قوات الاحتلال الإسرائيلي

كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي أخيرًا من توغلاتها العسكرية على أطراف قطاع غزة، في مؤشر على نية الاحتلال لتصعيد عدوانه على القطاع، بحيث توغلت صباح الثلاثاء 4 جرافات تابعة لجيش الاحتلال في أراضي المواطنين في منطقة وادي السلقا (شرق دير البلح جنوب قطاع غزة)، بعد دخولها من بوابة النمر العسكرية.وأفاد شهود عيان بأن "الجرافات اتجهت جنوبًا ناحية الحدود الشرقية لمدينة خانيونس في بلدة القرارة".وتشير الأحداث الميدانية التي استجدت على قطاع غزة أخيرا، بعد اكتشاف الاحتلال الإسرائيلي نفقا يتبع المقاومة الفلسطينية، بارتفاع وتيرة التوغلات الإسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة، فيما يرافق ذلك تحريض إعلامي واسع ضد المقاومة الفلسطينية، ودخل جهاز "الشاباك" على الخط من خلال تحريض المواطنين الغزيين عبر الاتصال على أرقام هواتفهم الشخصية، والطلب منهم الإبلاغ عن أماكن تواجد الأنفاق التي تتبع المقاومة وعدم التعاون مع حركة "حماس"، كما يواصل الاحتلال تشديد الحصار وإعادة استنساخه من جديد، بمنعه دخول مواد البناء للقطاع.ويعيش العشرات من السكان والمزارعين الواقعة حقولهم الزراعية ومنازلهم على التخوم الشرقية لمحافظة خان يونس (جنوب قطاع غزة)، حالة من التوتر والقلق والترقب على مدار الساعة، خصوصًا بعد اكتشاف الاحتلال لنفق ممتد من داخل الأحياء الشرقية للمدينة لداخل كيبوتس العين الثالثة داخل الأراضي المحتلة عام 48 .ويرى المحلل والكاتب السياسي هاني حبيب، أن "إسرائيل سوف تلجأ إلى عمليات عسكرية محدودة ومتفرقة في قطاع غزة وعمليات اغتيالات للمقاومين، بغية ترك القطاع في حالة غير مستقرة، وستكتفي بالتحريض الإعلامي على حركة "حماس" والمقاومة الفلسطينية، دون أن تدخل في عملية واسعة في القطاع.
ويوضح حبيب أن "إسرائيل لن تدخل في عملية واسعة ضد قطاع غزة، نتيجة الانشغال الدولي في ملفات أخري، منها الملف الإيراني والسوري، ويعتقد حبيب، بأنه في هذه الآونة بالذات ليس في مصلحة إسرائيل توجيه عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة".
ويشير حبيب إلى أن "تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة، من شأنه أن يعيد ترتيب الملفات الأمنية في المنطقة ويضع غزة تحت الضوء، وهذا ليس في مصلحة إسرائيل، لكن إسرائيل تدرك أن حالة الهدوء مع قطاع غزة لا تعني هدوءا مطلقا، وتعلم أن المقاومة الفلسطينية تقوم بعملية تطوير لنفسها بالإعداد والتجهيز".
جدير بالذكر أن توغلات قوات الاحتلال ارتفعت وتيرتها على حدود قطاع غزة، منذ أن تم اكتشاف النفق الذي يتبع المقاومة الفلسطينية، وقد أفاد شهود عيان صباح الثلاثاء، بأن عددًا من الجيبات العسكرية الإسرائيلية مصحوبة بدبابات وجرافات توغلوا داخل أراضي المواطنين، الواقعة شرق منقطة دير البلح وسط القطاع مع إطلاق نار كثيف صوب منازل وممتلكات المواطنين، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات.
ويرى المحلل السياسي أسعد أبو شرخ أن إسرائيل تقوم بحملة نفسية وإعلامية واسعة، داخليا وخارجيا، لتستميل بعض القلوب الضعيفة للتعامل معها لتضيق على قطاع غزة وتخوف الناس من عملية عسكرية ضد القطاع.
ويقول أبو شرخ: لا أعتقد أن الظروف الدولية تسمح بعدوان واسع ضد القطاع، لكن إسرائيل ستواصل عملية التحريض، ويمكن أن تقوم بعملية اغتيالات محدودة إذا استطاعت أن تتعرف على هوية من قاموا بحفر نفق المقاومة الذي تم اكتشافه. وتابع: إسرائيل باتت تحسب ألف حساب، قبل القيام بأي عمل عسكري ضد القطاع، وتتجنب أي رد من المقاومة الفلسطينية التي أثبتت في حرب الأيام الثمانية الأخيرة، أنها قادرة أن تصيب أهداف إسرائيلية في عمق الاحتلال. وأضاف "منذ تلك الحرب، أثبتت المقاومة أن لديها إعداد وتجهيز حار، ولديها بنك معلومات واستخبارات جيدة، وسلاح جيد، وتعد نفسها على جميع المستويات بما يمكنها من توجيه ضربات موجعة للاحتلال، وأن تجعل الشعب الفلسطيني دائما يلتف حولها".
