روما ـ مالك مهنا
تسربت بعض الصور لقاعة الـ "بونغا بونغا" الخاصة برئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني، وهي الصور التي تظهر للمرة الأولى المحتويات الداخلية للقاعة المشبوهة، التي يزعم البعض أن برلسكوني كان يقيم فيها الحفلات الداعرة والممارسات الجنسية ورقصات التعري (striptease) وغيرها من الممارسات التي كان برلسكوني وصحبته يقومون بها مقابل أموال يدفعونها لفتيات ونساء تأتين إلى فيللا رئيس الوزراء السابق خارج ميلانو، وهي المزاعم التي أنكرها برلسكوني كليةً بعد توجيه الاتهام الرسمي إليه أمام المحكمة. وأُشيع أن هذه القاعة استخدمها عملاق الإعلام والسياسية الإيطالي في ممارسة الجنس والرقص العاري مع الراقصة الشرقية كريمة المحروج مقابل أموال طائلة ومجوهرات وهبها لها وهي في السابعة عشرة من عمرها، أي إنه أقدم على هذه الأفعال مع قاصر من وجهة نظر القانون. ومع أن الحد الأقصى لسن القاصر قانونًا هو 14 سنة، إلا أن دفع أموال لفتاة تحت الـ 18 سنة لممارسة الجنس والأفعال الداعرة يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. ومن المقرر أن تُستأنف محاكمة برلسكوني بتهمة دفع أموال لفتيات ونساء مقابل ممارسة الجنس في فيلته، قصر سان مارتينو، الكائنة في إحدى ضواحي ميلانو، من بينهن كريمة المحروج التي كانت في السابعة عشرة من عمرها، وذلك بعد نجاح فريق الدفاع عن برلسكوني في الحصول على استراحة توقفت خلالها إجراءات المحاكمة، وذلك من خلال ادعاء فريق الدفاع أن المحكمة كانت متحاملة على برلسكوني، وأن تعاملها مع القضية تأثر بضغوط سياسية شديدة. ووفقًا لتصريحات برلسكوني للقناة الخامسة التي يملكها، كان عشاءً عاديًا الذي جمعه وكريمة المحروج، ولم يكن هناك ما يشوبه مما ذهبت إليه الادعاءات، حيث جلس معها على طاولة كبيرة لافتة للنظر، وكان هناك عدد كبير من الحضور في قصر سان مارتينو. كما أكد أنه تحدث معها في أشياء كثيرة مثل كرة القدم والسياسية والشؤون العامة وغير ذلك من تبادل أطراف الحديث العادي. وأضاف أنه لم يكن هناك ما يثير الحرج أو ما يمكن أن يسعى إلى التعتيم عليه في حفل العشاء، الذي يدعي البعض أنه كان ستارًا لأفعال فاضحة وممارسات مخجلة، حيث لم يمنع برلسكوني أحدًا من تشغيل الهاتف أو استخدام الكاميرا، وكان هناك عدد كبير من الحضور يلتقطون الصور. ومن المقرر أن تذيع قناة "كانال 5" الإيطالية الحوار الذي أجرته مع برلسكوني، والذي امتد لساعة كاملة في إطار الفيلم الوثائقي الذي أعدته لتوثيق المعركة القضائية التي خاضها هذا الرجل، الذي بدأ مسيرة العمل السياسي في التسعينات من القرن العشرين. كما يركز الفيلم الوثائقي على الجانب السياسي من حياة برلسكوني، وهو الفيلم الذي يُعرض تحت عنوان "حرب العشرين عامًا". بالإضافة إلى قضية الفضائح الجنسية التي يواجه برلسكوني المحاكمة بصددها، هناك 2500 دعوى قضائية تم تحريكها ضد رئيس الوزراء الإيطالي السابق والتي تتضمن اتهامات مثل العمل على نشر الجريمة في