الجيش المصري يضيق الخناق على منطقة الأنفاق بين قطاع غزة ومصر

غزة – محمد حبيب يشهد قطاع غزة منذ اندلاع الأحداث المصرية الأخيرة خناقاً مشدداً على منطقة الأنفاق بين قطاع غزة ومصر، باعتبارها متنفس الحياة وشريانها الوحيد لأكثر من مليون ونصف نسمة يعيشون فيه.حيث قام الجيش المصري خلال الفترة السابقة بتدمير العديد من الأنفاق كان من ضمنها عدد من الأنفاق المخصصة لإدخال المحروقات، أضافه إلى تدمير العديد من الخزانات قرب الحدود المصرية الفلسطينية .
في غضون ذلك حذّرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا من كارثة إنسانية في غزة بسبب قيام الجيش المصري بهدم للأنفاق دون أن يكون هناك بديل عنها.
ودعت المنظمة في بيان أصدرته الأربعاء المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف ما وصفتها بـ"الإجراءات العدائية" تجاه قطاع غزة.
وقالت "الجيش المصري يفرض منذ 4 يوليو الجاري قيوداً مشددة على حركة مرور الأفراد والبضائع عبر معبر رفح، منفذ غزة الوحيد إلى العالم، الذي يربط مصر بالقطاع، وعزز قواته على الحدود مع قطاع بالتنسيق الكامل مع قوات الاحتلال".
وأوضحت أن وحدة الهندسة في الجيش هدمت الأنفاق التي تغذي القطاع بالوقود والمواد الغذائية ومواد البناء، بالتزامن مع اغلاق معبر رفح.
وشددت على أن عدد الأنفاق التي هدمت منذ الرابع من يوليو الحالي 8 أنفاق وما يقرب من 30 مخزن وقود، واستخدام طائرات لرصد الأنفاق للمرة الأولى منذ عام 1967.
ونوهت إلى أن هذه الإجراءات بدأت بإغلاق معبر رفح بصورة تعسفية ودون مبرر وبشكل كامل الخميس الماضي، ثم أعلن عن إعادة فتحه جزئياً بعد عدة أيام لشرائح محددة من المرضى وحملة الجوازات الأجنبية والمصريين".
واستدركت المنظمة "لكن السلطات المصرية منعت أكثر من 2500 فلسطيني من السفر لأداء العمرة، كما أعاقت عودة أكثر من 1500 شخص عالقين، وهو ما يعتبر مساساً بالحقوق الدينية وحرية التنقل".
"أبو حسن" الذي يملك نفقاً لإدخال البضائع إلى القطاع، أكد أن معظم الأنفاق متوقفة عن العمل أو شبه متوقفة منذ بداية الأحداث.
"أبو حسن" الذي وجدناه جالساً وبجواره عماله دون عمل في نفقه قال: "مجرد التوقف عن العمل في النفق يسبب أضراراً في الخط بالإضافة إلى تكاليف إعادة التصليح والترميم والتخشيب المرهقة".
وأشار أن صاحب النفق والعمال بالإضافة إلى التجار جميعهم تضرروا جراء هذا الإغلاق والهدم، مبيناً أن "الجيش المصري يقوم بحفر مسافات كبيرة في الأرض بآلياته، ثم يضخ مياهاً على طول خط الجدار مما سبب تدمير الكثير من الخطوط وحاجة الكثير إلى إعادة ترميم".
وفيما يتعلق بالعمّال الذين ضاقت بهم سبل الحياة وألجأتهم صعوبة العيش وشظفه إلى العمل في الأنفاق على خطورتها ازدادت عليهم الآلام والمعاناة، حيث تطاردهم أسرهم الذين يعيلونها بمتطلبات الحياة ولاسيما في شهر رمضان المبارك، في ظل إغلاق الأنفاق وهدمها وعدم تيسر العمل كما كان سابقاً.
وخلال حديث مع أحد عمّال الأنفاق الذي ترك أبناءه وأسرته على أمل أن يعود لهم بحاجياتهم قال:" اليوم يخرج العامل ويرجع دون أن يحصّل قوت يومه بسبب الوضع الأمني".
وأضاف "العمال أصبحوا لا يحصّلوا مصروفهم اليومي"، مبيناً أن من يعيلون أسراً هم أكثر معاناة في ظل الوضع القائم.
بدوره، قال "أبو فادي" صاحب أحد الأنفاق: "كان النفق يعيل 26 أسرة بكافة أفرادها، أما الآن فإنه لا يشغل 12 أسرة".
شح دخول الكثير من المواد الضرورية عبر الأنفاق سبب أزمة في سير الحياة في القطاع خاصة مواد البناء من الأسمنت والحصمة.
أحد أصحاب الأنفاق قال: "مع توقف دخول الأسمنت والحصمة البلد ماتت، وشحها سبب أضرار كبيرة جداً لأن كل الأعمال متأثرة بالأسمنت"، معتبراً أن ذلك سبب توقف باقي المهن عن العمل، "وبالتالي ضرر على المواطنين".
