محج قلعة ـ خليل شمس الدين
لم يعد دخول الروبوتات هذا المجال أو ذاك من حياتنا أو أي عمل من الأعمال، خبرا جديدا، إذ نسمع كل يوم عن «اقتحام الآلات الذكية» المزيد من المجالات، والسياحة ليست حالة استثنائية. هذا ما يؤكده الروبوت الذي يحمل اسم «محمد»، وانضم أخيرا إلى فريق العمل في مجمع قلعة دربند السياحي في داغستان، وهو واحد من أهم المعالم التاريخية في القوقاز.
مهام الروبوت كثيرة ومتنوعة، فهو قبل كل شيء دليل سياحي، يستقبل الزوار يوميا، ويقول لهم: «أنا محمد من دربند، سعيد بالترحيب بكم في قلعة نارين كالا». ومن ثمّ تظهر ابتسامة عريضة على وجهه، وقد يبدأ بتوزيع «الغمزات»، التي تتشكل بفضل منظومة أضواء خاصة لديه. يتقن عدة لغات ويتدرب لإتقان المزيد منها، يتقن الرقص، يتبادل أطراف الحديث مع الزوار، يجيب عن أسئلتهم، ويحاول دوما العودة إلى موضوع عمله «قلعة دربند والتعريف بها».
بدأ «الروبوت محمد» عمله في المجمع التاريخي منذ شهر تقريباً، واختير مبنى الحراسة على أرض القلعة القديمة التي كانت مقرا للحامية الروسية في القرن التاسع عشر، مكتبا له.
وهناك يقدم الروبوت معلومات وافية للسياح حول القلعة والفعاليات فيها، ويروي أدق التفاصيل عن تاريخ جميع المباني التاريخية في مجمع دربند. وبهذا هو أول دليل سياحي - روبوت في القوقاز، إلا أنّه ليس مجرد آلة تكرر المعلومات مثل جهاز تسجيل، فهو يتمتع بقدرة المحادثة، وحتى التعبير عن انفعالاته في بعض المواقف.
أُطلق اسم «محمد» على أول روبوت - دليل سياحي، ليكون جزءا من مجتمع المنطقة، ويبدو كأنه واحد من «أبنائها»، يعبر اسمه عن ثقافتها وتاريخها وحاضرها، حيث ينتشر هذا الاسم في داغستان وجمهوريات القوقاز على نحو واسع منذ اعتناقها الإسلام قديماً.
وأثار هذا الروبوت اهتمام الضيوف وفضول وسائل الإعلام المحلية، التي كتبت الكثير عنه. وكالة «تاس» قالت بعد زيارة مراسلها للقلعة، إنّ الروبوت محمد يقترح على الضيوف بداية، التعارف، ويتذكر الوجوه بشكل جيد. يمكنه أن يتذكر 1500 وجه، ولا ينسى الأسماء. وإذا اقترب شخص واحد منه مرتين، فيتعرف عليه في المرة الأولى، ويذهب الشخص في جولة ويعود مرة ثانية، عندها يخاطبه الروبوت باسمه. ويميز بالشكل بين الرجل والمرأة، ويعرف آداب الحديث مع النساء، وعلى سبيل المثال لا يسأل فتاة أو امرأة عن عمرها، يعرف أن هذا سؤال غير لائق.
يقول سكان محليون إنّ هذا الروبوت بات بحد ذاته «عامل جذب سياحي» لا سيما للأطفال، الذين يركزون اهتمامهم عليه ويوجهون له أسئلة مختلفة، وعلى سؤال «كم عمرك» يجيب: «أقل بقليل من عمر قلعة نارين - كالا»، وكمن يتجنب الانشغال بأحاديث جانبية في ساعات العمل، يضيف قائلا: «يمكنني أن أحدثكم عن مجمع دربند، عن قلعته، والحصون فيه، ومتحفه...»، وقريبا قد يعلّم المهندسون «الروبوت محمد» رقصة «ليزغينكا» القوقازية التقليدية الشهيرة، لكن في الوقت الراهن يبدو رقصه أقرب إلى «الديسكو والراب».