وفي إطار عملية التحريض التي يقوم بها الاحتلال، لجأ الاحتلال قبل يومين، إلى الاتصال على أرقام الهواتف والجوالات في قطاع غزة من رقم خاص، بحيث مارس التحريض على المقاومة الفلسطينية خصوصًا على خلفية النفق الأخير، الذي تم كشفه شرق خان يونس (جنوب القطاع).
ويؤكد فلسطينيون تلقيهم مكالمات تبث رسالة إسرائيلية مسجلة تحرض على حركة "حماس"، بعد اكتشاف نفق المقاومة الأخير في خان يونس.
وتقول رسالة جيش الاحتلال: إلى سكان قطاع غزة. جيش الدفاع يحذركم من الانصياع لأوامر "حماس" الإرهابية والاقتراب منهم، واعلموا أن حركة "حماس" تنفق ملايين الدولارات على الأنفاق التي تؤدي إلى أعمال عدائية وإرهابية على دولة إسرائيل، ابتعدوا عنهم واعلموا أن هذه الأموال من حقكم وكان يجب أن تنفق في مشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة. هذه الأموال من حق سكان قطاع غزة الأبرياء العزل والتي تقودهم "حماس" إلى المجهول. قيادة جيش الدفاع الإسرائيلي.
اعتبر المحلل السياسي كمال علاونة أن "هناك توافق إسرائيلي مصري بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، بتوجيه ضربة عسكرية محدودة لقطاع غزة، وتأتي هذه الضربة بسبب نقمة المستوطنين الإسرائيليين بعد اكتشاف نفق المقاومة الذي يصل من قطاع غزة إلى مستوطنة العين الثالثة القريبة من القطاع".
وأضاف علاونة أن "الضربة العسكرية المحدودة يمكن أن تقتصر على ضربات جوية ومن البحر لأماكن اقتصادية وحيوية داخل قطاع غزة وتدمير للبنية التحتية للمقاومة الفلسطينية، والهدف انتزاع حالة الرعب والغضب التي يعيشها المستوطنين، بعد الفشل الأمني والهزيمة النفسية التي أصابت الاحتلال بعد اكتشاف النفق". وقال: هناك حالة تهويل وتحريض إعلامي من قبل إسرائيل بشأن اكتشاف النفق الذي يعد فشلا أمنيا لجيش الاحتلال، وهذا يعطي إشارة أن الاحتلال يجهز لعملية عسكرية محدودة ضد القطاع".
وتابع علاونة: هناك حالة من الإعداد والتجهيز تعيشها المقاومة الفلسطينية، وتجهيز بنك معلومات إسرائيلية لضربها بحال تعرض قطاع غزة إلى اعتداء، والمقاومة أثبتت وجودها وقدرتها على الرد في حرب الأيام الثمانية الأخيرة، وتعمل وفق استراتيجية توازن الرعب.
وأكدت كتائب "القسام" (الجناح العسكري لحركة "حماس")، التي تبنت رسميا المسؤولية عن حفر النفق المكتشف شرق خان يونس، على لسان الناطق الإعلامي باسمها "جاهزية المقاومة و"القسام"، للرد على أي عدوان إسرائيلي ضد قطاع غزة، قائلا: نطمئن شعبنا أننا في حالة دائمة من الاستعداد والجهاد.
وقال أبو عبيدة في حديث لإذاعة "صوت الأقصى" المحلية: أن "كتائب القسام" هي من حفرت النفق, وهي صاحبة اليد في ذلك وتعمل بجهدها كله فوق وتحت الأرض، لأنها في معركة متواصلة مع الاحتلال ولن تتوقف إلا بتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني".
وجدد أبو عبيدة عهد "كتائب القسام", بـ "الثبات على مبادئها والتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني والأسرى في سجون الاحتلال, وعدم إلقاء السلاح حتى تحريرهم", مشيرا إلى أن "أسر الجنود هو الطريق الوحيد الذي أثبت نجاحه مع الاحتلال".
وشدد أبو عبيدة على "قدرة المقاومة الفلسطينية على تحقيق المفاجآت وضرب العدو من حيث لا يتوقع, وهذا ما أثبتته المقاومة"، وقال: كتائب القسام تخوض حرب من نوع خاص مع الاحتلال, تتبلور بها التكتيكات من حيث العداد والعدة, وتختلف من مرحلة لأخرى, والكتائب تطور دوما من إمكانياتها وقدراتها, بحيث تُفاجئ الاحتلال.
وبشأن تكتيك كتائب "القسام" في معركتها مع الاحتلال, أكد أبو عبيدة أن "الكتائب, تعمل انطلاقا من مصالح الشعب الفلسطيني", مضيفا: تتم إدارة المعركة مع الاحتلال وفقًا لمصالح الشعب الفلسطيني, والشعوب الطامحة للحرية, قادرة على بذل الكثير, والمقاومة لديها نفس طويل للصمود حتى النصر.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي، أعلن قبل ما يقارب الأسبوعين اكتشاف نفق للمقاومة شرق مدينة خان يونس (جنوب قطاع غزة)، ويصل إلى كيبوتس "العين الثالثة" داخل إسرائيل.