بغداد ـ نجلاء الطائي
أيقظتني زوجتي الساعة الثامنة صباحًا كالعادة للذهاب إلي عملي، ولكن الغريب اليوم أنها صاحبت الله يصبحك بالخير بـ"happy valentine day"، فنهضت منتفضاً لأجد بيدها وردة حمراء مسلفنة تدنو مني مكتوب عليها عيد حب سعيد لم أجد شيئاً ما أمتص به غضبي سوى ابتسامة علت جبيني أنهت الموقف لأغادر المنزل وفوق رأسي هموم الدنيا.
ودعتني زوجتي وأنا أعلم أنها تنتظر مني هدية عيد الحب، الذي لم أؤمن به لحظة ولم تؤمن هي الأخرى به ولكن الله يسامح مشايخ التلفاز، ومواقع التواصل الاجتماعي في تذكير تلك المور ولا مفر من ذلك.
تحدث أبو جنى لـ"صوت الإمارات" عن ذلك الموقف العام الماضي وهو متشائم في عودته بهذه السرعة هذا العام والتفكير في جلب هدية فاخرة ودعوتها في مطعم فاخر وجميع تلك الأمور وهي في المقابل لا تتعدى هدية زوجته "وردة حمراء".شموع حب من الورد والملائكة الناعمة والدببة البريئة، تزين عيد الحب "الفالنتاين"، في أسواق "بغداد" أحد أشهر الملامح الشعبية للعاصمة العراقية ثاني أكبر مُدن الوطن العربي بعد القاهرة.
وتلونت معظم الأسواق والمحال التجارية في العاصمة العراقية بغداد باللون الأحمر، عبر تنويعات من الورود والهدايا والمنشورات الضوئية ومستلزمات الزينة الزاهية، استعدادًا لاستقبال احتفالات "عيد الحب" "الفالنتاين"، بطريقة وصفها عراقيون بأنها رد فعل معاكس لكل التوترات والمخاوف التي تعم المشهد السياسي في البلاد، خصوصًا مع استمرار الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها الحكومة العراقية لمنع زحف متظاهري الأنبار إلى بغداد.
تقول حنان، وهي تود شراء هدية إلى حبيبها بمناسبة "الفالنتاين"، وقد أجابة لـ"العرب اليوم" حول السؤال الذي طرح عليها لماذا الاستعجال في شراء الهدايا مبكرًا وأن موعد "الفالنتاين" يصادف الرابع عشر من الشهر الجاري.وأشارت حنان بأنها تعودت على شراء الهدية قبل فترة طويلة والسبب يعود حسب قول حنان بارتفاع أسعار الهدايا، إضافة إلى نفاذ الهدايا الجيدة والثمين في الفترة المقاربة لتلك المناسبة.
وأكدت حنان أن الاستعداد هذا العام بدت مبكرة وواسعة أكثر من الأعوام الماضية، مبررة ذلك برغبة الناس في تحدي حالة الهلع والخوف والقلق التي يعيشها المجتمع العراقي، خصوصًا من الشباب الذي تجمع لدى المحال التجارية لشراء هدية "عيد الحب" للشريك أو الحبيب.
وانتشرت في أسواق الكرادة والمنصور والحارثية وفلسطين والكاظمية معالم جديدة للاحتفال، عبر تزيين واجهات المحال بالأحمر وارتداء الملابس الحمراء وتزيين السيارات ومداخل البيوت السكنية بالأشرطة الضوئية والمنشورات الملونة.
فيما يقول مروان السامرائي، 27 عامًا، من منطقة الكرادة وسط بغداد، "أحرص على أن أجلب إلى من أحب هدية عيد الحب كل عام، وإن كانت بسيطة، وفرحت لأن بغداد بدأت تتحدى أزماتها وتديم أفراحها على الرغم من خلافات السياسيين فيها، من أجل ديمومة الاحتفال والحب والفرح".
أما الشابة هبة خالد، 22 عاما، فقالت: "لم نعد نعبأ بالإجراءات الأمنية التي حولت حياتها إلى معتقل كبير، ونحاول أن نعيش حياتنا كما نريد، لا كما تفصلها لنا السلطات"، واحتفالات عيد الحب بدأت تنتعش في بغداد على نحو واضح في الأعوام الخمس الأخيرة، في محاولة من البعض لتغيير أجواء التوتر وتردي الخدمات في البلاد وتصاعد اتهامات السياسيين في ما بينهم.
