سيول ـ عادل جابر
تراجعت حكومة كوريا الجنوبية، عن قرارها الذي يلزم المدارس بدراسة كتاب التاريخ الذي تصدره الدولة، في الوقت الذي تواجه فيه رئيسة كوريا الجنوبية باك غن هي، اتهامات بالفساد وغضب شعبي متزايد، باعتبارها منّ وقّع على قرار الإلزام.
وأعلنت وزارة التعليم الكورية خطة المناهج الدراسية الجديدة، داعية المواطنين لإبداء ملاحظاتهم عليها، ولكن تراجعت الوزارة عن تنفيذ القرار السابق، مطلع العام المقبل الذي يُلزم جميع المدارس الثانوية والمتوسطة، لدراسة الكتب الدراسية التي تصدرها الوزارة فقط. وتعرض القرار لانتقادات واسعة، لأن حزب رئيسة كوريا المحافظ، يسعى إلى جعل التعليم تحت قبضة السلطة كما كان في سابق عهده. ففي عهد الدكتاتور باك تشونغ هي، والد رئيسة كوريا الحالية، كتبت الحكومة كتب التاريخ المدرسية، وبررت انقلابه العسكري على الحكم عام 1991، وكذلك خلال فترة حكمه الثمانية عشر.
وتشهد كوريا الجنوبية حاليًا مظاهرات تجوب الشوارع، مطالبة برحيل باك غن هي، على خلفية فضائح الفساد المتورطة فيها، كما أن معدلات الرضاء الشعبي عنها، انخفضت انخفاضًا حادًا في أدنى صورة له، ونتيجة لذلك وجدت الحكومة الكورية نفسها في موقف لا يحسد عليه بتنفيذ هذا القرار.
وكشف لي جون سيك، وزير التعليم الكوري، أن وزارته وضعت في اعتبارها الملاحظات التي تلقتها من المواطنين الكورين على منهج التاريخ، بما في ذلك اقتراحات السماح للمدارس بحرية الاختيار بين المقرر الحالي، والمقرر الحكومي الجديد. في حين لا تتجه وزراته لإلغاء مقرر التاريخ الجديد بالصورة التي تدعوا لها المعارضة الكورية، ونقاد المناهج الجديدة. وطالب الوزير حكومته بحل الصراع الدائر في البلاد، وإعادة التوحد.
وكانت المدراس الكورية منذ عام 2010، لها الحق في اختيار مقرراتها الدراسية من بين العديد من الكتب غير الحكومية، شريطة موافقة وزارة التعليم على المقررات المقترحة. وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، أعلنت حكومة الرئيسة باك، أنه يمكن لها من جديد أن تعيد تأليف كتب التاريخ المدرسية، مشيرة إلى أن الكتب غير الحكومية لها توجهات متحيزة. فبعض كتب التاريخ الحالية تستعرض كواليس تاريخ كوريا الحديث، الذي يتحدث عن الأنظمة الاستعمارية، والحروب، والأنظمة الديكتاتورية، فضلًا عن الانتفاضات المطالبة بالديمقراطية والنمو الاقتصادي السريع الذي شهدته كوريا.
وأشار وزير التعليم الكوري إلى أن كتب التاريخ الجديدة تقدم الحقائق التاريخية مكتوبة باتزان شديد بالصورة، التي تجعل التلميذ الكوري يفخر بتاريخ بلاده. في حين انتقد العديد من أحزاب المعارضة وبعض المديريات التربوية المحلية النماذج الجديدة لكتب التاريخ، قائلين إن تلك الكتب تركز على إنجازات والد السيدة باك، رئيسة الجمهورية مع ذكر إشارات صغيرة في تلك الكتب على انقلابه على السلطة. ومن الأمور التي أثارت الشك، عدم ذكر أسماء نحو 31 ممن شاركوا في كتابة هذا المقررات حتى الآن، في حين رفض العديد من المؤرخين المشاركة في هذا العمل.
وأعلنت العديد من مديريات التربوية المحلية عن رفضها مساعدة الحكومة في توزيع المقرر الجديد على المدارس. إذ يقول معارضون حكومة "باك" إنها تستخدم كتب التاريخ، لتغرس في الأجيال الصاعدة أفكار جيدة حول حزب المحافظين، وحول نخبته البارزة كأبيها الذين تعاونوا مع المستعمر الياباني أوائل القرن العشرين، قبل دخول كوريا الجنوبية مرحلة النمو الاقتصادي.
ومازال السيد باك يحظى بتأييد بين أواسط المحافظين، حيث قاد البلاد من عنق الفقر إلى التقدم، فيما يتذكر أخرون حكمه بالقوانين العسكرية والاعتقالات والتعذيب، وتقديم المعارضين للمشانق بحجة أنهم شيوعيون. كما أنه ساعد العديد من الشركات التجارية كسامسونغ وهيونداي، في جني الثروات في حين كان يعاني عمالها.