وأوضح أن الجيش المصري يصادر بضائع التجار في الجانب المصري ويغلق بعض أنفاقهم ويحجز مواتيرهم ويلاحقهم أمنياً، مبيناً أن ذلك يزيد من تكلفتها على التجار وبالتالي على المواطنين.
وفي مقارنة أوضح "أبو فادي" أن طن الأسمنت كان ثمنه في السابق 400 شيكل أما الآن وبسبب الأوضاع أصبح سعر الطن 1000 شيكل.
وفي ظل هذا الوضع العصب وتوقف أعمال البناء لدى كثير من المواطنين فضلاً عن المشاريع الضخمة، تزداد المعاناة أمام المواطنين وأصحاب الأنفاق وعمّالها والتجار، ولتبقى هذه المعاناة رهينة الوضع المصري وأحداثه الداخلية.
من جهته أكد وكيل مساعد وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة ياسر الشنطي أن المشاريع الحيوية وخاصة القطرية التي يتم تنفيذها في قطاع غزة تأثرت بسبب إغلاق الأنفاق وعدم إدخال مواد البناء من الجانب المصري.
وأوضح في تصريحات لصحيفة فلسطين المحلية أن وزارة الأشغال العامة والإسكان أعلنت عن عزمها طرح حزم جديدة من المشاريع القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة خلال الأيام القادمة، لافتة إلى أنها طلبت من اللجنة القطرية لإعادة اعمار غزة، طرح مجموعة من المشاريع تخص البنية التحتية لمشاريع الإسكان، مثل مشاريع المياه والكهرباء.
وبين الشنطي أن المشاريع القطرية والتي معظمها عبارة عن مشاريع طرق تسير بشكل جيد، مضيفاً:" لا نستطيع أن نقول إنها تأثرت بشكل كبير بسبب الأحداث المصرية ولكن هذه الأحداث تركت تأثيراً بسيطاً على هذه المشاريع التي لا تزال تحت التنفيذ".
وأفاد بوجود بعض المشاريع التي كان لها موعد طرح عطاءات معين، ولكن تم تأجيله بناء على طلب اتحاد المقاولين الفلسطينيين في غزة بسبب تذبذب الأسعار وقلة مواد البناء في الفترة السابقة.
وكان الاتحاد قد تقدم بطلب للجنة القطرية لوضعهم في صورة الوضع في القطاع من حيث ارتفاع أسعار مواد البناء، وعدم دخول الكميات الكافية للبدء في المشاريع، بسبب توتر الأوضاع على الجانبين الفلسطيني والمصري.
وشدد الشنطي على أن عدم ادخال مواد البناء يمثل مشكلة لجميع فئات المجتمع من أصحاب مشاريع ومقاولين ومواطنين عاديين وأطراف حكومية تنفذ المشاريع، موضحاً أنه في حال استمرار الأوضاع على ما هي عليه فلا بد من جلب مواد البناء من داخل الأراضي المحتلة.
وقال:" من الصعب أن تظل المشاريع متوقفة عن العمل بسبب الظروف الحالية"، داعياً إلى العمل على حل مشكلة الأنفاق وأن يتم إدخال مواد البناء لكافة المشاريع، "وإن لم يكن ذلك ممكن فيمكن إدخال مواد البناء عبر المعابر الرسمية واستخدامها في مشاريع القطاع الخاص".
ونوه الشنطي إلى أن الوزارة مسئولة عن تنفيذ مشروع شارع صلاح الدين وتم تنفيذ عدد من المراحل فيه، مبيناً أن الانجاز فيه جيد وملحوظ من قبل أهالي المنطقة خاصة الجنوب.
من جهته، أوضح نقيب المقاولين الفلسطينيين م. نبيل أبو معيلق أن المشاريع التي أعلنت عنها وزارة الأشغال العامة والإسكان هي عبارة عن مشاريع كانت اللجنة القطرية قد وعدت بتقديم الدعم لها فيما يخص جانب المياه والكهرباء.
وأشار أبو معيلق" إلى أنه سيتم طرح مشاريع لتوصيل شبكات المياه والكهرباء لكلٍ من مشروع بيسان الإسكاني،و مشروع البراق ومشروع الإسراء، بهدف الحصول على خدمات أفضل للمواطنين.
ولفت إلى أن هذه المشاريع تختلف عن المشاريع التي تبرعت لها قطر بـ400 مليون دولار لإعادة إعمار القطاع، مبيناً أن مشاريع الوزارة قابلة للتنفيذ والمواد الخاصة بها متوفرة بشكل جيد.
أما بخصوص المشاريع القطرية المؤجلة، قال أبو معيلق إن" الاتحاد بانتظار الأوقات المناسبة لإعادة طرح المناقصات التي تم تأجيلها على أن تكون خلال الأسابيع القادمة"، مضيفاً:" الاتصالات جارية مع أطراف عدة من الجانب المصري والإسرائيلي للعمل على فتح المعابر وإدخال كافة مواد البناء التي يحتاجها القطاع".