صنعاء ـ خالد عبدالواحد
تعاني الكثير من سيدات اليمن بسبب من التعرّض للسحر وبشكل متواصل ، ويعانين من أمراض نفسية وعقلية وجسدية، بسبب عدم تمكنهن من العلاج بشكل كامل من أمراض السحر، أو تأثيره على الجسم، مايصيبهن بعاهات جسدية، أو حالات نفسية، قد تلازمهم طوال الحياة .
وتُعد "س-ص" واحدة من بين المصابات بالسحر منذ طفولتها، ويتشكل لها السحر على هيئة أمراض على الجسم، إما صداع أو الآم في الصدر أو المعدة، أو حساسية في الجلد، او اظطربات نفسية، وتظل في زيارة مستمرة للأطباء.
تقول س- ص التي تسكن مدينة أب وسط اليمن والبالغة من العمر 25 عامًا، لـ" صوت الإمارات" زرت العديد من المستشفيات ، وأشهر أطباء مدينة أب، ولم يستطع أحدهم تشخيص حالتي الصحية، وكل الأطباء يعطوني علاجات للحالات النفسية، والآلام الجسدية التي أعاني منها".
وتابعت" كلما اتعالج لمرض يظهر آخر ، وفي كل مرة اشكوا من الآم في جوانب مختلفة من جسمي".
وقالت الفتاة التي تتلقى العلاج في إحدى عيادات الرقية الشرعية، في مدينة اب " لاشىء يهدأ الآلم سوى القرآن، لكنني لم اتعافى بشكل كامل ".
وأردفت " زرت العديد من مراكز القرآن ، والمشعوذين، لكنني لم ألق أي فائدة، حتى وإن تعافيت لأيام قليلة، ثم أعود كما كنت".
واوضحت " لااستطيع أكل شىء ويظل في بطني، فكلما أقوم بأكل شىء، اتقيئه ، بسبب القولون، وتداويت له كثيرًا لكن كل العلاجات لم تفيدني".
واردفت" في الوقت الحاضر أعاني من صداع شديد، ولا يهدأ الا إذا ذهبت إلى عيادة القرآن الكريم ، ويقرأ عليا أحد المشائخ، الرقية الشرعية".
وقالت" منذ أكثر من خمس سنوات ، وأنا أزور عيادات القرآن الكريم، بشكل شبه يومي للعلاج، لكنني لم اتعافى حتى الآن".
وبينّت أن أسرتها تحملها أحيانًا لعدم قدرتها على المشي إلى المركز ثم تتعافى ليومها".
وتابعت" لقد مللت المرض، ويئست من أنني سأكون يومًا بخير، وبين الحين والآخر أفكر في الانتحار، للتخلص من الآلام".
مضيفة" الشيخ الذي اتعالج عنده، قال إنني مصابة بسحر يمنع عني الزواج ، وأن هناك شيطان، يسكن في جسدي ، ويتنقل من مكان إلى آخر، وأنه إذا تزوجت سأتمكن من التعافي، لكنني رفضت كل عروض الزواج المقدمة لي بسبب المرض".
وأكدت" هددت أهلي بالانتحار في حال قبولهم زواجي من أي شخص، الإ بموافقتي".
ويقول أخوها الذي يرافقها " كلما وصلنا عرض زواج نعرضه عليها اذا كان مناسبًا وترفض كل العروض، ولانستطيع ان نجبرها على شىء خوفًا من فقدانها".
وتابع" لقد طفنا بها العديد من المركز الطبية، وعيادات العلاج بالقرآن ، والرقية الشرعية، لكنها تتعافى لفترة بسيطة ويعود المرض من جديد".
وأردف " لم نستطع كشف من يقف وراء أعمال الشعوذة، فأمراض السحر منتشره في المنطقة الريفية التي كنا نسكنها، قبل الهجرة الى المدينة".
وتابع" لقد غادرنا قريتنا بسبب سوء حالتها الصحية، وتبعد القرية عن مركز المدنية، بعشرات الكيلو مترات".
"مؤكّدًا أنه كان يقضي مع شقيقته أسبوع في المدينة للعلاج ، وثم نعود إلى الريف، ولازالت حالتها كما هي، فقررنا ترك الريف والعيش في المدينة، من اجل ان نتمكن من علاجها بشكل متواصل حتى تتعافى ". ويؤكد" لكن وضعها الصحي لم يتغير، غير اننا اصبحنا قريبين من المراكز الطبية، والعيادات، وفي حال تدهور حالتها الصحية ننقلها، الى العيادة
وتنتقل المئات من النساء اليمنيات بين المستشفيات ، وعيادات العلاج بالقرآن الكريم، بحثًا عن الشفاء، بينما يتخفى الساحر وراء الستار، ليصيبها بمرض جديد.
تزوجت عهود محمد ، ذات الـ 18 عامًا بإ بن خالتها المغترب، في المملكة السعودية ، بسام عبدالرحيم ، وبعد أربعة أشهر من زواجهما ، لم تعد تريد زوجها، وأصبحت تنفر منه ، وتصاب برعشة بكل جسمها ثم تنهمر باكية، في حال أراد الاقتراب منها".
وتدهورت حالتها الصحية، يومًا بعد آخر ، وأصبحت تصاب بنزوة، من الجنون، حتى أجهضت حملها.
لم تكن تعرف عهود التي تسكن مدينة اب، سبب تدهور حالتها الصحية، وأنها مصابة بالسحر، وطافت العديد من المراكز الطبية، وكل الفحوصات الطبية ، تبين أنها بخير".
