ضباط الجيش الأميركي في أفغانستان

قال أحد القيادات العسكرية الأميركية التي عادت من أفغانستان دانيال ديفيس  في مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية إن الحرب الأميركية في أفغانستان تواجه خطر السقوط في هاوية الفشل. وأشارت الصحيفة إلى أن تصريحات هذا القائد العسكري لا تمثل وجهة نظر وزارة الدفاع الأميركية. وأضاف ديفيس أن الولايات المتحدة حاليا تتجه الآن نحو نهاية مرحلة من القتال بحلول 31 كانون الثاني /ديسمبر تاركة ورائها في أفغانستان قوى عسكرية سوف تبقى هناك لسنوات عدة مقبلة وذلك في ضوء ما تمليه أجندة المواعيد العسكرية الأميركية وليس ما تميله الحقائق على أرض الواقع في أفغانستان، الأمر الذي يتهدد الأهداف الأميركية في أفغانستان.
وأوضح ديفيس أن الأوضاع المحبطة غالبا ما تتطلب اتخاذ إجراءات جسورة وجرئية، قائلا " على الرغم من الأمور تسير، ولم تصل بعد إلى حد التدهور إلا أن الوقت قد حان للولايات المتحدة كي تحاول القيام بما لم تحاول القيام من قبل وهو المطالبة بهدنة تسمح بتوفير مساحة من الدبلوماسية اللازمة للتفاوض بغية تسوية في محاولة لإنهاء الحرب في أفغانستان من خلال التوصل إلى نتائج مقبولة.
وأشار ديفيس إلى أن كبار المسؤولين الأميركيين لايزالوا يزعمون بأن الحرب في أفغانستان تسير على مايرام وذلك على الرغم من الأدلة الدامغة التي تشير إلى عكس ذلك، لافتا إلى قيام الجنرال جون آلين خلال حفل تخليه عن قيادة قوات التحالف الدولي في كابول، بوصف ما تحقق على مدى 12 عاما من الحرب على انه انتصار وطالب بعدم التردد من استخدام هذه الكلمة في وصف الوضع هناك.
وبعد شهرين من ذلك نشرت منظمة الأمن الأفغاني الغير حكومية تقريرا يناقض تصريحات الجنرال، ويؤكد أن هجمات المتمردين تصاعدت بنسبة 47 بالمئة خلال الربع الأول من هذا العام مقارنة بالعام الماضي وأنه من المنتظر أن يستمر هذا التصاعد ومن المنتظر أيضا أنه تكون سنة 2013 هي ثاني أكثر السنوات دموية مقارنة بسنة 2011.
وأشار ديفيس إلى أنه من خلال فترة خدمته في أفغانستان خلال صيف 2011 يستطيع أن يؤكد على أن طالبان لازالت على قوتها ونشاطها وأن أغلبية الشعب الأفغاني لا يعتقد بأن طالبان قد هزمت وأنها تزداد سطوة وهيمنة.
وطالب ديفيس بضرورة تغيير ديناميكيات الواقع الحالي من خلال هدنة عسكرية ، وعلى الرغم من أنه لم يقدم في مقاله كيفية تحقيق ذلك إلا أنه يرى بوجود بعد الأساسيات التي توضح إمكانية تحقيق ذلك.
وقال بإنه لا إمكانية لأي حل لإنهاء الحرب دون تعاون من الحكومة الباكستانية التي تعاني حاليا من عدد من المشاكل مثل انهيار البنية التحتية والتفكك السياسي والأزمات الاقتصادية والتهديدات الأمنية بسبب الإرهاب والتمرد. كما أن الحكومة الباكستانية الجديدة تميل إلى التعاون مع أفغانستان والولايات المتحدة بشأن طالبان الأفغانية بهدف الحد من الضغوط الداخلية والخارجية على باكستان.
وأوضح أنه على الرغم من أن حركة طالبان تظل كيانا قابلا للحياة والاستمرارية إلا أنهم يدركون انه دون تحقيق قدراً من تسوية الخلافات مع الغرب فإنهم لا يمكنهم العودة إلى السلطة في أفغانستان.
وتابع " سوف يكون هناك العديد من التحديات التي يمكن أن تعوق الهدنة الانتقالية نحو تسوية نهائية لإنهاء الحرب، وقد يكون الوقت متأخرا لتجنب نشوب حرب أهلية في البلاد. وحتى مع تكاتف البيت الأبيض مع الحكومة الأفغانية والحكومة الباكستانية فإن فرص نجاح الهدنة لا تزيد عن 40 بالمائة، لاسيما وأن الأضرار التي تحققت على مدى العشر سنوات الأخيرة لا يمكن التغلب عليها، كما أن التحليل المتروي للموقف على أرض الواقع يشير إلى أنه بنهاية 2014 تصبح الحرب الأهلية وتزايد احتمالات انهيار باكستان الفرصة المناسبة لعودة انتشار تنظيم القاعدة وجماعاته في المنطقة بما يعني الفشل في تحقيق الأهداف الرئيسية للولايات المتحدة".
ويقول في معرض تأكيده على أن الهدنة هي السبيل الوحيد الذي لم تسلكه أميركا، أن الملاحظة الموضوعية لما يحدث في أفغانستان تؤكد بأن الاستراتيجية الأميركية لم تفشل فقط وإنما فشلت فشلا ذريعا.
واختتم مقاله بأن حماية المصالح الأميركية والغربية بعد انسحاب عام 2014 تتطلب ضرورة القيام بمخاطرة منطقية من خلال السعي الجاد إلى عقد هدنة بغية إفساح المجال السياسي الضروري للوصول إلى تسوية سلمية من خلال التفاوض وأن فشل المحاولة قد يهدد الإنجازات كافة التي تحققت على يد آلاف القوات البريطانية والأميركية الذين دفعوا ثمنا غاليا في أفغانستان.