الداخلية التونسية تنفي إحباط عمل "إرهابي"

نفت وزارة الداخلية التونسية ما أوردته بعض وسائل الإعلام العربية والأجنبية بشأن إحباطها لهجوم إرهابي في مدينة سوسة، وسط البلاد، محذرة من بث البلبلة وزعزعة استقرار ، يأتي ذلك فيما تواصل أجهزة الأمن التونسي ووحداتها المختصة لمكافحة الإرهاب ملاحقة عناصر تنظيم أنصار الشريعة الذي أعلنت الحكومة حظره وتصنيفه ضمن الحركات الإرهابية قبل أسبوعين، حيث اعتقلت الأربعاء، 8 عناصر محسوبة على التيار السلفي بينهم عنصر خطير،عقب مداهمة مسجد في مدينة بنزرت، في حين تتواصل حالة الفوضى واقتحام المقرات الأمنية، حيث تصدت وحدات الأمن في محافظة الكاف لعملية مداهمة لمركز أمن من قبل أنصار أحد الموقوفين الذين أرادوا تحريره بالقوة من الشرطة التي اضطرت لاستخدام الغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص.
وفنّدت وزارة الداخلية التونسية، الأربعاء، ما تداولته بعض القنوات الفضائية بشأن "إحباط عملية تفجير في مدينة سوسة"، مؤكدة أنه عار تماما من الصحة،  كما استنكرت نشر أخبار تندرج في إطار" نشر الإشاعات، هدفها بثّ البلبلة وتهديد استقرار البلاد".
وكانت بعض وسائل الاعلام أوردت خبرا بشأن وجود تعزيزات أمنية في مداخل سوسة تحسبا لعمل إرهابي، مضيفة أن المخابرات التابعة للجيش الوطني نجحت في رصد مكالمة هاتفية بين مجموعة مسلحة وعنصر من الجيش التونسي قام باستدراجهم حيث طلبوا منه تزويدهم ببزات عسكرية للجيش الوطني مقابل 6 آلاف دينار.
وحسب تقارير إعلامية فإنّ العنصر تمكن من كشف مخطط المجموعة التي كانت تعتزم الدخول عبر ليبيا إلى تونس لتنفيذ تفجير في مدينة سوسة الأربعاء.
وتتواصل في تونس حالة الاستنفار الأمني وعمليات التمشيط والمداهمات بحثا عن عناصر تابعة لخلايا تنظيم أنصار الشريعة السلفي الجهادي الذي أعلنته الحكومة قبل أسبوعين، "تنظيما إرهابيا"، ينطوي على أجنحة أمنية وعسكرية، حمّلتها وزارة الداخلية مسؤولية الاغتيالات السياسية وقالت إنه يخطط للانقلاب على الحكم وإقامة أول إمارة إسلامية في شمال أفريقيا.
واعتقل الأمن، الأربعاء 8 من المحسوبين على التيّار السلفي في محافظة بنزرت في أقصى الشمال التونسي.
وقالت مصادر أمنية إنه إثر مداهمة أحد جوامع مدينة العالية، تم إيقاف 8 أشخاص من المنتمين للتيار السلفي أحدهم عنصر خطير صادرة في حقه برقية تفتيش.
وتمت العملية إثر معلومة استخبارية وصلت للأجهزة الأمنية تفيد بوجود تحركات مشبوهة داخل الجامع، وقد تحفظت السلطات الأمنية على المشتبه بهم على ذمة التحقيق بعد أن حجزت بحوزتهم مبالغ مالية وكتب دينية وصفتها بـ"التكفيرية".
