إسلام آباد ـ جمال السعدي
تتزايد المخاوف بشأن سلامة النساء أثناء عملية التصويت خلال الانتخابات الباكستانية العامة، التي تجري في الأسبوع القادم، وذلك بعد انتشار العديد من الرسائل في مناطق باكستان جميعها، تحذر الرجال من السماح لزوجاتهم وأخواتهم وبناتهم، من المشاركة في الانتخابات والإدلاء بأصواتهن. وتفيد هذه الرسائل بأن مشاركة النساء في العملية الديموقراطية "يخالف الإسلام"، وذلك في الوقت الذي تشهد فيه البلاد أجواء من التوتر والعنف قبيل يوم التصويت المقرر له 11 أيار/مايو الجاري. وتستعد جماعة من الناشطات الباكستانيات، بالتخطيط لنشر فرق حماية في مراكز الاقتراع كلها، في محافظة خيبر باختونخوا والتي كانت تعرف سالفا باسم إقليم الجبهة الشمالية الغربية، وذلك في تحد إلى الرسائل، وسط عجز الحكومة الباكستانية عن توفير الحماية إلى المرأة كي تمارس حقها في التصويت. يذكر أن الانتخابات الباكستانية المقبلة، يطلق عليها "انتخابات الشباب" لترواح أعمار ثلث عدد الناخبين فيها بين 18 إلى 29 عاما. وتعتزم تلك الجماعة المكونة من النساء الشابات التغلب على العقبات والعوائق الثقافية والسياسية من أجل أن يكون لهن صوتا مسموعا. وتقول مؤسسة ومديرة جماعة "بنات واعيات" سابا إسماعيل 23 عاما إن الجماعة - وهي سلمية تعمل على إكساب البنات مهارات القيادة-تستعد لمراقبة 30 مركز اقتراع، بفرق تضم متطوعين لدعم المرأة وإعانتها على التصويت. وقامت هذه الجماعة بتدريب الفتاة الناشطة مالالا يوسفزاي البالغة من العمر 15 عاماً، والتي تعرضت لطلق ناري في أكتوبر الماضي،على يد طالبان في محاولة لاغتيالها لمشاركتها في حملة للدفاع عن حق البنات في التعليم، والتي تحولت بعدها إلى رمزاً دولياً. وأضافت سابا أن "مالالا ليست الوحيدة التي تتمتع بالشجاعة ولكنها البطلة التي تمثلنا جميعا"، مثنية عليها باعتبارها فتاة قوية لعبت دوراً نموذجياً أصيلاً كان له أثره على نساء عدة وأمدتهم بمزيد من القوة كي تتحدى التهديدات كافة وتخرج للتصويت. وأوضحت أن النساء في المناطق الريفية هن الأكثر عرضة للخطر ولهذا فإن الجماعة سوف تضع متطوعين لإزالة المخاوف والخروج للمشاركة في هذا اليوم المهم. وأشارت إلى أن مراكز الاقتراع في انتخابات عام 2008 كانت مضاءة، وكانت مشاركة النساء في الاقتراع بمثابة جرأة، أما الآن فنحن نريد أن تنعم باكستان بانتخابات حرة، ونريد للمرأة أن تكون قادرة على الإدلاء بصوتها في سرية دون تأثير عليها من جانب أفراد عائلتها. وقالت إن العدد القليل من النساء اللاتي يشاركن في النظام السياسي يتعرضن،لضغوط من عائلاتهم لتحديد اختياراتهم. وبرهنت سابا على ذلك بالإشارة إلى مشاركة ثلاثة من النساء السياسيات في المناقشات التليفزيونية عبر التليفزيون الباكستاني، والتي كان من بين الأسئلة التي كانت مطروحة عليهن: هل ينبغي السماح للمرأة بالعمل لاسيما وأنها تستغرق وقتا أطول في الوصول إلى مكتبها لأنها تمضي وقتا أطول في التزين والتجمل؟ وأضافت أنها تشعر بخيبة أمل بسبب حملة المتطرفين التي تدعو النساء إلى عدم المشاركة في التصويت. يذكر أن هذه الجماعة قد اضطرت إلى أن تغير مواقعها مرتين بسبب التهديدات التي تتعرض لها. وكان الجيش الباكستاني قد أعلن عن نشر 70 ألف جندي في أربع محافظات يوم الانتخابات بالإضافة إلى الآلاف من أفراد الشرطة وغيرهم من القوات الأمنية. وهناك مخاوف من عدم فتح بعض اللجان الانتخابية في بلوشستان بسبب رفض المشرفين على الانتخابات التواجد بسبب المخاوف الأمنية. ورغم ذلك فإن استطلاعات الرأي تقول أن معدل المشاركة هذا العام سوف يحقق رقماً قياسياً يفوق ما كان عليه عام 2008. يذكر أن هذه الانتخابات تأتي بعد أول اكتمال لفترة حكم لحكومة يتم انتخابها بطريقة ديموقراطية في تاريخ باكستان، لاسيما وأن الحكومات السابقة لم تكمل فترات حكمها بسبب الانقلابات أو التدخلات الديكتاتورية. ويتوقع أن تشهد الأيام القادمة أعمال عنف أكثر دموية، حيث يتم في 11 أيار/مايو استعراضاً للقوة بين طالبان وغيرها من الجماعات وبين قوة الناخب الباكستاني نحو الديموقراطية. وتلقت الأسبوع الماضي ثلاثة أحزاب سياسية تهديدات من طالبان، وتحدت الأحزاب تلك التهديدات في بيان جماعي وأعلنت أن العنف لن يخيفهم. ولقي الجمعة الماضية مرشح حزب عوامي الوطني مصرعه ومعه طفله البالغ من العمر 3 سنوات على يد مسلح في كراتشي ، وشهدت العاصمة مقتل النائب العام في قضية رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنظير بوتو، بينما لقي شودري ذولفقار علي مصرعه وهو في طريقه لحضور الجلسة التالية للنظر في قضية مقتل بنظير بوتو التي اغتيلت عام 2007.