الرباط – منال وهبي
الرباط – منال وهبي كشف الأمين العام للجامعة الوطنية المغربية للتعليم وعضو الكتابة التنفيذية للاتحاد النقابي للموظفين عبد الرزاق الإدريسي في حوار خاص مع "العرب اليوم" أن الحوار الحكومي مع المركزيات النقابية حوار عقيم ومغشوش وأعرج، وعزا ذلك إلى تملص الحكومة من التزامات 26 نيسان/ أبريل 2011 (مراجعة منظومة الأجور، القوانين الأساسية والدرجة الجديدة)، هذا في الوقت الذي يتم فيه الهجوم على الحق في الإضراب بالاقتطاع اللا قانوني من أجور المضربين وأضاف الإدريسي "أما على مستوى الحوارات القطاعية فهناك غياب الحوار مع الاتحاد النقابي للموظفين/ات، من طرف الوزير المكلف الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، ومع الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية، أو غيرها من النقابات من طرف وزير الداخلية. وتابع بالقول "أما بالنسبة إلى الجامعة الوطنية للتعليم فقد خضنا إضرابًا يومي 4 و5 تشرين الأول/ أكتوبر 2012 تم قبله لقاء النقابة الوطنية للعاملين في التعليم العالي مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، تولدت عنه معالجة بعض القضايا وأخرى ما زالت لم تعالج، وتحتاج المتابعة من طرفنا ومن طرف الإدارة، وتم لقاء آخر كذلك للمكتب الوطني للجامعة مع وزير التربية الوطنية يوم 3 تشرين الأول/ أكتوبر، وتلاه لقاء مطول يوم 17 كانون الثاني/ يناير 2013 ونتج عن هذا اللقاء اتفاق لمتابعة بعض الملفات العالقة قصد معالجتها، ونتمنى أن يتم ذلك في الوقت القريب، للإجابة عن انتظارات الكثير من نساء ورجال التربية والتكوين، وهي انتظارات مشروعة وقابلة للتحقيق. وفي معرض رده على سؤال بخصوص قرار الاقتطاع الذي اتخذته الحكومة في حق المضربين، قال الإدريسي "إن موقفنا واضح في ما يخص هذه النقطة، إننا ندين هذا الأسلوب، المراد منه تركيع الموظفين، وضرب العمل النقابي، ونطالب بالتراجع عن كل الاقتطاعات، وفتح حوار جاد مع النقابات لحل المشاكل، والاستجابة للمطالب المشروعة، وهذه هي أنجع طريقة للحد من الاحتجاجات، وليعلم كل مسؤول يظن بأن هذا القرار سيحد من الاحتجاجات، بأنه على خطأ، ونقول له إن الاقتطاعات ستؤجج النضالات، كما أضيف أن هذا الإجراء هو ضرب لحق دستوري وغير قانوني للأسباب التالية: & يتعارض مع مقتضيات الفصل الـ 75 مكرر من قانون الوظيفة العمومية، الذي ينص على الحالات التي تعتبر إخلالاً بالوظيفة العمومية والإجراءات الواجب اتخاذها. فهذا الفصل، لا يتعرض بشكل مباشر إلى مسألة الاقتطاع من أجور المضربين عن العمل، ولكنه يشير في حالة ترك العمل إلى مجموعة من المساطر الواجب سلكها من طرف الإدارة قبل اتخاذ القرار المناسب الشيء الذي لم تحترمه الإدارة. & المنشور رقم 26/2012 الذي أصدره السيد عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، والمتعلق تحديدًا بقضية الاقتطاع من أجور المضربين عن العمل، فهو بدوره ينص على ضوابط قانونية يجب سلكها قبل الشروع في عملية الاقتطاع. ورغم أن هذا الأخير غير قانوني لأنه يستند إلى قوانين لا تتعرض بشكل مباشر إلى المضربين، فإن المساطر الواجب اتخاذها لم تحترم. وعن إشكالية صناديق التقاعد أشار الإدريسي "إن الدولة هي التي تتحمل المسؤولية في ما آل إليه الوضع داخل الصندوق المغربي للتقاعد. فهي لم تؤد، كمشغل، مساهماتها