القاهرة ـ أكرم علي
أكد "مؤشر الديمقراطية" الصادر عن المركز التنموي الدولي، أن الموقف الأميركي تجاه ما حدث في مصر، اتسم بمساندته الكاملة للأنظمة التي تم إسقاطها من قبل ثورة 30 حزيران/يونيو الماضي وقال "مؤشر الديمقراطية"، في تقرير له أصدره الأحد، "اتسم رد الفعل الأميركي بمساندته الكاملة للأنظمة التي تم إسقاطها من قبل الثورة المصرية، ثم التحول التدريجي لتأييد الرغبة الشعبية بعد انتقادات لازعة تُوجه له من الداخل
والخارج، بشكل يعكس السياسة الجامدة للرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه الأوضاع المصرية، وأن هذه السياسة فعلها أوباما مع نظام حسني مبارك وكررها مع نظام محمد مرسي، لكن الوضع الحالي يختلف جذريًا عن سابقه، فإدارة أوباما تمر الآن بواحدة من أكبر أزماتها، بسبب ما حدث في مصر منذ 30 حزيران/يونيو، وحتى الآن".وأوضح التقرير، أسباب تلك الأزمات، ومنها أن "ثورة الشارع على نظام (الإخوان)، قد أفقد إدارة أوباما حليفًا مهمًا لتنفيذ المصالح الأميركية الإسرائيلية كافة، وقد عكست سياسات أوباما السلبية التي اعتمدت على دعم نظام لا يقبله الشارع المصري للمرة الثانية، والحكومة الانتقالية الحالية لم تخضع لإملاءات إدارة أوباما، وبالتالي وضعت تلك الإدارة في موقف يعكس غياب سيطرتها على أهم دولة محورية في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو ما ينعكس بسلبياته على المصالح والتواجد الأميركى في المنطقة بأكملها، وأن استعانة الحكومة الانتقالية بتأييد الشارع المصري في إنهاء الصراع مع نظام (الإخوان) بشكل عكس تأييدًا شعبيًا جارفًا أمام اتهامات الانقلاب، التي صاغها أنصار الجماعة والإدارة الأميركية، وهو ما أضعف موقف إدارة أوباما".
وأفاد التقرير ذاته، أن "التدخل الروسي في تأييد أحداث 30 حزيران/يونيو، وما تلاها والعروض المباشرة والمعلنة بشأن دعم الجيش المصري بالسلاح، ثم التدخل في جلسات مجلس الأمن التي دعى لها الثلاثي الأوروبي، مثَل أحد المسارات التي زادت ضعف موقف الرئيس الأميركي، وانتشار رأي أميركي داخلي يهاجم إدارة أوباما بسبب ما أسموه دعم الإدارة لجماعات إرهابية، وفتح المجال أمام المنافس الروسي لتعزيز العلاقات المصرية الروسية، وإضعاف التواجد الأميركي في مصر، وأن الوضع الحالي يضع إدارة أوباما في مأزق حقيقى، يحمل مخرجًا ومفتاحًا واحدًا وهو تأييد النظام الحالي في مصر، واستمرار تقديم المساعدات كافة له وتعزيز العلاقات معه، عوضًا عن أية خيارات أخرى، قد تفقد الولايات المتحدة هذا الحليف الإستراتيجي، وهو ما سيفقدها الكثير على المستويات كافة، والتي نذكر منها مثلاً، أن 10 سفن حربية أميركية تمر شهريًا من قناة السويس، وهو إن تم منعه ستتكبد الولايات المتحدة خسائر مالية تتعدى أضعاف دعمها لمصر، ونذكر أيضًا أن الإدارة الأميركية قد قطعت المعونة في العام 1990 عن الجيش الباكستاني، ورغم عودة المعونة مرة أخرى إلا أن واشنطن لا تزال تعاني مما أحدثه هذا القطع من توترات وإضعاف للعلاقة والتعاون مع الجيش الباكستاني على سبيل المثال، فما بال الإدارة الأميركية بدولة محورية مثل مصر".
وأضاف تقرير "مؤشر الديمقراطية"، أن "الخيار الآخر المطروح أمام إدارة أوباما هو اعتبار ما حدث في مصر (انقلابًا عسكريًا)، وبالتال قطع المعونات عن مصر بموجب القانون الأميركي، وهو ما لن تتحمل عواقبه أو تقدر عليه الإدارة الأميركية، لذا فإن كل ما تبقى لأوباما هو محاولة استخدام القليل المتبقي من أدوات لإعادة العلاقات المصرية الأميركية إلى مسار أفضل، وهو ما المتوقع، فما يفعله الرئيس أوباما هو لإنهاء الأزمة الأميركية وليست المصرية".
وفي ما يخص رد الفعل العربي والأفريقي، أوضح التقرير، أن "الجانب العربي والأفريقي، أكد أن الحكومة المصرية حظيت بتأييد قوي من حكومات العديد من الدول العربية، أهمها السعودية والإمارات والأردن والبحرين، تلك الدول التي أيدت استقلال القرار المصري وعرضت العديد من المساعدات منذ أحداث 30 حزيران/يونيو، وعلى الدولة المصرية ألآ تتشبث بتأييد يرتكز في الأساس على مصالح وتخوفات، أهمها الخوف من المدّ الثوري المصري، والرغبة في تهدئة الأوضاع المصرية والمصلحة المشتركة في إضعاف التنظيم الدولي لـ(الإخوان)، والذي يهدد مصالح حكومات بعض تلك الدول أو مجملها".
وأكد "مؤشر الديمقراطية"، تزعّم خمس دول الهجوم على الحكومة المصرية بعد أحداث فض الاعتصام، وهى إيران وباكستان وتونس وتركيا وقطر، وهي دول يحكم معظمها من خلال جماعات دينية متشددة وقامعة للحريات، وسمعتها الدولية سيئة مثل إيران وباكستان، أو دول ترتبط أنظمتها فكريًا وأيديولوجيا بالتنظيم الدولي لـ"الإخوان" مثل "تونس الغنوشي" و"تركيا أردوغان"، أو دول ضعيفة تبحث عن تحقيق مصالح الجانب الأميركي مثل قطر، فيما ذكر أن ردود الفعل الدولية في مجملها غير مقلقة، وأنها تمثل ردة فعل طبيعية للأحداث الأخيرة على الصعيد المصري، وفق ما سقط بها من أعداد كبيرة من الضحايا والمصابين، ونظرًا إلى ما تضمنته إجراءات الحكومة المصرية من إجراءات استثنائية، مشيرًا إلى غياب الدور الإعلامي الرسمي الموجه إلى الخارج، وذلك بعد انقطاع بوادر هذا الدور، الذي كان متمثلاً في بعض قنوات النيل التي تُبث من ماسبيرو بالإنكليزية والفرنسية، وأن الدولة المصرية تعتمد في البث الآن على قنوات خاصة، وعلى قنوات الخارجية، وطالب المؤشر الدولة المصرية بإعادة النظر في سياساتها الإعلامية، بما يوفّر بدائل إعلامية مشرفة للتواصل الدولي.