مبنى المحكمة الدستورية العليا

رحب عدد من السياسيين وخبراء القانون في مصر بقرار المحكمة الدستورية العليا، الأحد، بعدم دستورية قانون مجلس الشورى، الذي يسيطر عليه الإسلاميون ويتولى سلطة التشريع بصفة موقتة، بالإضافة إلى قانون معايير الجمعية التأسيسية للدستور، التي وضعت دستور البلاد، فيما طالبوا بحل مجلس الشوري، وإجراء انتخابات جديدة، وتشكيل لجنة تأسيسية لكتابة دستور جديد.
وأكد رئيس المكتب الفني لهيئة قضايا الدولة في مصر عبدالمنعم أمين، في تصريحات صحافية فور صدور الحكم، أن الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا بشأن حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لا يجوز الطعن عليها، و أنه بمجرد ورود صورة الحكم إلى هيئة قضايا الدولة، فإنه سيتم دراسة حيثيات وأسباب الحكم لتكوين رأى يتعلق بكيفية تنفيذ أحكام حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية.
واعتبر المتحدث الرسمي باسم "نادي القضاة" محمود الشريف، في حديث إلى "العرب اليوم"، أن حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشورى وعدم دستورية بعض نصوص قانون انتخابات المجلس، يؤكد موقف قضاة مصر إزاء عدم الاعتراف بمشروعية المجلس في مناقشة قانون السلطة القضائية، بسبب بطلانه ووجود عوار قانوني فى تشكيله.
وقال الشريف، "إن حكم "الدستورية يؤكد بطلان مناقشة مجلس الشورى لتعديل قانون السلطة القضائية، وقضاة مصر لن يقبلوا بمناقشة القانون أمام مجلس مقضى ببطلانه"، مشيرًا إلى أن قانون السلطة القضائية من القوانين المكملة للدستور، ولا يجوز مناقشته وإصداره إلا من خلال مجلس النواب صاحب الاختصاص في تولى سلطة التشريع وسن القوانين.
وعلق عضو جبهة "الإنقاذ الوطني" محمد عبداللطيف، على حل مجلس الشورى، قائلاً "إنه جزء من مشاهد الارتباك واختلاط الأوراق التى دفعت جماعة الإخوان المصريين إليها، لإصرارهم على المضى فى مخططهم للتمكين".
وأضاف عبداللطيف، في حديث إلى "العرب اليوم"، أن سلطة التشريع الآن أصبحت "مهتزة" ولن تسمح بعض الجهات بمناقشة التشريعات الخاصة بها مثل القضاة وغيرهم من الأطراف الفاعلة في المجتمع، وأن ما صدر من قرار بحل مجلس الشورى لا يبطل ما صدره عنه من تشريعات، لافتا إلى أن الأمر بالمثل كما حدث مع قرارات مجلس الشعب عند حله.
فيما وصف الكاتب الصحافي وعضو مجلس الشعب السابق مصطفى بكري الحكم بـ "التاريخي والنهائي"، وقال في تصريحات صحافية في مؤتمر القومية العربية الأحد، "إن هذا اليوم عظيم ويؤكد أن القضاء مازال متماسكا في مصر".
وطالب بكري بإجراء انتخابات جديدة للجمعية التأسيسية للدستور والعودة للإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري لتسيير الأمور، موضحا أن من يمتلك الحق القانوني لتشكيل تأسيسية الدستور هو المجلس العسكري.
فيما وصف المتحدث باسم حزب "المصريين الأحرار" أحمد خيري قرار المحكمة، بأنه "حكم عادل وتاريخي"، مشيرًا إلى أن "عدم دستورية مجلس الشعب هو ما ينطبق عليه عدم دستورية مجلس الشورى بالنسبة للأخطاء القانونية والدستورية التى شابت عملية الانتخابات".
وقال الفقيه الدستوري الدكتور إبراهيم درويش، "كان على المحكمة أن تلتزم ببطلان قانون الانتخابات الذي تم على أساسه انتخاب مجلس الشورى، حيث أنها قضت بحل مجلس الشعب لسبب عدم دستورية قانون الانتخابات، لكي تكون أحكام المحكمة متسقة.
وعلق درويش على الحكم ببطلان قانون معايير اللجنة التأسيسية للدستور، فقال"بذلك يصبح الاستفتاء على الدستور باطلاً ويستوجب وضع دستور جديد".
ورأى رئيس حزب "الكرامة"، القيادي في جبهة "الإنقاذ" محمد سامي، أن حل مجلس الشورى، هو جزء من مشاهد الارتباك واختلاط الأوراق التي دفعت جماعة "الإخوان" المصريين إليها، لإصرارهم على المضي في مخططهم للتمكين، فأصبحنا أمام مشكلة وهي عدم معرفة لمن ستنتقل السلطة التشريعية، لافتًا إلى أن انتقال التشريع مع السلطة التنفيذية في قبضة الرئيس محمد مرسي هو أمر خطير، وعلى جماعة "الإخوان" أن تجد مخرجًا من هذه الأزمة التي زجت البلاد إليها.
وأكد المعارض المصري، أن ما صدر من قرار بحل مجلس الشورى لا يُبطل ما صدره عنه من تشريعات، وأن الأمر بالمثل كما حدث مع قرارات مجلس الشعب عند حله، مضيفًا "دستوريًا لا توجد مؤسسة تشريعية في مصر".