ورغم الانتشار الكثيف لعناصر الجيش والأمن التونسي لملاحقة العناصر المتطرفة وإنقاذ البلاد من هجمات إرهابية محتملة قد تشنها عناصر متطرفة ردا على قرار حظر تنظيم أنصار الشريعة، تتواصل حالة الفوضى الأمنية في البلاد من قبل بعض العناصر التي تستغل انشغال المؤسستين الأمنية والعسكرية في مكافحة الإرهاب، حيث عمد عدد من متساكني مدينة تاجروين القريبة من الحدود الجزائرية، شمال غربي تونس، إلى اقتحام مركز الشرطة في محاولة لتحرير وتهريب أحد الموقوفين مما اضطر عناصر الأمن لاستعمال قنابل الغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص في الهواء.
وبدأت تفاصيل العملية بعد أن ألقت دورية أمنية تابعة للمركز الإقليمي للأمن الوطني التونسي في مدينة تاجروين القبض على مفتش عنه من أجل الاعتداء بالعنف الشديد، إلا أن عناصر الأمن فوجئت بحشد كبير من أنصاره وأقاربه يهبون لمناصرته ومحاولة تهريبه من العناصر الأمنية.
كما عمد المعتدون إلى مهاجمة مقر الأمن وعناصر الشرطة بالحجارة والزجاجات الحارقة (قنابل مولوتوف)و قاموا بتهشيم سيارة شرطة مميزة من نوع "سامبـول".
وأوضح مصدر أمني أن عناصر الشرطة استماتوا في الدفاع عن المقر الأمني ولم يمكنوا المهاجمين من تحرير الموقوف، إلا أنهم لم يستطيعوا السيطرة على الوضع إلا بقدوم تعزيزات أمنية مكثفة من محافظة الكاف، حيث تم إطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي في مناسبة أولى، وأمام إصرار المهاجمين أطلق الأعوان الرصاص الحي فوق الرؤوس لتحذير المهاجمين من مغبة التقدم واقتحام مقر الأمن المركزي.
وأكد المصدر أن وحدات الشرطة شرعت بعد السيطرة على الوضع، في عمليات تمشيط واسعة في محيط مركز الأمن، تمكنت على إثرها من اعتقال 3 أشخاص بالإضافة إلى الموقوف الأصلي أي المفتش عنه، وإيداعهم جميعا في سجن الإيقـاف في انتظار مواصلة البحث وتحديد بقية هويات المعتديـن.
ودفع الوضع الأمني المضطرب في تونس وتنامي خطر الإرهاب والجماعات المتطرفة إلى اللجوء إلى تفعيل قانون الإرهاب الذي سنّه الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ورغم أن القانون مثير للجدل بأحكامه التي وصفها حقوقيون بـ"التعسفية والخارقة لمبادئ حقوق الانسان"، إلا أن خطر الإرهاب الذي داهم الحكومة في ظل تعطل المجلس التأسيسي بفعل الأزمة السياسية وعجزه كسلطة تشريعية عن سن قانون بديل يضبط أطر التدخل الأمني في مواجهة الإرهاب مع احترام معايير حقوق الإنسان الدولية، دفع بالدولة إلى اللجوء إلى تشريعات النظام السابق التي كانت تنتقدها أيام كانت في صفوف المعارضة، إلا أنها تعهدت على أنها لن تكون كسلفها وستعمل على احترام مواثيق حقوق الإنسان وشروط الإيقاف المعمول بها في العدالة الدولية، إلا أن ذلك لم يستبعد فرضية تواصل التعذيب في السجون التونسية بعد أن كشف العديد من أهالي موقوفين على ذمة قضايا إرهاب تعرض أبنائهم للتعذيب أثناء الاستنطاق، فيما يبدو أن الحكومة التونسية ملتزمة بتحقيق معادلة صعبة أحد أطرافها حفظ أمن البلاد والذود عن أمن مواطنيها وحمايتهم من التطرف والإرهاب، وطرفها الآخر الالتزام بشروط المحاكمة العادلة والابتعاد عن ممارسات النظام السابق الجائرة من عقابات جماعية وتضييق على الحريات، حتى لا تقع في فخ "الغاية تبرر الوسيلة".