقت قصير، وجهد قليل.

وأردف رمضان، كانت الفتة لوقت طويل أداة مهمة للتعبير عن العلاقات والروابط الوطيدة بين الجيران، حيث يدعو أحدهم جاره أو جيرانه على وجبة الإفطار من "الفتة" الشامية، أكثر الهدايا تداولا بين بيوت الحارة الواحدة في رمضان.

وأشار أم عامر إحدى ربات البيوت، أنّ "تحضير طبق الفتة بسيط، وسهل، وتكلفته مقبولة، ولا يحتاج وقتا كبيرًا، ومن الأكلات الدمشقية العريقة التي ورثناها عن أهالينا، حيث لا تكاد المائدة تخلو منها في كل أوقات العام وخصوصا في رمضان"، مبينة أنّ غلاء الأسعار لم يؤثر على حضور الاكلة في الموائد الرمضانية فما زالت أسعار مكوناتها مقبولة إلى حد ما وهي أكلة مشبعة وجميع أفراد العائلة يحبونها.