جزيئات الفلورسنت

اكتشف العلماء طريقة تمكنهم من قراءة ما يدور في دماغ ذبابة الفاكهة، حيث تمكنوا من ملاحظة كيف يضئ دماغها الصغير بمجرد رؤية بعض من فاكهة الموز بالقرب، وتهدف ذبابة الفاكهة إلى هدفين في حياتها القصيرة نسبيًا هما العثور على فاكهة متعفنة، بالإضافة للتكاثر.
 
واستطاع العلماء استخدام جزيئات الفلورسنت لوضع علامة على الخلايا العصبية في أدمغة هذه الحشرات، حيث تنتج خلاياها العصبية ألوان مختلفة في حالة اتصال الخلايا مع بعضها البعض، حيث استمرت هذه العلامات الفلورية في التوهج لمدة تتراوح بين 10 دقائق إلى ساعة واحدة ما يعني أنه يمكن للعلماء التنصت على ما يجري في عقل هذه الحشرات الصغيرة.
 
ونجح العلماء في معرفة ما إذا كانت هذه الحشرات تعيش في بيئة حارة أو باردة من خلال الطريقة التي تضئ بها دماغها، كما استطاعوا ملاحظة أن رائحة فاكهة الموز لها ردة فعل مختلفة في منطقة الشم في دماغ الحشرة مقارنة برائحة الياسمين على سبيل المثال.
 
وأوضح الدكتور "ماركو جاليو" من جامعة "نورث وسترن" فى إلينوي الذي قاد البحث " كشفت نتائجنا عن نمط معين من النشاط بين الخلايا العصبية في دماغ الحشرة، ولاحظنا تبادل إشارات مستمرة بين الخلاية وتمكنا من رؤيتها تحت المجهر".
 
وركّز الباحثون الذين نشر بحثهم في مجلة "تواصل الطبيعة" على التواصل الذي يحدث بين الخلايا العصبية في دماغ هذه الحشرة، وكشفوا أن كل الخلاية العصبية في دماغ الحشرة ترسل معلومات إلى الخلايا المجاورة عبر اتصالات تعرف باسم " نقاط الاشتباك العصبي" حيث يتم تمرير حزم صغيرة من المعلومات الحيوية فيما بينهما.
 
ووجد الباحثون أنه يمكنهم تقسيم العلامات الفلورية إلى نصفين حيث يقع جزء في الخلايا العصبية للتحدث والجزء الأخر في الخلايا العصبية للاستماع، وعند إرسال رسالة بين اثنين من النقاط العصبية أضاءت النقطتان معا، واستخدم الباحثون ألوان مختلفة من الجزيء الفلوري لدراسة الأنواع المختلفة من الاشتباك العصبي، ما سمح للباحثين برؤية ألوان متعددة تحت المجهر في دماغ الذبابة الواحدة، وأمكن للباحثين التنصت على تعامل هذه الحشرات مع الحرارة والرؤية والرائحة.
 
وكشف الباحثون أن من بين روائح الأطعمة المفضلة لدى هذه الحشرة كانت رائحة الموز حيث أضاءت النقاط العصبية في الدماغ بشكل واضح، وتعيش ذبابة الفاكهة لمدة تصل إلى 30 يوما ويشاع استخدامها كنموذج علمي للحيوانات الكبيرة.
 
ويأمل الباحثون في أن يساعد عملهم في توفير وسائل جديدة لدراسة كيف يمكن أن تعيد الشبكات العصبية ترتيب نفسها وفقا للذكريات التي تحدث أو خلال التعلم أو بعد إصابة الدماغ، وتعمل هذه التكنولوجيا حاليا في ذبابة الفاكهة فقط ولا يمكن استخدامها في الحيوانات الكبيرة أو البشر، وبدلا من ذلك يستخدم العلماء تقنيات أخرى لملاحظة نشاط الدماغ البشرى من خلال تسجيل الإشارات الكهربائية العابرة التي ينتجها الدماغ، في حين توفر هذه التقنية الجديدة تسجيل مدى تواصل الدماغ لمدة أطول.
 
وذكر الدكتور جاليو "تحدث الكثير من العمليات الدماغية على مستوى نقاط الاشتباك العصبي حيث تتحدث الخلايا العصبية إلى بعضها، وتنشط النقاط العصبية مع القيام بأنشطة مختلفة كما شاهدنا اختلافها في الحيوان الواحدة إلى ثلاثة علامات مميزة، وتسمح هذه التقنية بمعرفة أي نقاط الاشتباك العصبي التي تتواصل أثناء القيام بسلوك أو تجربة حسية معينة، إنها طريقة فريدة من نوعها".