لندن ـ رانيا سجعان
تشير البحوث الجديدة الى أن عددا متزايدا من النساء الأصغر سنا يقررن إنجاب الأطفال قبل أن يشرعن في تسلق السلم الوظيفي، ولويزا بيكوك تتساءل ما إذا كان هناك وقت مناسب لإنجاب الأطفال.
ما هو الوقت المناسب في حياتك لإنجاب طفل؟ حسنا، ليس هناك وقت مناسب، فالناس تختلف، وذلك يعتمد على ملايين الاعتبارات. لكن ذلك لا يمنع العديد من النساء
في أوائل العشرينات والثلاثينات، وأنا من بينهن، من طرح هذا السؤال.
من السيناريوهات المختلفة التي تجول فى رأسي (وفى رأس أصدقائي وزملائى فى العمل ') ومع الانتباه الى ان الناس تختلف دعونا نحاول بعض الاقتراحات: بعد التخرج من الجامعة، في أول وظيفة لك؟ أو في وقت لاحق قليلا، ربما بعد ثلاث أو أربع سنوات من الاستقرار في العمل واثبات وجودك؟ دعونا نفكر في الأمر، ألا يجب أن نتسلق السلم الوظيفي أولاً - ستة، سبعة، أو ثمانية أعوام من العمل الدؤوب - قبل تخصيص الوقت لانجاب الأطفال؟
انتظروا دقيقة. ماذا عن انجاب الأطفال قبل ايجاد الوظيفة المناسبة -ربما في أواخر سنوات المراهقة ، أو أوائل العشرينات وهو السن الذي تكون المرأة فيه أكثر صحة ولياقة للانجاب ومؤهلة أكثر من ترك هذا الأمر حتى وقت لاحق؟
أو - فكروا - ماذا لو تركناها للطبيعة لتبت فى الأمر؟ لما لا نتوقف عن التوجس من ذلك، وترك الأمر يحدث ، وقتما يحدث .
هناك الكثير من الخيارات. ويعجبني هذا الخيار الأخير ، على الرغم من انه لم يكن الخيار الذى تبنيته انا أو العديد من أصدقائي. لقد عشت مرحلة العشرينات من عمري في علاقة مستقرة ووظيفة مستقرة ايضاً ، لكن رغم ذلك لم أشعر انني مستعدة بعد لان اكون أما. لقد اخترت ان أضع خطة للوقت المناسب لانجاب الأطفال .
لكن الحقيقة انه لم تكن لدي بالفعل أية خطط. الخطة الوحيدة عندي ألا انجب الآن. انها خطة جيدة بالنسبة الي. ولأكون صادقة أنا لا أعرف متى هو الوقت المناسب لذلك، ومن يعرف حقيقة ؟ ربما لن يكون هناك ابداً 'الوقت المناسب'. بما ان عمري الآن 32، ومتزوجة، الخ الخ - فإنه من الواضح وضوح الشمس مع كل الحقائق على الطاولة ان هذا هو الوقت المناسب للبدء. ولكن الأمور أكثر تعقيدا من ذلك.
وإلى كل هؤلاء الناس الذين يعتنقون بحزم مبدأ 'من الذي يهتم دع الطبيعة تقرر' ، انتم لا تعرفون كم انتم محظوظون. بالنسبة لكثير من أجداد جيلي ، أيضا، كان هذا هو بالتأكيد ما فعلوه. الزواج وإنجاب أطفال. كان هناك بالكاد أي 'خيار' في هذه المسألة. كان هذا ما يفعله كل من يتزوج حديثا.
هل هناك الكثير من الخيارات ؟
لكن هذا 'الخيار' يمكن أيضا أن يكون عبئا: فأنت لا ترغبين في اختيار المسار الخاطئ وانت تعرفين أنه كان من الممكن ان تتخذي مسارا آخر. بالطبع، ليس كل امرأة (أو رجل) يريد ان يكون لديه 'مهنة': فكثير من الناس يعملون فقط ليعيشوا أوببساطة يحصل على وظيفة من اجل ان يدفع فواتيره ، والبعض الآخر يعمل دون ان يهتم حقيقة بما يعمل. هذا خيارهم. وفى المقابل هناك العديد من النساء (والرجال) أيضا يختارون أن يبقوا فى المنزل فقط ليصبحوا أمهات أو أباء، لأن هذا ما يعتبرونه أهم شيء بالنسبة لهم. وهذا جيد بالنسبة لهم.
