الشابة فاطمة محمد الجاسم

لم تمنع الإعاقة الحركية التي أصيبت بها المواطنة العشرينية الشابة فاطمة محمد الجاسم، منذ ولادتها، والناتجة عن "الشلل الدماغي"، من التحليق عاليًا بطموحها وأحلامها وتحويلها واقعًا ملموسًا متجسدًا في أعمال وأنشطة موازية لنظرائها من الأسوياء، فاعتلت ظهر الخيل، ونفّذت قفزًا حرًا في الهواء الطلق، وتتطوع بشكل دوري في الفعاليات والمناسبات، وتشارك في الفعاليات الاجتماعية، وتقدّم محاضرات تعليمية تحفيزية، إلى جانب عملها مسؤولة للعلاقات الإعلامية في مركز المرموم للعلاج بركوب الخيل.

ولقيت الجاسم، التي تعجز عن المشي وتعاني ضعفًا في حركة يديها، دعمًا لامحدودًا من أسرتها، خصوصًا والديها، الأمر الذي يفسر سرّ تفوقها، وتقول الجاسم إن والدتها لم توفر جهدًا في سبيل علاجها ودعمها وتطويرها، فألحقتها في سن مبكرة بالمراكز المتخصصة بالإعاقة مدة تصل إلى أربعة أعوام، إلى أن حان وقت تسجيلها في المدرسة مع نظرائها من الأسوياء، وتدرجت في الدراسة من الصف الأول حتى العاشر. وفي مقابل الدعم الأسري للجاسم، وهي الخامسة بين ثلاث بنات وثلاثة أولاد، لم تتلقَّ من مدرستين التحقت بهما، إحداهما حكومية والأخرى خاصة، مساعدة في تطوير إمكاناتها، "لعدم تخصصهما"، وعليه آثرت إكمال المرحلتين الدراسيتين الأخيرتين "الحادي عشر والثاني عشر"، في المنزل.

ونجحت الجاسم في تحقيق التفوق الاجتماعي والعملي على غرار تفوقها العلمي، الذي حازت على إثره جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز لعام 2012، وقالت: "استطعت تقديم سلسلة محاضرات لمعلمات مدارس عن كيفية التعامل مع ذوي الإعاقة في البيئة المدرسية، ومحاضرات تحفيزية للطالبات"، وتابعت: "شاركت في حلقات نقاشية عن قضايا اجتماعية مختلفة وتقديم طرق لعلاجها، ومنها المشاركة مع الناشط الاجتماعي المعروف لويس كول في الحلقة النقاشية العالمية المعروفة بـ(سولفي) solvey التي عقدت بدبي، وتطرقت فيها للحلول والفرص المتاحة أمام ذوي الإعاقة لاكتشاف ذواتهم، وتطوير إمكاناتهم وقدراتهم".

ودأبت الجاسم منذ نحو سبع سنوات على التطوع في العديد من الفعاليات والمناسبات، كما نجحت في اعتلاء ظهر الخيل والقفز الحر في الهواء الطلق فوق واحد من أروع الأماكن في الدولة والعالم "نخلة جميرا"، وقالت: "أستعد من خلال التدريبات للمشاركة في سباق للقدرة العام المقبل".

تتطلع الجاسم، الطالبة في القسم الأدبي بالثانوية العامة، بشغف كبير لولوج مرحلتها المقبلة "إلى أروقة الجامعة التي ستتيح لي فرصة تحقيق حلمي الأكبر بدراسة علم النفس الذي أرى فيه الطريق الأمثل نحو فهم المعاق، وعليه تكون الفرصة سانحة لي لفتح مركز للاستشارات لمساعدة ذوي الإعاقة، الذي أحلم به".