شيكاغو ـ عادل سلامه
أكّد العلماء أن الارتفاعات الصغيرة في مستوى سطح البحر سوف تُضاعف وتيرة الفيضانات الساحلية الشديدة في معظم أنحاء العالم، ما يمكن أن يتسبب في عواقب وخيمة على المدن الكبرى المطلة على السواحل واعتمد البحث، في جامعة إلينوي في شيكاغو، على دراسة الموجات الكبيرة والعواصف والإعصار، وكل العوامل التي يمكن أن تتسبب تدريجيًا في ارتفاع مستويات سطح البحر على حافة الشريط الساحلي.
وقال الباحثون إن خطوط العرض الجنوبية هي أول من سيتأثر بذلك، وتشمل أماكن واسعة من المناطق الإستوائية من أفريقيا إلى أميركا الجنوبية وفي جميع أنحاء جنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى الساحل الأطلسي في أوروبا والساحل الغربي للولايات المتحدة.ومن المتوقع أن تشهد المناطق المعرضة لأخطار ارتفاع مستوى سطح البحر، بما في ذلك المدن الكبيرة في البرازيل وساحل العاج، وجزر المحيط الهادئ الصغيرة، تأثيرات كبيرة في غضون عقد من الزمان. وقال شون فيتوسك، من جامعة إلينوي في شيكاغو، والذي قاد البحث: "من المحتم جدا أن نشهد ارتفاعًا متزايدًا لمستويات سطح البحار في المستقبل القريب، والذي لا مفر منه".
ويتسبب تغير المناخ في ارتفاع منسوب مياه البحر بحوالي 4 ملم في السنة، حيث تذوب الغطاء الجليدي وتدفئ المحيطات وتتوسع، وهذا سيستمر لسنوات عديدة بسبب ثاني أكسيد الكربون الذ تتزايد نسبته في الغلاف الجوي. ومن غير المرجح أن يتسبب الارتفاع المطرد في مستوى سطح البحر في حدوث فيضانات مباشرة حيث أن تطورات خط الساحل المصممة تتحمل الصخور الكبيرة وتدفق المد والجزر، ولكن ارتفاع مستوى البحر يعطي نقطة انطلاق أعلى للعواصف والإعصار والموجات الكبيرة التي يمكن أن تطغى على الدفاعات الساحلية.
البحث، الذي نشر في مجلة التقارير العلمية، هو الأول لتحليل هذه العوامل، وخاصة الموجات، على نطاق عالمي. ووجد العلماء أن أكثر المناطق تعرضًا للخطر هي في خطوط العرض المنخفضة، حيث نطاقات المد والجزر تكون أصغر والذي يعني أن ارتفاع مستوى سطح البحر هو أكثر أهمية. وفي تلك المواقع، يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 2.5 سم فقط إلى ارتفاع مستويات المياه مرتين، في حين أن الزيادة التي تتراوح بين 5 و 10 سم تعني أن الفيضانات الساحلية تكون ضعيفة في جميع المناطق المدارية، وارتفاع 20 سم يتسبب في ضعف المخاطر.
وتتباين التوقعات المتعلقة بارتفاع مستوى سطح البحر، مع تقدير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ التابع للأمم المتحدة في عام 2013 بزيادة تتراوح بين 30 سم و 100 سم بحلول عام 2100. غير أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن الغطاء الجليدي اصبح أكثر عرضة للذوبان في عالم الاحترار وأن مستويات المحيطات يمكن أن ترتفع بسرعة أكبر لتصل إلى 200-300 سنتيمتر بحلول نهاية القرن.
إن ارتفاع 5-10 سم، من المرجح أن يحدث في غضون بضعة عقود، وهذا يعني أن المدن الكبرى بما في ذلك سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة ومومباي في الهند وهوي مينه في فيتنام وأبيدجان في ساحل العاج تواجه خطرًا مضاعفًا من الفيضانات الساحلية، ويقول العلماء إن "خرائط زيادة إمكانات الفيضانات تشير إلى مستقبل مزعج".
قال توماس وال، أستاذ المخاطر الساحلية في جامعة سنترال فلوريدا، الذي لم يكن جزءًا من فريق البحث: "تبين هذه الدراسة كيف يمكن لهذه التغيرات الصغيرة في مستوى سطح البحر، أن تزيد بشكل كبير الأخطار على المدن التي تطل على السواحل"، وأضاف "في النهاية، ما زلنا نحتاج إلى مزيد من الدراسات المحلية حتى تتمكن المناطق الساحلية من اتخاذ قرارات مهمة للتغلب على هذه المشكلة". وقدرت الأبحاث السابقة أن الأضرار الناجمة عن الفيضانات الساحلية قد ترتفع إلى 1 طن سنويًا بحلول عام 2050. وقال فيتوسك: "سنضطر إلى [خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون] لمنع الكثير من هذه الكوارث الطبيعية من الحدوث، مضيفا: "نريد أن تبقى جرينلاند والقطب الجنوبي جليدا لأطول فترة ممكنة".