تقول عهود " في يوم كنت أجلس مع ابنة خالي، فبدأت ترتل ايات من القرآن عليا، من باب المداعبة، فتغير شكلي بالكامل، وارتفعت حراراتي الى درجة كبيرة ثم سقطت على الارض مغمية عليا، ثم بدأ الجني يتكلم من رأسي، ويهددهم بالقتل والموت ، اذا لم يتركوني وشأني".
وتابعت " لقد طفت العشرات من مراكز علاج السحر، في محافظات اب وتعز وذمار، لكنني لم اتعافى ".
وقالت " لقد تفاقمت المشكلات بين وبين زوجي، حتى كاد يطلقني، وبسبب صلة القرابة التي تجمعنا ، امتنع عن ذلك".
وأضافت " كشف لي أحد المشعوذين عن سبب إصابتي بالسحر، وذكر لي الساحر، والدوافع التي جعلته، يلجأ الى السحر للتفريق بيني وبين زوجي".
وتابعت" يقول المشعوذ، إن شاب من أقربائي كان يريد الزواج بي ، لكنه لم يستطع ، فلجأ إلى السحر للتفريق بيني وبين زوجي".
وتابعت " لقد غادرت منزل زوجي والآن أعيش في بيت عمه، لأن السحر وضع في البيت الذي كنت أعيش فيه ".
واردفت " بعد ثلاث سنوات من المرض، والجنون ، استعدت عافيتي، بعد جلسات في مركز للعلاج بالرقية، ومغادرتي المنزل المسحور".
مضيفة" لقد أصبحت حامل هذه المرة، لكنني لا زلت اخشى أن يجدد المشعوذون السحر فأعود كما كنت، او اصاب بالجنون".
( الانتقام السريع)
وأوضح الشيخ سمير العلاية أحد المعالجين بالقرآن الكريم لـ " العرب اليوم "أن أغلب ضحايا السحر من النساء ,مضيفًا"لأن النساء هن الحلقة الأضعف في المجتمع ففي حال تعرضت للظلم تلجأ إلى الانتقام ممن ظلمها الى السحر حتى تشفي غليلها ولا يهمها الاثم او ينقصها الفهم ان السحر يؤدي للكفر".وأكد سمير الذي يعمل في عيادة نواف الزنم، مدينة اب وسط البلاد، ان أهم أسباب لجوء الناس للسحر ، الرغبة في الانتقام السريع ،و الايقاع بالضرر الخفي من دون علم المسحور من ضره وسحره.
بالإضافة الجهل بالدين والتعاليم الإسلامية وعدم العلم بحرمة استخدام السحر أو التداوي به، وحب المتعة بتغيير طباع الناس والتمتع بأمراضهم وكسر هيمنتهم وإذلال هيبتهم ظلما وعدوانا".
وتابع "تفشت ظاهرة السحر بسبب الجهل لأن الجهل هو راس البلاء كله، واذا دخل الجهل مجتمع دخلت معه الخزعبلات والانتقامات والحسد وثقافة الغابة الكبيرة التي يفتكون فيها بالضحية من دون قتال،وهي طريقة سهلة يلجئون اليها ،حيث يتمكنوا من إيصال الأذى بالآخر عن طريق السحر الخفي بإرسال شيطان يخدم السحر بالمرض والتفريق وغير ذلك".
وقال سمير ، من خلال مروره بمختلف مراكز علاج القرآن،" ان المصابين بالسحر،ثلث المجتمع اليمني تقريبا ان لم يكن في بعض الاحيان آكثر من ذلك، بسبب تفشي الجهل، وعدم وجود قانون يحد من استخدام السحر".
القاضي اليمني محمد مارش من جانبه، اكد انه لا يوجد قانون ينص صراحة على عقوبة الساحر ،ولكن يعامل الساحر في القانون معاملة المحتال او النصاب ،لانه يحتال على الناس. واضاف مارش ل" العرب اليوم " انه في حال ثبت انه يمارس السحر الفعلي ،فيحاكم كالمرتد ،الذي حكمه الاعدام ،وفي حال تاب يعفى عنه .
وتابع "أما في حالة الحاق الضرر، فالقاضي يجبر الساحر بالتعويض،المالي فقط كجبر للضرر ،وهو ما يقدره القاضي وفق حجم مقدار الضرر". مشيرًا أن السحر يمارس وسط الجهل الشرعي ،ويعتبر فعل الساحر كالمشرك . وتابع "غالبًا ما تلجأ المرأه إلى السحر جراء،ضعفها ،كأن تخاف ان يتزوج عليها زوجها ،أو أن تجلب محبة زوجها لها ،أو أن تقوم امرأة آخرى للتفريق بين المحبين، غير أن القانون لم يعين عقوبة خاصة تردعها عن ممارسة السحر ".
وأكّد مركز الأبحاث والدراسات الاجتماعية اليمني في دراسة سابقة، أن ما بين 250 ألفًا و300 ألف مواطن ومواطنة في اليمن يلجأون إلى السحر والشعوذة وأن 70 في المئة منهم من النساء. وقدرت الدراسة أن نحو 15 ألف شخص يمارسون أنشطة الدجل والشعوذة في اليمن.
وأشارت الدراسة أن 65 ألف امرأة يمنية تنفق سنويًا نحو 140 مليون ريال يمني ما يزيد على 600 ألف دولار أميركي على الشعوذة وطلاسمها.