القاهرة ـ علي رجب
عبر ممثلوا الأزهر الشريف في لجنة الخمسين لتعديل الدستور بالإجماع عن استيائهم الشديد لتصريحات أحد أعضاء لجنة الخمسين من الشخصيات العامة، والتي أساء فيها إلى عضو وفد "الأزهر" ومقرر لجنة الدولة والمقومات الأساسية المستشار محمد عبدالسلام.وأكد ممثلوا "الأزهر" أن "ما جاء في هذه التصريحات عار تمامًا عن الصحة، وتكذبه مضابط وتسجيلات الجلسات، وأن أشد ما آسفهم أن تصدر مثل هذه التصريحات عن من يحملون اسم الأزهر الشريف، وأن أعضاء الوفد جميعاً، ومعهم كل أزهري في اللجنة، بعيدون كل البعد عن مثل هذه الصغائر، التي لا تليق بالأزهر ورجاله"، معربين عن "أملهم في تقدير الجميع للمسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق كل وطني، في ضوء هذه الظروف التي تمر بها مصرنا العزيزة"، مشددين على "استقلال الأزهر ومرجعيته حقيقة واقعة، نُصَّ عليها في الدستور أو لم يُنَصَّ، ورغبة شعبية وحقيقة وقناعة من القوى والأحزاب والتيارات السياسية كافة في الدولة، بغية ضمان عدم تدخل السلطات في شؤون الأزهر، أو الانحراف به لأغراض سياسية، من جانب بعض التيارات المتشددة"، موضحين أن "علماء الإسلام في الدنيا كلها، صغيرهم وكبيرهم، يعلمون أن مفهوم الدولة الدينية وولاية الفقيه، التي يتشدق بها بعض سماسرة السياسة، ليس لها وجود، ولا يعرفها الإسلام، ولا يقرها الأزهر مطلقًا". وأكد مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، وممثلو الأزهر الشريف في لجنة الخمسين لتعديل الدستور أن "جلسات الحوار داخل لجنة المقومات وغيرها تدار بصورة ديمقراطية، ويتم فيها تبادل الآراء بطريقة راقية ومتحضرة، وقد شهدت تلك الجلسات والمناقشات، على مدار الأيام الماضية، ثراءً وتنوعًا في الآراء، للوصول في نهاية الأمر إلى مواد توافقية، تحقق آمال وطموحات الشعب المصري"، مشيرين إلى أن "الأزهر الشريف هو الرافض الأول لمسمى الدولة الدينية، وهي فكرة غير مطروحة في سياق الفكر المصري"، لافتين إلى أن "دستور 71 نص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ومن قبله نصت الدساتير على أن الإسلام دين الدولة، ومع ذلك لم تنحرف مصر للدولة الدينية بالمفهوم الكهنوتي، وأن النص على دين الدولة، لا يعني نسب الدين للدولة، إنما يعني أنه دين غالبية أهل الدولة"، مُذكرين بأن "الأزهر الشريف كان قد أصدر وثيقته التاريخية، في حزيران/يونيو 2011، والتي أكد فيها على ضرورة دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، اعتمادًا على دستور ترتضيه الأمة، ويفصل بين سلطات الدولة، وذلك في ضوء تحديد إطار الحكم، الذي يضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها على قدم المساواة، وأن الإسلام لا يعرف في تشريعاته ولا حضارته أو تاريخه ما يعرف بالدولة الكهنوتية أو الدولة الدينية".وبيَّن ممثلوا الأزهر أن "أخذ رأي هيئة كبار العلماء في الأزهر يكون في الأمور المتعلقة بالشريعة، ويعد ضمانة للمجتمع المصري، وغلقًا للباب أمام غير المختصين، الذين يتحدثون باسم الدين"، مشيرين إلى أن "استخدام عبارة ولاية الفقيه عند التحدث عن أخذ رأي هيئة كبار العلماء ينم عن عدم إدراك لفوارفق شاسعة بين المعنيين، وأن الإصرار على استخدام مصطلح ولاية الفقيه في السياق المصري يهدم الموروث الدستوري لمصر، الذي جعل من مبادئ الشريعة الإسلامية سقفًا لا تتجاوزه السلطة التشريعية"، لافتين إلى أن "استقلال مؤسسة الأزهر يعني استقلالا علميًا، وأن الأزهر لا يتخذ موقفًا من قضية معينة إلا بعد دراسة علمية منضبطة، وبعد تشاور بين علمائه المختصين"، مؤكدين أن "الأزهر الشريف وعلماءه حريصون على التوافق ولم الشمل، والتحاور مع الأطياف كافة، التي تنوب عن الشعب، بغية التوافق على مواد الدستور، التي ترضي آمال الشعب المصري وطموحاته"، وأضافوا "نحن حريصون على القيام بدورنا في الوصول إلى توافق بشأن المواد محل الجدل، والتوصل إلى صياغات توافقية، بغية إنجاز التعديلات الدستورية، حتى نخرج من هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصرنا الحبيبة".