البلاد، التواطوء مع عصابات المافيا، التهرب الضريبي، الغش المحاسبي، الرشوة، الفساد، اعتراض مسار العدالة من خلال التدخل في شؤون القضاء. وحتى الآن لم يتم الفصل النهائي في أي من القضايا المحركة ضد برلسكوني نظرًا إلى أن النظام القضائي الإيطالي يشترط مرور الدعوى القضائية بثلاث مراحل تنتهي بوصول الدعوى إلى المحكمة العليا في روما. ووصلت أولى الدعوات القضائية المرفوعة ضد رئيس وزراء إيطاليا السابق إلى المحكمة العليا بالفعل، وهي القضية المرفوعة بخصوص التهرب الضريبي التي من المتوقع حالة إدانة برلسكوني بالتهم المتضمنة فيها أن يواجه الحكم بالسجن 4 سنوات على الأقل. أما بالسبة لمحاكمة ميلانو فمن المقرر أن تُوجه إلى برلسكوني اتهامات تتضمن دفع أموال لقاصر مقابل استغلالها جنسيًا واستغلال النفوذ في إطلاق سراح الفتاة كريمة المحروج، التي ضبطت متلبسة بالسرقة، إلا أن برلسكوني تدخل ليطلق سراحها. بهذا الصدد، صرح برلسكوني أنه لم يمارس الجنس مع كريمة المحروج ولم تقم بينهما أي علاقة حميمة، مؤكدًا أن العلاقة بينهما إنسانية بحتة وليس لها أي بعد جنسي على الإطلاق. تطابقت أقوال برلسكوني التي رد فيها على كل الاتهامات الموجهة إليه في قضية ميلانو مع القصة التي تصر كريمة المحروج على الترويج لها إعلاميًا، وهي القصة التي رددها برسلكوني أثناء الحوار الذي أُذيع له على "كانال 5". تضمنت القصة أن هذه الفتاة مصرية الأصل وتعرضت إلى انتهاكات من جانب أسرتها المصرية الثرية لرغبتها في الخروج عن الملة الكاثوليكية وفرت منهم إلى ميلانو لتعمل كنادلة. وبينما هي تمارس عملها كنادلة قابلت برلسكوني وصارت بينهما علاقة ودودة وبدأ في مساعدتها والاستماع إلى شكواها والمأساة التي تعيشها. وأشار برلسكوني أيضًا إلى أنه كان يساعد هذه الفتاة من دون مأرب آخر بدافع الإنسانية. يُذكر أن هذه القصة نفسها روتها كريمة المحروج على شاشات الفضائيات، وغلفتها بطابع درامي وبكاء ساخن ودموع منهمرة في توقيت تزامن مع ظهور الاتهامات لبرلسكوني بإقامة حفلات البونغا بونغا الساخنة في فيلته الفاخرة الكائنة في إحدى ضواحي ميلانو. من جهةٍ أخرى، ذهب بعض ممثلي الادعاء إلى أن هناك صلة قرابة من نوع ما بين كريمة المحروج والرئيس المصري السابق حسني مبارك. ومن المتوقع أن تصل عقوبة في قضية ميلانو، حال إدانة برلسكوني، إلى 12 سنة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه القضية تؤرق برسلكوني وفريق دفاعه إلى حدٍ بعيدٍ مما دفعهم إلى التوجه إلى ممارسة الضغط الإعلامي بالإضافة إلى الممارسات القانونية وغيرها من الممارسات التي من شأنها تبرئة رئيس الوزراء الإيطالي السابق. ومن أهم ما فعله معسكر برلسكوني في سبيل الضغط الإعلامي لتأييد موقفه في قضية الانتهاكات الجنسية ذلك البرنامج الوثائقي الذي عنونه صناعه بـ "حرب العشرين عامًا"، وهو البرنامج الذي واجه صانعوه اتهامات بأنه أُنتج من أجل ممارسة التأثير على المحكمة بينما نفى صانعوه أن تكون للبرنامج أي صلة بالمحاكمة.