يقول الشاب احمد العزاوي صاحب مكتبة "عطر الورد" للهدايا: "كل عام يكون الاحتفال أوسع وأجمل بعيد الحب، وقمت بتهيئة ديكور جديد لمحلي زينته بالأقمشة الحمراء والبيضاء كي أجذب الزبائن، وحرصت على تهيئة هدايا منوعة بكل الأسعار كي تكون مناسبة للجميع"، واثناء الحديث طلبنا من الشاب أحمد العزاوي رواية لنا إحدى قصص الحب الذي تأثر بها ولا يقدر نسيانها في أرض الواقع وليس من مخيلته فكانت الأجابة الموافقة وبدأ يسرد قصة زميله الذي رفض الأدلاء بأسمائهم خوفا عليهم وبدأ الحديث.
كان ذلك الشاب الوسيم يختال بسيارته الجديدة الفارهة، كيف لا وقد عاد لتوه من بعثته الدراسية التي كللت بالنجاح حصل على أثرها على وظيفة مرموقة توقف هذا الشاب عند أحد الاسواق ونزل من سيارته، وكانت تفوح منه رائحة أزكى العطور وكان في أقصى أناقته وخيلائه، كان بكل اختصار فارس الأحلام لأي فتاة تجول في السوق قليلا وأثناء تجوله لمح فتاة وهي لمحته، وإذا بعدة رسائل بدأت تنبعث بين بعض القلوب فجأة جمعت بينهم صدفة القدر، وكانت تلك الفتاة ترتدي عباءة ووشاح أسود، كانت رائعة الجمال رقيقة لأبعد حدود كانت هي الأخرى فتاة لأحلام أي فتى، أحست بالخجل لأن نظرات ذلك الشاب كانت مصوبة أليها، ابتسمت العيون قبل الأشداق وتلامست القلوب قبل الأيادي إنه الإعجاب الجارف إنه الحب من أول نظرة.
ومن أول لحظة خرجت تلك الفتاة من السوق وهي تضم بين قلبها الرقم الذي سمعته وعلى وجهها ابتسامة ليس لها معنى الا تلك الاحلام التي بدأت تداعبها عن المستقبل الاتي مع هذا الفارس عندما عادت الى المنزل دخلت غرفتها واستلقت على السرير بجسدها وحلقت روحها في حدائق من الزهور في صباح باكر ندي، وفي سماء ربيع منعش ملئ بالمرح والانطلاق وعندما جاء المساء، وبالرغم من أنها المرة الاولى في حياتها التي تقدم فيها على فعل مثل هذا الشيء لم تتردد في الاتصال لحظة .. أمسكت السماعة وبدأت أصابعها المرتعشة تضغط على الأرقام وفي كل ضغطة كانت هناك رجفة تسري في قلبها، رفعت السماعة في الجانب الآخر، الو، سكتت لحظة ثم قالت بصوت خافت مساء الخير، وكما كان يتوقع.
كانت هي لا يمكن أن يكون هذا الصوت الرقيق إلا لتلك الفتاة التي رأها كثيرًا في الأحلام ورأها في الواقع مرة واحدة من فرط السعادة رد التحية وبدأ يتكلم ويثرثر بدون توقف خوفا من أن تنقطع تلك اللحظات السعيدة، لكننا نقول أنه لم يكن يوجد في تلك المدينة بل في العالم قلبين أسعد من هذين القلبين مرت الأيام وكانت تلك البداية البسيطة قد أصبحت حبا كبيرا، كانوا متوافقين في كل شيء تقريبا وكانوا متفاهمين الى أبعد الحدود وكانت الاتصالات لا تنقطع بينهم ليل نهار تعودت عليه كما تعود هو عليها حتى أنه عندما سافر في أحدى المرات ولفترة بسيطة حزنت كثيرا وأظلمت حياتها وكأن قلبها قد ضاع منها وكأن انفاسها سرقت منها وبعد مضي أشهر قاربت على العام كانت تلك العلاقة قد نضجت.
