طرابلس- صوت الامارات
دخلت مذكرة تفويض الحكومة التركية، التي أقرّها البرلمان في جلسة طارئة أول من أمس، حيّز التنفيذ اعتبارًا من أمس (الجمعة) بعد نشرها في الجريدة الرسمية. وعلى أثر ذلك، واصلت المعارضة التركية حملتها من أجل عدم إرسال قوات إلى ليبيا، وطالبت أن تساهم الحكومة بدلًا عن ذلك في إحلال السلام عبر الوساطة بين أطراف الصراع هناكوتصاعدت أمس في الشارع التركي الأصوات الرافضة لإرسال قوات إلى ليبيا، والابتعاد عن الانخراط في الحرب، وإرسال الجنود الأتراك للموت في بقاع لا يجب أن تتورط تركيا فيها. ونقلت تقارير عن مصادر أمنية في طرابلس، أمس، أن تعليمات أمنية تركية وصلت إلى الموظفين في منظمات إغاثية وللإعلاميين، وأفراد الجالية التركية في طرابلس، بضرورة مغادرتها فورًا، والتوجه إلى مدينة مصراته، حيث يجري تجهيز مواقع لاستقبال القوات التركية، التي سترسل إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فائز السراج.
ووافق البرلمان التركي في جلسة طارئة، أول من أمس، بالأغلبية (325 صوتًا مقابل 184) على مذكرة تقدمت بها الحكومة الاثنين الماضي للحصول على تفويض، مدته عام قابل للتمديد، لإرسال قوات إلى ليبيا، بناءً على طلب حكومة السراج، التي وقّعت مع تركيا في 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مذكرة تفاهم في مجال التعاون العسكري والأمني.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن مصادقة البرلمان على المذكرة "مهمة من أجل سلام واستقرار المنطقة... ومهمة لحماية مصالح بلادنا، ولسلام واستقرار المنطقة، ولتكن خيرًا".
من جانبه، أكد نائب الرئيس التركي فؤاد أوكطاي، أن بلاده ستواصل حماية مصالحها، و"إفشال المؤامرات" في المنطقة، مبرزًا أن كل خطوة تقوم بها الحكومة التركية في شرق المتوسط "مبنية على خطة واستراتيجية تأتي عقب دراسة عميقة... وتركيا تدافع عن وحدة الأراضي الليبية... وهدفها دعم الحكومة الشرعية وإحلال السلام في المنطقة".
في سياق ذلك، قال النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، أمر الله إيشلر، المبعوث التركي إلى ليبيا، إن الجيش التركي "بدأ فعليًا الاستعداد لإرسال الجنود والعتاد حتى قبل مناقشة البرلمان لمذكرة التفويض؛ وذلك بسبب حشدنا لأكثر من نصف أصوات النواب المطلوبة للمصادقة على المذكرة (يتألف البرلمان التركية من 600 مقعد)".
وأضاف إيشلر موضحًا، أنه بعد مصادقة البرلمان "أصبح القرار نافذًا، وخلال الأيام القليلة المقبلة ستصل الدفعة الأولى من قواتنا بأسلحتها إلى طرابلس لدعم حكومة السراج في مواجهة الجيش الوطني الليبي". مبرزًا أن هدف تركيا "هو ردع حفتر ومن يقف خلفه حتى يتوقفوا عن هجماتهم ضد الغرب الليبي، وبالتالي يقف نزيف الدماء، كما نهدف إلى تدريب القوات العسكرية والأمنية التابعة لحكومة الوفاق".
وفي حين تدافع أركان الحكومة التركية عن إرسال قوات إلى ليبيا، تواجه الحكومة في الوقت ذاته سيلًا من الانتقادات من جانب أحزاب المعارضة، الرافضة لاتخاذ هذه الخطوة، والتي تؤكد أنها تأتي بإصرار من الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال أوزغور أوزال، نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، إن "من يخطُ خطوة خطيرة كهذه ولا يفكر في عواقبها، فلا يمكن أن يكون رجل دولة... مثل هؤلاء الأشخاص لا يمكنهم إدارة دولة بحجم تركيا، ومثل هذه المواقف والقرارات التي تتخذ دون دراسة للعواقب، لا نراها إلا في الشوارع". مشددًا على أن "قرار البرلمان يتنافى مع كل الأعراف الدبلوماسية، وسيعزز من توتر الأوضاع في ليبيا والمنطقة".
ووصف أونال تشفيك أوز، نائب رئيس الشعب الجمهوري، المذكرة التي وافق عليها البرلمان بأنها "قرار كارثي بكل المقاييس"، قائلًا إن قيام حكومة أردوغان بإرسال جنود أتراك إلى ليبيا "يعني تعريض تركيا لخطر كبير، وتحويلها إلى دولة تحارب بالوكالة عن جهات أخرى، أمر مخزٍ، ولا سيمًا أن هذا القرار انتهاك للدستور التركي، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وأضاف أوز موضحًا: "هذه المذكرة تتعارض مع المادة 92 من الدستور التركي، ومع قرارات مجلس الأمن... الحل العسكري للأوضاع في ليبيا يجب أن يكون آخر خيار؛ لأن هذه الخطوة الخطيرة ستزيد الأمور تعقيدًا... ويتعين على مجلس الأمن الدولي إرسال جنود حفظ سلام إلى ليبيا، بدلًا عن الجنود الأتراك".
في سياق ذلك، قال آيتون تشراي، النائب البرلماني عن حزب "الجيد" المعارض: "ما دام أردوغان يمتلك هذه الحمية للدفاع عن دول أخرى، فلماذا لا يذهب لتحرير أذربيجان التي يخضع 20 في المائة من أراضيها للاحتلال؟".
ولاقت مذكرة التفويض، التي أقرها البرلمان، رفضًا واسعًا في الشارع التركي، وتصدر هاشتاغ "مذكرة ليبيا"، و"لا تسيلوا دماءنا في ليبيا" قائمة الأكثر تداولًا على "تويتر"، في حين غرّد عشرات الآلاف من الأتراك ضد المذكرة، مطالبين المسؤولين في حكومة أردوغان بإرسال أبنائهم للقتال في تركيا، وترك أبناء الفقراء من الجنود في بلادهم
قد يهمك ايضا