خلال تسييرها المباشر للصندوق منذ 1956. وطوال هذه الفترة، تراكمت مليارات عدة من الدراهم أجملتها الحكومة في 11 مليارًا، زد على ذلك فالمغرب لا يحترم المعايير الدولية في تدبير مدخرات صناديق التقاعد، التي من المفروض استثمارها في مشاريع لصالح الصندوق المغربي للتقاعد نفسه، ولصالح الأجير والمتقاعد، ثم هناك تجميد التوظيف وتشجيع الموظفين على مغادرة الإدارة، وبالتالي تقليص قاعدة المنخرطين وما له من أثر على الصندوق، أضف إلى ذلك، التساوي بين نسبة مساهمة الدولة ونسبة الاقتطاع من راتب الأجير، عكس ما هو معمول به في الصناديق الأخرى، وفي نظام المعاشات العسكرية التابع للصندوق المغربي للتقاعد نفسه، حيث تمثل مساهمة الموظف الثلث (1/3) ومساهمة المشغل الثلثين (2/3). إصلاح صناديق التقاعد لا يجب أن يكون على حساب المأجورين، هؤلاء الذين تُقتطع انخراطاتهم في الصندوق من أجورهم قبل أن يتقاضوها، وبالتالي لا يمكن أن نقبل حلول الحكومة التراجعية والمتجلية في الثلاثي الملعون: الزيادة في سنوات العمل برفع سن التقاعد: من 60 سنة إلى 62 أو 65 سنة: نطالب بجعله اختياريًا للأجير، وخاصة أن هناك من التحق بالوظيفة في سن متأخر، مضيفًا رفضه الزيادة في الاقتطاع، فضلاً عن التنقيص من قيمة المعاشات باحتسابها ليس بناءً على الأجر الأخير، كما هو معمول به حاليًا، بل بناءً على معدل أجر السنوات العشر أو الثمانية أو الخمس الأخيرة!! ونرفضه بالبتة"، على حد تعبيره. وتابع الإدريسي بالقول "أشير هنا للإقالة التعسفية لعضوي اللجنة الإدارية للاتحاد المغربي للشغل الرفيقين عبد الرحيم هندوف، ومحمد هاكش من مهامهما في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وفي اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد، والرفيقان معروفان بمواجهتهما القوية لكل الإجراءات التراجعية في هاته المجالات". وعن الرسالة التي كان اتحاد النقابي للموظفين يود إيصالها للحكومة يوم 28 شباط/ فبراير الماضي أشاد الإدريسي بالمسيرة الوطنية التي قام بها الاتحاد في شوارع الرباط، مشيرًا أنها كانت من أجل الاحتجاج على ما آلت إليه أوضاع القطاعات العمومية، ومن بينها التربية والتكوين، وأوضاع سائر الموظفين والموظفات والمستخدمين والمستخدمات، واحتجاجًا على الهجوم الحكومي المعادي لمصالحهم ومكتسباتهم، وغياب أي حوار حقيقي للمسؤولين الحكوميين مع الاتحاد النقابي للموظفين/ات، والمطالبة بفتح حوار جاد ومسؤول لحل المشاكل المطروحة في القطاعات المعنية، عوض اللجوء إلى أسلوب الترهيب والتخويف والاقتطاع من أجور المضربات والمضربين عن العمل. إلى جانب هذا كانت رسالة أخرى لمن يهمهم الأمر، وهي أننا تنظيم متماسك لديه ترسانة من المناضلات والمناضلين، لن يهدأ لهم بال حتى تحقيق كل المطالب. أما في ما يخص شطركم الثاني من السؤال وهو هل تمت الاستجابة لمطالبكم؟ فهذا هو مشكلنا في المغرب، والذي يبين غياب الديمقراطية، فالاحتجاجات تواجه إما بالمنع، أو القمع، أو اللامبالاة، في الوقت الذي من المفروض فيه أن يتحمل المسؤولون مسؤوليتهم، ويتم فتح قنوات التفاوض والحوار مع ممثلات وممثلي المحتجين والمحتجات، وعدم ذلك يضرب في العمق الديمقراطية، ويجعل أدوات الاحتجاج التقليدية تفقد فعاليتها، فأن ينتقل إلى الرباط الآلاف من النساء والرجال، والاحتجاج في مسيرة والمسؤولون الحكوميون لا يحركون ساكنًا، فهذا تبخيس للأشكال الاحتجاجية، وخنق عنق العمل النقابي الجاد والمسؤول والملتزم بقضايا وهموم الشغيلة (العمال)، ولكن هذا لا يعني أننا متشائمون بل نؤمن بالمقولة التي تقول إن الحقوق تنتزع ولا تعطى، وبالتالي فنحن لن نتراجع حتى تحقيق مطالبنا، وليتحمل كل مسؤوليته". وفي سياق ذي صلة، كشف الإدريسي أن الصراع القائم داخل مركزية الاتحاد المغربي للشغل ليس وليد اللحظة، فهو قديم بالنسبة إليهم وبالنسبة إلى من سبقوهم من نقابيين ديمقراطيين ويساريين، أما بالنسبة لما حصل في السنوات الأخيرة، وبالضبط بعد مرور سنة على المؤتمر الوطني العاشر للاتحاد، حيث احتد الصراع داخل الجامعة الوطنية للتعليم لمناسبة التحضير لمؤتمرها العاشر وداخل الاتحاد الجهوي (المحلي) للرباط، وداخل الأمانة الوطنية للاتحاد بشأن أمور تنظيمية، وبعد المطالبة بالتقارير المالية لسنة 2011، واشتد الصراع بعد ما نُشر عبر الجرائد عن الفساد المستشري داخل المركزية من طرف بعض العناصر، وعوض معالجة المشاكل المطروحة بالديمقراطية تم اللجوء من طرف العناصر الاستئصالية إلى إغلاق مقر الاتحاد في الرباط (قلعة النضال النقابي والاجتماعي) منذ يوم 9 آذار/ مارس 2012 في وجه المناضلين الديمقراطيين والنقابات الرافضة للولاء والخنوع للبيروقراطية المفسدة؛ كما تم اتخاذ قرار لا شرعي ولا قانوني يقضي بطردي شخصيًا، عبد الرزاق الإدريسي، رفقة رفيقيّ خديجة غامري وأمين عبد الحميد من الاتحاد المغربي للشغل، نحن بالطبع رفضنا هذا القرار التخريبي والمتهور، وأعلنّا استمرارنا في تحمل المسؤولية في قيادة الاتحاد المنبثقة عن مؤتمره الوطني العاشر، وتتالت بعد ذلك الإجراءات التخريبية بطرد عدد من الأطر النقابية من مختلف القطاعات والمناطق، وبالقيام بانقلابات تخريبية في عدد من الاتحادات المحلية والجهوية (الرباط وتازة والحسيمة وبني ملال)، والقطاعات (الجامعة الوطنية للتعليم، والجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية والاتحاد النقابي للموظفين)، وفبركة ملف قضائي ضد المسؤول القيادي في الاتحاد من قطاع البنوك الأخ إدريس الطالب. واستطرد الإدريسي في القول :"إن هدف العناصر الاستئصالية من داخل قيادة الاتحاد المغربي للشغل هو جعل نهاية للتجربة النقابية المناضلة، التي تم بناؤها منذ عقود عدة من طرف الكثير من المناضلات والمناضلين الديمقراطيين من عدد من القطاعات والاتحادات، لكن هذا العمل التخريبي لم يستطع لحد الآن قتل تلك التجارب النقابية، التي ما زالت نشيطة داخل عدد من القطاعات كالتعليم في التربية الوطنية، وإدارات التعليم العالي، والجماعات المحلية، والاتحاد النقابي للموظفين في نقاباته الوطنية القطاعية وفي فروعه، وعدد من الاتحادات المحلية والجهوية التي تؤطر عددًا من المؤسسات العمومية والقطاع الخاص، فتجربتنا النقابية ما زالت "عايشة"، حية ومستمرة رغم الصعوبات، وستعيش لكي تكون كما كانت مدافعة أمينة وحقيقية عن مصالح منخرطاتها ومنخرطيها، ومُحققة للعديد من المكاسب، ومُساهمة في حل الكثير من المشاكل، فتجربتنا النقابية يومًا بعد يوم في الكثير من القطاعات والمناطق تستقطب الكثير من الأطر النقابية المخلصة للشعار الخالد "خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها"، و"نقابي وراسي مرفوع ما مشري ما مبيوع".