لكن بالنسبة للكثير من النساء اللواتي اعرفهن فان 'المهنة' وتحقيق الذات سبب كاف ٍ لتأجيل الإنجاب. أما وقد قلت ذلك، فلابد ان أشير الى دراسة حديثة من كلية لندن للاقتصاد نشرت في نهاية الاسبوع ، و كشفت عن أن النساء الأصغر سنا يخترن انجاب الأطفال أولاً ، ثم الوظيفة في وقت لاحق. ويشير الباحثون إلى أن الكثيرين يعتقدن أنهن لا يملكن الذهاب للعمل لإثبات أنفسهن: انهن راضيات تماما بقضاء السنوات الخمس الأولى في المنزل مع أطفالهن.
إيما سبيتز التى تدير منظمة استشارية للتدريب التنفيذي، وهي منظمة تساعد النساء على العودة إلى العمل بعد أخذ بعض الوقت لرعاية الأطفال، فضلا عن مساعدة الشابات على تشكيل حياتهن المهنية والتوفيق بين العمل والحياة الأسرية.
انها تشدد هناك على انه ليس هناك حقا أي نهج قياسي واحد يناسب الجميع بالنسبة لانجاب الأطفال. مع ذلك، تقول أنه حتى في بيئة المدينة سريعة الخطى، فإن عددا متزايدا من النساء يخترن انجاب الأطفال في مرحلة مبكرة من حياتهن المهنية، وهن اقل قلقا حول الحاجة إلى "ترك بصماتهن" فى العمل .
"الكثير من النساء الآن أصبحن أكثر واقعية حول الوقت الذى يستغرقنه للوصول الى حيث يردن في حياتهن المهنية. والبعض يفكرن أنه من الأسهل أن ترك ذلك [انجاب الأطفال] عندما يتخففن من مسؤولياتهن على ان يعدن اليه في وقت لاحق. وحينها يمكنهن تحقيق النجاح الحقيقي ".
وتقول : "النساء في هذه الحالة يعرفن ان الأمر يتعلق "بالاسراع فى الخطى " في حياتهن المهنية . فهن يدركن أنه يمكنهن أخذ بعض الوقت للانجاب ، لكنهن سيتخلفن عن نظرائهن من الرجال، ولكن "هل يهم هذا حقا": عندما يعدن للعمل فانه يمكنهن اللحاق بما فاتهن وعندهن بقية حياتهن أمامهن ليتدراكن ما فاتهن - و يتجاوزنه ايضاً .
وتقول سبيتز ان المرونة أيضا امر مهم: الخلط بين بعض العمل و الأبوة أوالأمومة هو خيار مجرب ومختبر لدرجة أن الكثير من أصحاب العمل تقدم هذا الخيار للأمهات الجدد ، وذلك يعطيهن فرصة للبقاء على اتصال مع عالم العمل. "ان الامر ليس اما ان تأخذ كل شيء أو لا شيء، بل من الأسهل بالنسبة للعديد من الأمهات الجدد البقاء ضمن القوى العاملة بشكل أو بآخر بدلا من ترك الأمر كله."
لو سألت نفسي، في أعماقي، لماذا لم تتح لي الفرصة حتى الآن لانجاب الاطفال ، أجد ان 'المهنة' تلعب دورا كبيرا فى ذلك ، على الرغم من انها بأي حال من الأحوال ليست السبب الوحيد.
لو أردت ان أعترف بذلك، وبأننى أريد أن ان اترك بصمة فى عملي قبل أن انجب أطفال، يذكرني زوجي (واعتقد انه على حق) أن هذا غير صحي وغير طبيعي ان نحاول باستمرار فصل الاطفال عن شئون الحياة (أي المهنة، والعمل، والأصدقاء، والخروج، الخ).
ويقول انه من غير الطبيعي الالتزام بمحاولة النجاح في الحياة المهنية قبل انجاب الاطفال: أ) لابد أن يكون لدى المزيد من الثقة في النفس فى اننى سأعود الى العمل العودة . ب) قد تتغير طموحاتى بعد انجاب الاطفال على أي حال . ج) الأهم من ذلك ان الاطفال هم الحياة ؛ ووجود الأسرة هو الحياة، وأنا لا ينبغي ان احاول جاهدة تجزئة حياتى .
عادة ، ما أرد عليه قائلة 'أنه من السهل بالنسبة لك ان تقول ذلك ' ولكن في الواقع، ما يقوله هو ترياق منعش للتوجس الذى يصيبنى ويصيب العديد من صديقاتى عند تخيل ملايين السيناريوهات المختلفة حول الأطفال