وخلال هذه المدة لم تراه أو يراها الا مرات قليلة حيث كانوا يتواعدون في أحد الاسواق وكان ذلك عن بعد أيا منهما لم يكن يدري الى أي يء سوف تنتهي قصة الحب هذه وأن كانا يتمنيان أفضل ما يمكن كانت الايام تمر وكانت تلك الفتاة تحدث نفسها بأن شيء ما سوف يحدث خلال الايام القليلة القادمة وكأنها كانت تحس بالمفاجأة التي كان يحضرها ذلك الشاب جلس هذا الشاب يفكر في تلك الفتاة التي تعلق بها بطريقة خاطئة ويفكر في نفسه وبأن عليه أن يصلح هذا الوضع الغير طبيعي مهما كان الثمن وفعلا قرر أن يعالج الموضوع بطريقته هو وحسب ما يتفق مع شخصيته ومعتقداته، فاجأ والدته ذات يوم بطلبه الزواج تهلل وجه الام وقالت لأبنها تمنى واختار أي بنت ولقد كان جوابه مفاجأة ولكن لمن المفاجأة ليس للأم بالطبع ولكن لتلك الفتاة.
قال ذلك الشاب لوالدته وهو يحس بألم في قلبه وفظاعة يرتكبها أي فتاة تختارينها لن يكون لي رأي غير رأيك وفي الأيام التالية غير هو من طبعه مع تلك الفتاة مما أقلقها وأحزنها ففي مرة من المرات استحلفته بالله ماذا هناك وما الذي تغير كان يجيبها بأنه مشغولا هذه الايام وفي مرة من المرات وبينما كان هناك حديث دائرا بينه وبين صديقه والذي له علم بعلاقته بتلك الفتاة سأله صديقه لماذا لا يتزوج تلك الفتاة ؟؟
أنها فتاة جيدة على ما عرفت منك أنتم متفاهمين ويجمع بينكم حب حقيقي، أجابه، هل تعتقد بأني لم أفكر في ذلك سكت لحظة ثم تابع تلك الاجابة التي أستغرق عدة أسابيع للوصول أليها، كيف تريدني أن أتزوج بواحدة قبلت أن تتحدث معي في التليفون، وكيف تريدني أن أثق فيها بعد ذلك فهل تريدني أن أصلح الخطأ بالخطأ، الصديق وما الخطأ في زواجك منها أنت عرفتها جيدًا، صدقني لن تجد من يحبك ويخلص لك أكثر من هذه الفتاة ومع مضي الأيام كان ذلك الشاب يحاول الابتعاد عن تلك الفتاة شيئا فشيئا لكي يتخلص هو من حبه لها وتتمكن هي من نسيان حبه، وأخيرًا جاءت الأيام الحاسمة خصوصًا، وأن أهله كانو قد وجدوا له الفتاة المناسبة وكان عليه أن يبادر في الأعداد لعقد القران والزفاف، فقرر أخيرًا أن يصارح تلك الفتاة ويضع الحد الفاصل لهذه العلاقة.
وجاءت مصادفة القدر ففي مثل ذلك المساء الذي كان ينتظر فيه أول مكالمة قبل سنة بالضبط، هذه الليلة هو أيضا ينتظر على أحر من الجمر لاتصالها، بدأ الاتصال ودار الحديث وكان هو يتحدث عن القدر وكيف التقيا وكيف أحبها وكيف أن الحب لا يدوم، كانت هي تسمع وتتجرع كلمات لم تتعودها كلمات توحي بما فطنته وظنته في تلك الأيام الأخيرة.
وبدأت دموعها الرقيقة تنساب على وجنتيها، وهي تنظر إلى الشمعة التي كانت قد أوقدتها في عيد الحب الأول، كانت تريد أن تفاجئ حبيبها بأجمل الهدايا وأرق الكلمات التي كتبتها له ولم تطلعه عليها، كانت وكانت، ولكنها الآن حسيرة مشتتة الأفكار حتى أن نبضات قلبها تزرع الألم فيها في تلك الأثناء طرق باب غرفته أحضرت له الخادمة علبة مغلفة، فتحها وإذا به يجد هدايا عديدة لفت نظره منها بيت صغير من الشمع فيه حديقة جميلة ونوافذ وأبواب بيضاء ويوجد بأعلاه قمرًا مطلًا على هذا البيت "كان هو دائما يشبهها بالقمر الذي يطل عليه في كل ليلة" سادت فترة من الصمت، كانت تلك الفتاة تنظر إلى الشمعة وقد تناصفت.
