تونس_أزهار الجربوعي
تعهّد رئيس الحكومة التونسية علي العريض، مساء اليوم الأربعاء، بتقديم استقالة حكومته فور تحقيق بنود خارطة الطريق المنصوص عليها في مبادرة الرباعي الراعي للحوار الوطني، رافضا تسليم مهام حكومته قبل نجاح الحوار والانتهاء من الدستور ووضع القانون الانتخابي وتركيز هيئة الانتخابات والمصادقة على تاريخ الانتخابات الرئاسية والتشريعية الآتية
، ووصف العريض الإحتجاجات التي نظمتها جبهة الإنقاذ المعارضة للمطالبة بإسقاط الحكومة بـ"الفاشلة والهادفة لعرقلة الحوار الوطني"، يأتي ذلك فيما أعلن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، الحدادبـ 3 أيام حزنا على مقتل 6 عناصر من الأمن التونسي في كمين مسلح على يد "مجموعة متطرفة"، متوقعا أن تشهد تونس "عمليات إرهابية جديدة".
وأعلن رئيس الحكومة التونسية إثر اجتماع أمني، مساء الأربعاء، تعهده بمبدأ التخلي وإعلان استقالة حكومته، إلا أنه ربط تسليمها لمهامها بنجاح الحوار الوطني والتلازم في تطبيق بنود خارطة الطريق، وهو ما يعني أن الحكومة لن تستقيل عمليا إلا بعد التوافق على شخصية رئيس الحكومة القادم والاتفاق بشأن التشكيلة الوزارية التي ستعوضها، إلى جانب المصادقة على الدستور ووضع القانون الانتخابي وتركيز هيئة الانتخابات والاتفاق على مواعيد نهائية ورسمية للانتخابات الرئاسية والتشريعية الآتية.
ودعا رئيس الحكومة التونسية الأحزاب والمنظمات المدنية إلى البحث عن التوافق، حاثّا المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) على تسريع نسق أعماله وإنهاء التعهدات المتخلدة في ذمته وفق الآجال التي ضبطتها وثيقة الحوار الوطني والتي لا تتجاوز سقف الأربعة أسابيع، على غرار إنهاء الدستور وتحديد موعد الانتخابات والقانون الانتخابي.
ودعا العريّض الشعب التونسي إلى اليقظة، درءا لما وصفه بـ" المغامرات ومساعي الفوضى".
وقال رئيس الحكومة التونسية، "نحن لا نرضخ لأحد إلا للمصلحة العليا للوطن"، في إشارة إلى رفضه لمطالب المعارضة الداعية إلى إسقاط حكومته التي تتهمها بالفشل على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية.
ووصف علي العريض التظاهرات الاحتجاجية التي نظمتها جبهة الإنقاذ المعارضة، الأربعاء للضغط على حكومته لتقديم استقالتها، بـ"الفاشلة" قائلا إن حجمها لم يتعد 150 شخصا، عكس ما يتم الترويج له على أنها مليونيات ضخمة، حسب تعبيره.
وانتقد الشعارات المرفوعة في تظاهرات المعارضة قائلا إنها " تضمنت مسّا من أعراض الناس وتقليلا من احترام بعض الشخصيات السياسية وأنها لم تكن سلمية وهدفها بث الفرقة والصراع والمس من الوحدة الوطنية وإفشال مساعي الحوار".
وكانت جبهة الإنقاذ المعارضة، حشدت الأربعاء أنصارها أمام قصر الحكومة في القصبة، للضغط على الحكومة للقبول بالاستقالة، متهمة حزب النهضة الإسلامي الحاكم وحلفاءه (التكتل،المؤتمر ) بالفشل سياسيا وأمنيا واقتصاديا، حيث حمّل البعض من أنصارها رموز حزب النهضة الإسلامي بالاستبداد والوقوف وراء الاغتيالات السياسية التي عاشتها البلاد.
وتعهّد رئيس الحكومة التونسية علي العريض، بالعمل على ضمان أمن واستقرار واقتصاد البلاد وتمكينها في أسرع وقت من دستور وانتخابات وإنجاح الحوار الوطني، مشدّدا على التزام مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية ببسط الأمن ومقاومة الإرهاب والجريمة والتهريب وحماية الحدود ومواصلة تسيير المرافق الحيوية كافة.