وأوضح القيادي العمالي بركات الضمراني، "سبق أن أبدينا ملاحظاتنا وتحفظاتنا بشان آلية تشكيل اللجنه التأسيسية، إلا أن النظام الحاكم في مصر رأى غير ذلك، وما بنُي على باطل فهو باطل، وهو ما أدى إلى صدور هذا الحكم، وعدنا إلى البداية"، مطالبًا بإعادة تشكيل لجنة تأسيسية أخرى بطريقة شرعية وانتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة، حتى يتم بناء الدولة المصرية بطريقة شرعية.
وشدد الضمراني، على أهمية احترام أحكام القضاء، ولابد أن يقبل الرئيس مرسي على اتخاذ خطوات سريعة وحاسمة لإعاده المؤسسات بطريقة شرعية، وإعادة انتخاب جمعية تأسيسية شرعية، وصياغة دستور يتم على أساسه انتخابات برلمانية جديدة، ونتمنى أن يصغي الرئيس إلى حكم المحكمة، وأن يتعامل بصفته رئيسًا لكل المصريين، ويعلي مصلحة الوطن فوق كل المصالح، كي ينظر العالم إلينا باحترام، وعلى الشورى أن يتوقف عن مناقشه مشاريع القوانين المهمة، كونه أصبح مجلسًا ناقص الشرعية، وأصبح وضعه موقتًا.
وقال الفقيه الدستوري الدكتور شوقي السيد، إن المحكمة الدستورية العليا أقرت في حكمها بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشورى، ببطلان تشكيل المجلس، نظرًا إلى عدم دستورية بعض نصوص القانون، وأن قرار المحكمة إرجاء تنفيذ حل المجلس حتى انتخاب مجلس النواب، لإجبار الحكومة على إجراء انتخابات مجلس النواب، تفاديًا لحدوث فراغ تشريعي.
وعلق رجل الأعمال نجيب ساويرس، عبر تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، على قرار المحكمة الدستورية قائلاً "إنه شعاع من الأمل في الظلام الذي نعيشه!".
وقالت عضو مجلس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، عضو مؤسس لحركة "شايفنكو" الدكتورة غادة الشهبندر، في تغريدة لها عبر "تويتر"، الأحد، "المحكمة الدستورية ما زعلتش حد، يعني بصوا هو مش صح بس نصبر بقى"، فيما أكد نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة" عصام العريان، في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن "المحكمة الدستورية العليا أبقت اﻷمور على ما هي عليه، وحملت كل الجهات مسؤوليتها للسير إلى انتخابات لمجلس النواب الجديد وفق أحكام الدستور الذي أقره الشعب بإرادته الحرة، ومجلس الشورى بتشكيله الحالي يقوم بمهامه التشريعية إلى حين انعقاد مجلس النواب الجديد، والمهلة التي أعطتها الفقرة الثانية من المادة (230) لانتخاب مجلس الشورى الجديد قد تتقلص، أو يتم بقرار رئاسي انتخابات تكميلية لثلث تم إبطاله، وهو إجراء مستبعد جدًا، وعلى مجلس الشورى نظرًا إلى ذلك، أن ينتهى من إقرار قانون انتخابات مجلس الشورى الجديد قبل انعقاد مجلس النواب".
ورفض المتحدث الإعلامي لحزب "الحرية والعدالة" الدكتور أحمد رامي، التعليق على أحكام المحكمة الدستورية الصادرة، الأحد، ببطلان الثلث الفردي من مجلس الشورى ومعايير انتخاب الجمعية التأسيسية للدستور وقانون الطوارئ، قائلاً "سنعلق على الآثار السياسية للحكم، فالثورة المصرية لا تزال تحاول بناء مؤسساتها التشريعية، وكلما خطوت خطوة للأمام تعود مرة أخرى إلى الخلف، وأن ما يحدث الآن في مصر هو محاولات فاشلة لإعادة نظام مبارك مرة أخرى، مؤكدًا أن "الثورة مستمرة، ولن نسمح بعودة النظام البائد".
ورأى رئيس المحكمة الدستورية العليا وقاضي تلك القضية المستشار ماهر البحيري، أن "مجلس الشورى سيظل في موقعه حتى انتخاب مجلس نواب جديد، ولكن من دون أن يكون له سلطة التشريع"، حسبما قالت مصادر قضائية.
وقد أقام عدد من المحامين دعاوى قضائية ضد مجلس الشورى، معترضين على القانون الذي أُجريت على أساسه الانتخابات.
وأُجريت انتخابات غرفتي البرلمان المصري (مجلس الشعب ومجلس الشورى) وفق قانون الانتخابات نفسه، والذي حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته في حزيران/يونيو من العام الماضي، مما أدى إلى حل البرلمان المصري الذي سيطر عليه الإسلاميون حينذاك أيضًا.
وصاغت الجمعية التأسيسية للدستور، والتي سيطر عليها الإسلاميون، دستور البلاد، وانسحب ممثلو القوى المدنية من الجمعية، لحجة تعنت الإسلاميين وعدم الأخذ بمقترحاتهم، بعد أن أقر الدستور المصري في استفتاء على مرحلتين، في كانون الأول/ديسمبر الماضي.