الشارقة ـــ صوت الإمارات
أفادت دراسة بحثية ميدانية، بأن المساجد تعتبر أكثر المؤسسات تأثيرًا في التنشئة الاجتماعية للأطفال، تليها وسائل الإعلام (القنوات الفضائية والإنترنت)، ثم الأسرة والمدرسة، وأخيرًا الحضانة.
وشملت الدراسة، التي أشرف عليها قسم البحوث والدراسات في إدارة مراكز التنمية الأسرية بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، عينة عشوائية تتكوّن من 120 فردًا من الطلبة وأساتذة الجامعات، وجاءت تحت عنوان: "المؤسسات المؤثرة في التنشئة الاجتماعية.. دراسة ميدانية من وجهة نظر أساتذة وطلبة الجامعات".
وطالبت الدراسة بتفعيل دور العوامل والمؤسسات التي ثبت ضعف مساهمتها في عملية التنشئة الاجتماعية، مثل المدرسة والحضانة، من خلال البحث عن النقائص التي جعلت المدارس لا تؤدي دورها الفاعل في المجتمع، كما أشارت إلى أهمية تفعيل دور الحضانات، من خلال تطوير البرامج والمناهج الموجهة للأطفال في الروضة، ومتابعة نشاطاتها، وتقويم الأخطاء التي تقع فيها، مع محاربة النظرة الضيقة التي تقول إن رياض الأطفال غير ضرورية، وإنها أسلوب حياة غربي.
وأظهرت نتائج الدراسة، التي أعدتها الباحثة فاطمة الزهراء سحنون، وحصلت "الإمارات اليوم" على نسخة منها، أن أهم المؤسسات المؤثرة في التنشئة الاجتماعية هي المساجد، التي جاءت في المرتبة الأولى، لما لها من أهمية كبيرة في نفوس الأسر المسلمة، لأن ما تنشره من قيم وأخلاق مستمدة من القرآن والسنّة النبوية.
وجاءت في المركز الثاني وسائل الإعلام، ممثلة في الإنترنت والقنوات الفضائية وغيرهما، إذ تلعب دورًا كبيرًا في التأثير في الأفراد، سواء بالإيجاب أو السلب، حسب الدراسة، التي أظهرت تراجع دور الأسرة إلى المرتبة الثالثة، تليها المدرسة التي لم تعد تؤدي الأدوار المنوطة بها لأسباب عدة، أهمها تأثيرات العولمة وإفرازاتها الثقافية والاقتصادية، ما أدى إلى تغير طبيعة العملية التعليمية من نشر القيم والأخلاق إلى تلقين العلوم.
وجاءت في المرتبة الأخيرة دور الحضانة ورياض الأطفال، لأسباب منها أن الفترة الزمنية التي يمكث فيها الطفل في الحضانة تعتبر قليلة مقارنة بالمدرسة أو المسجد، إذ كشفت الدراسة أن الوراثة لا تؤثر في تكوين شخصية الطفل إلى حد كبير، حسب إجابة أفراد العينة، كما أن دور الحضانة غير كاف لتفسير عملية التنشئة الاجتماعية، واستخدام الضرب غير مفيد لتقويم سلوك الأطفال، وأن أغلب الفقرات السابقة تنتمي إلى محور الحضانة والمدرسة.
وأوصت الدراسة بضرورة التأكيد على ضرورة التكامل بين كل المؤسسات والجهات المختلفة، وتضافر الجهود من أجل تفعيل عملية التنشئة الاجتماعية، ودور الأسرة والمسجد والمدرسة ووسائل الإعلام المكتوبة والسمعية والبصرية، مؤكدة أن التنشئة الاجتماعية ليست عملية تقوم بها مؤسسة واحدة فقط.
وفي ما يتعلق بالأسرة، أوصت الدراسة بضرورة التركيز على التربية وفق القيم الأخلاقية التي تحافظ على الهوية الثقافية والدينية والوطنية للمجتمع، وإيجاد آليات للتواصل بين الأسرة والمدرسة، لتتبع المسار الدراسي والسلوكي للتلاميذ داخل المؤسسات التعليمية، والعمل على توفير مختصين ومستشارين اجتماعيين ونفسيين في كل المؤسسات التعليمية، من أجل رعاية الأطفال، ومتابعتهم قبل الوقوع في انحرافات سلوكية، وتفعيل دور المعلم في غرس القيم في الأطفال.
أما ما يتعلق بوسائل الإعلام، فأوصت الدراسة بضرورة مراقبة الأطفال والمراهقين في ما يشاهدونه ويستخدمونه من وسائل تكنولوجية حديثة، وضرورة تخصيص قنوات وصحف ومجلات ومواقع إلكترونية هادفة، تسهم إلى جانب الأسرة والمدرسة في تنشئة اجتماعية سليمة، وعدم ترك الأطفال ساعات طويلة أمام التلفزيون أو الإنترنت، وليكن هناك حد أقصى لا يمكن تجاوزه، وعلى الأسرة أن توجه أبناءها بعدم إعطاء أي بيانات شخصية عن أنفسهم أو أسرتهم للأفراد الذين يقابلونهم في غرف المحادثة من خلال الإنترنت، فوسائل الإعلام يمكن أن تسهم إما بإيجابية في تعزيز مقومات بناء الفرد المسلم، أو يكون تأثيرها سلبيًا، فينتج عن ذلك الخلل في بناء الشخصية والتناقض. وأشارت إلى أن تأثير الإعلام كبير، لأنه فضاء منفتح أصبح يشكل خطرًا حقيقيًا على التنشئة الاجتماعية للأفراد، خصوصًا الأطفال والشباب، الذين باتوا معرضين أكثر لأخطار وسائل الإعلام والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ما يعيق توجيهات الوالدين.