فتقول في نفسها وكان يقتلها ذلك الشعور أنه ربما ما بقي من تلك العلاقة بقدر ما بقي من تلك الشمعة، كانت تسابق أنفاسها وكانت تغرق كانت تصرخ بداخلها وتستنجد ذلك الفارس لكي يمد لها يده وبعد فترة صمت بدأ هو الحديث وبقسوة أكثر أسمعيني يا بنت الناس، لقد أحببتك وستظلين أعز إنسانة علي وتأكدي أنني أحببتك مثل ما أحببتني، ولكن الفراق مصيرنا المحتوم سوف أتضايق أنا وسوف تتضايقين، ولكن مع الايام سوف ننسى لا يتصور أحدا ثقل هذي الكلمات وجسامتها على قلب تلك الفتاة، كانت في تلك الحظة كلها جروح ستترك أثار عميقة في قلبها، لن تبرأ أبدًا.
وفي صمت دائم منها واصل هو كلامه ووصل الى السبب الذي دعاه لأن يفعل ذلك وهو أنه سيتزوج قريبا "شهقت لسماعها هذه الكلمة شهقة أخذت تتردد في أعماقها وربما ستستمر تتردد لسنين بدون توقف" ،وواصل صدقيني هذا من أجلي ومن أجلك أنت أيضا سوف تتزوجين وسوف يأتي لك ابن الحلال في يوم من ألايام، أجابت ولأول مرة وصرخت ولأول مرة تصرخ فيها منذ أن عرفته، إًذ ماذا تسمي الذي بيننا، لماذا فتحت قلبي، لماذا جعلتني أتعلق بك لدرجة الجنون سنة وأنا اصحوا وأنام على أسمك وقالت كلاما كثيرًا بالطبع لم يجيب وبدأ يقول بأنه سوف يقوم بتغيير أرقام هواتفه قريبا فلا داعي لاستمرار الاتصالات بينهما بعد اليوم، ثم أحس أنه وصل الى نقطة النهاية
وقال لها له تريدي شيئا، كان البكاء الحار إجابتها، تكلم فقال أرجوك سامحيني أتمنى لك الخير دائما وأتمنى لك حياة سعيدة وتأكدي بأنك سوف تشكريني في يوم من الايام مع السلامة في تلك اللحظات أحست بحروق شديدة تسري في جسدها وتستقر في القلب، حاولت أن تستوعب الذي حصل فلم تستطع خرجت الى الشرفة وكان الليل قد أنتصف والناس جميعهم نيام أحست بأنها قد أصبحت وحيدة في هذا العالم، في هذه الليلة أرادت أن تفعل أشياء كثيرة ولكن أشياء أخرى منعتها وفي صباح اليوم التالي لم تستطع أن تخفي نفسها الحزينة وقلبها الجريح عرف أهلها أنها مريضة ولكن ما هو مرضها هذا ما لم يعرفه أحد، ظلت بائسة يائسة لمدة يومين.
قررت بعدها أن تتصل به مرة أخرى، وفعلا قامت بالاتصال به في تلك الليلة الحزينة رد صوته عبر الهاتف، الو، وكان صوته لم يتغير كان يظنها خطيبته في البداية ولكن فوجيء بصوت غريب ولكنه ألف أن يسمعه، وكان صوتها فعلا قد تغير بسبب الحزن والبكاء، وسكت هو هذه المرة وسكتت هي وبعد فترة أغلق الخط، ماذا تفعل أيها الإنسان البائس إذا كان من أحببته وعشقته قد تركك وتمنى أن لا يسمع صوتك مضت الأيام وكان هو قد غير أرقام هواتفه، وحدد موعد الزواج في أحد الصالات الفخمة.
قررت هي أن تحضر ذلك العرس وتحدث مجموعة من النساء عن فتاة رائعة الجمال دخلت من الباب الرئيسي، ووقفت تنظر إلى الكوشة التي يوجد بها العريس والعروس وكانت الدموع تسيل من عينيها ثم أسرعت تلك الفتاة خارج القاعة وغادرت المكان بأكمله، والذي لم يعرفه أحد أن هذه الفتاة قد فرحت عندما رأت العريس يبتسم لزوجته ودعت لهم الله بالتوفيق والحياة الهانئة، يُحكى أيضا أن تلك الفتاة قد تزوجت بعد سنتين ونصف ورأى الحضور دموعها وهي جالسة على الكوشة وكذلك رأى زوجها ذلك.