مركز الحفية يقرب عيون زائريه من الحياة الجبلية

ألوان وستانليس ستيل ومعادن وصور، تتحول هذه الوسائط الفنية من مجرد أدوات، الى ابداعات تكرس في المعرض ثقافة توعوية وبيئية حول حماية التنوع الحيوي الغني في البيئات الجبلية، وذلك في المعرض المقام في مركز الحفية الذي افتتحه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة. 

يضم المعرض سلسلة من الأعمال التي تهدف الى تعزيز وابراز الثقافة التي يقدمها المركز والكامنة في حماية التنوع الحيواني المهدد بالانقراض في المناطق الجبلية، وإنما عبر الفن. أوجد الفنانون المشاركون سبيلا خاصا في التعبير فاتجهت الفنانة الاماراتية عزة القبيسي الى الستانلس ستيل وأنتجت منه "الوشق الصحراوي" المصاغ وفق حركة قوية تبرز صلابة المادة وقوة الحيوان، وذلك عبر طبقات متطابقة ومتقابلة، وبألوان منبثقة من البيئة المحيطة. وفي السياق التعبيري المباشر، توجه الفنان مارك آدلينجتون، الى تقديم النمر العربي المهدد بالانقراض، ولكن عبر الألوان المائية في لوحات تصويرية الايقاع، تقتطع من جماليات هذا الكائن وسلوكياته، لتبرزه في لقطات بعيدة تارة، أو تفصيلية تتوجه الى بعض أجزاء جسده في الطور الآخر. 
وتتوسع تفاصيل الحياة البرية مع الفنانة لمياء القرقاش التي حرصت على تقديم الحيوانات الثمانية التي يهدف المركز الى حمايتها من خلال اللون وفي اطار خيالي، حيث عمدت الجمع بين القصص الخيالية والسرد الأدبي، وكذلك الرسومات لتأخذ أعمالها أشكال الكتب، وتبعدنا عن نمطية اللوحة الثنائية الأبعاد، وكأننا أمام سلسلة أعمال تركيبية تجمع ما بين الكتب والصناديق الاكريليكية الشفافة. هذا العمل يأخذ حيز البحث التاريخي، ويجمع ما بين جماليات الفن ودقة المعلومات، فيقدم المتعة الفنية والقيمة العلمية.

وبعيدا عن عالم اللون، تقدم الفنانة نوش اناند ثعالب "بلانفورد" المهددة بالانقراض، وكذلك بعض الحشرات من خلال ضوء الفلورسنت الذي يتوهج تحت الأشعة فوق البنفسجية، اذ اختارت أناند هذه الاضاءة لتتماهى مع الكائنات الجبلية الليلية، فالتقطت مجموعة من الصور وعرضتها بأسلوب يعكس حيويتها، ويكسر نمطية الأعمال التصويرية، وخصوصا أنها اعتمدت على استنساخ الحيوانات التي تقدمها آليا، فيخيل الى المتلقي أنه أمام صور أشعة التقطت في مختبرات تحليلية. وفي السياق التصويري نفسه تقدم زينب الهاشم مجموعة من الصور الرقمية المأخوذة من الأقمار الصناعية والتي تكشف التركيبة الجيولوجية لمنطقة كلباء والشارقة، فتجمع منمنمات الارابيسك مع تكنولوجيا العصر لتقدم صورا تجريدية أشبه بصياغة لونية معقدة. بينما تقدم أمل حليق آثار أقدام السكان القدامى من الذهب على صور تحمل مشاهد عديدة من الصحراء والمناطق الجبلية والبراري.  

في الجهة الأخرى تصحبنا بعض الأعمال الى الفن التركيبي، كالفنان خالد مزينة الذي أوجد من خلال الأغراض البسيطة ما يعبر من خلاله عن وجوب الحفاظ على التنوع الحيواني، فتحولت الصحون والملاعق داخل الزجاج الى صيغة تعبيرية بحتة. هذا العمل التركيبي يسانده عمل آخر، قدم فيه عامر الدور وعبر الزجاج مجموعة من قطيع الغزلان، في اطار تجريدي النزعة، حيث يأخذ المادة المستخدمة الى أقصى حدود التعبير. بينما قدمت الفنانة الفنانة لينا يونس وعبر العمل التركيبي الزجاجي عالم الفأر الشوكي العربي السري، من خلال الزجاج الملون الذي يتجلى في ابداعات شكلية تأخذ جمالها من الاختلاف. 

أما التجريب فكان من خلال عمل الثنائي فاري برادلي وكريس وافر، والذي حمل عنوان " صوت في البرية "، والذي يحمل سلسلة من الأصوات الصادرة عن الحيوانات البرية ويمكن للحضور التعرف على سلوكياتهم وبيئتهم من خلالها. 
وفي تعليق على أهمية الأعمال الفنية الحصرية التي أوكل المركز مجموعة الفنانين إقامتها، قالت سعادة هنا سيف السويدي، رئيس هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة، "تقدم الأعمال أهمية حماية التنوع الحيوي في المناطق الجبلية من خلال الفن، وعبر الأعمال التصويرية واللوحات، مما يجعلها تقرب هذه الثقافة الى الجمهور وتخاطبه بلغة بصرية قريبة منه". وأضافت، "يتساند في الاعمال المعروضة الجانب الفني مع الشروحات والنصوص، وهذا يجعل المادة المقدمة عبر الفن ذات قيمة اكبر، فهنا يقترن الفن مع البحث التاريخي والعلمي، ويستمد عمقا يتوازى مع الجمال". واعتبرت انه من الجميل ان يكون الفن لغة تتخطى الحدود الابداعية في المواد المستخدمة، حيث تأخذ اللوحات والصور دورا جديدا، ينطوي على الابهار من جهة، وعلى الثقيف وتقديم رسالة بيئية ومجتمعية.