وبشأن عملية مقتل 6 عناصر أمنية، عصر الأربعاء، على يد مجموعة مسلحة في منطقة سيدي علي بن عون في محافظة سيدي بوزيد، وسط البلاد، قال رئيس الحكومة التونسية، إن أجهزة الأمن تواصل ملاحقة المجموعة الإرهابية التي باغتت الفرقة الأمنية بعد أن قتلت أحد عناصرها.
وأكد العريض أن "الدولة التونسية ستهزم الإرهاب"، وأن الحكومة والقوات العسكرية يحدوها عزم وتصميم على مقاومة الإرهاب الذي اعتبره "موضع وحدة وطنية وقاسما مشتركا بين التونسيين جميعهم".
وألقى رئيس الجمهورية التونسية، محمد المنصف المرزوقي، بدوره، خطابا بشكل استئنائي، مساء الأربعاء، إثر استشهاد 6 من عناصر الأمن التونسي على يد مجموعة مسلجة، معلنا الحداد 3 أيام على أرواحهم، مشدّدا على أن تونس تتسع للجميع مهما كانت عقائهم واختلافاتهم وأنه لا مكان فيها لمن يريد فرض عقيدته ونمط حياته بالعنف وقوة السلاح، على حد قوله.
واعتبر الرئيس المنصف المرزوقي أن تونس تواجه خطر "حركة إرهابية مسلحة تريد ضرب مسار الانتقال الديمقراطي، مشيرا إلى أنها تتحيّن الفرصة والتوقيت الدقيقين لإفشال أي مساعي توافق عبر عملياتها الحربية".
وأكد المرزوقي أن خطر الإرهاب مرتبط في جزء كبير منه بما وصفه بـ"التركة الثقيلة لمنظومة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الاستبدادية التي لم تعدل في توزيع الثروة والتنمية بين مناطق البلاد، أما الجزء الآخر فمرتبط بالوضع الإقليمي والخارجي لتونس"، على حد وصفه.
وأضاف الرئيس التونسي المنصف المرزوقي "مهما كان حجم الصعوبات والتضحيات التي سنقدمها فإنه لا مستقبل للإرهاب في بلادنا التي اختارت نموذج الدولة العادلة ومقياس الإسلام السني المالكي المعتدل".
ووجّه المرزوقي رسالة لشباب التنظيمات المتطرفة، ممن وصفهم بـ" الشباب المغرر بهم الذين دعاهم للاستسلام"، مضيفا " لا شرف لكم في قتل أبناء فقراء مثلكم ورفع السلاح في وجه سلطة شرعية منتخبة".
كما دعا الرئيس التونسي الشعب إلى عقد ثقته في أجهزة الأمن، المصرة على كسر شوكة الإرهاب، متوقعا أن تشهد تونس تكرر هجمات إرهابية جديدة على أراضيها ، إلى حين نجاح القوات الأمنية والعسكرية في تفكيك الخلايا النائمة ، على حد قوله.
ودعا المرزوقي إلى ضروة الإسراع في إيجاد حلول سياسية للأزمة الرهانة والخروج بتوافقات بشأن الاستحقاقات الانتخابية، مؤكدا أن رئيس الحكومة علي العريض أكد له مساء الأربعاء، أنه ملتزم بإعلان استقالة حكومته فور نجاح وانتهاء الحوار الوطني.
وقال الرئيس المرزوقي "حالما تتضح الرؤيا ويتم المصادقة على الدستور والقانون الانتخابي ووضع تواريخ نهائية للانتخابات الآتية، سأتولى تكليف شخصية وطنية لمواصلة الإشراف على ما تبقى من للمسار الانتقالي وفق قانون التنظيم المؤقت للسلطة العمومية (الدستور المصغر للبلاد الذي وضعه المجلس التأسيسي التونسي بعد ثورة 14 كانون الثاني/يناير 2011).
وختم الرئيس التونسي بمطالبة الطبقة السياسية بأن تكون جديرة بالشعب التونسي وبتضحية العسكريين والأمنيين، داعيا التونسيين إلى العمل على إنجاح ما بقي من اللمسار الانتقالي وتفويت الفرصة على الإرهاب وحماية تونس من المؤامرات التي يحيكها ضدها أعدائها.