مقامات إسلامية زاخرة في الأردن تجذب السياحة الدينية إليها

تزخر الأردن  بالكثير من المقامات الدينية، إضافة إلى الآثار التي تعود لقرون وحضارات ماضية، وهناك أضرحة ومساجد ومقامات لصحابة رسول الله أشهرها مقامات للصحابي الجليل أبي ذر الغفاري وأبي عبيدة عامر بن الجراح وشهداء معركة مؤتة وعلى رأسهم جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة والحارث بن عمير. وتستقطب هذه المقامات والأضرحة أعدادًا متزايدة من السائحين من مختلف الطوائف الذين يأتون لزيارتها في المناسبات المختلفة؛ ما يشكل حركة سياحية دينية نشطة في الأردن، فقد كان الأردن بوابة لفتوحات إسلامية كثيرة ومعارك تاريخية كبرى تقع معركة مؤتة في مقدمتها إلى جانب معركة فحل ومعركة اليرموك التي ظلت أثارها شاهدة على الانتصارات الإسلامية .

وشهدت هذه المقامات والأضرحة خلال السنوات الماضية مشاريع إعمار متتالية من منطلق الوفاء لهؤلاء الصحابة الأجلاء ولما قدموه من تضحيات في سبيل رفع راية الحق ونشر الدين الإسلامي الحنيف، ولقد أسهم الإعمار الهاشمي في هذه المقامات بجذب سياحة دينية إليها من الداخل والخارج بصورة لم نألفها من قبل ، خاصة أن مقامات الصحابة الكرام تعكس تواصلا دينيا حقيقيا يعكس الجهد الإسلامي في نشر الدعوة الإسلامية إلى ربوع الوطن".

ومن الصحابة قادة عظماء تشرَّف الأردن باحتضان أضرحتهم ومقاماتهم، منهم أبطال معركة مؤتة (زيد بن حارثة، جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن أبي رواحه)، الذين دفنوا في بلدة المزار في مؤتة جنوب الأردن حيث يمكن مشاهدة أضرحتهم في الجامع الكبير القائم هناك. ويقع مقام زيد بن حارثه في بلدية المزار في الكرك جنوب العاصمة "عمان" وهو بناء حديث في داخله ضريح ينسب إلى الصحابي الجليل زيد بن حارثه القائد الأول في معركة مؤتة والمشهور في التاريخ الإسلامي.

كما يقع مقام جعفر بن آبى طالب في بلدة المزار / الكرك جنوب العاصمة "عمان" ، والمقام عبارة عن مسجد كبير بني حديثا، ويظهر أن الأيوبيين والمماليك قد اهتموا في الموقع،و يشهد على ذلك النقوش الأثرية، وفي داخل المسجد يوجد ضريح الصحابي الجليل جعفر بن أبى طالب القائد الثاني في معركة مؤتة والمشهور في التاريخ الإسلامي. كما يقع مقام عبد الله بن رواحة في بلدة المزار / الكرك جنوب العاصمة "عمان"  وهو بناء حديث في داخلة ضريح ينسب إلى الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة القائد الثالث في معركة مؤتة والمشهور في التاريخ الإسلامي حيث استشهد رضي الله عنه .

فيما يقع مقام ضرار بن الأزور في قرية  ضرار في (الأغوار الوسطى) وهو بناء حديث يوجد بداخله  ضريح ينسب إلى الصحابي الجليل ضرار بن الازور. وكان فارساً شجاعاً وشاعرا له منزلته في قومه، توفي رحمه الله في طاعون عمواس، في خلافة عمر بن الخطاب، ودفن في غور الأردن، وتسمى البلدة التي فيها قبره الآن، بلدة (ضرار) نسبة إليه رضي الله عنه. وفي بلدة الشونة الشمالية يقع مقام معاذ بن جبل، وهو عبارة عن بناء تعلوه خمس قباب يعود إلى العهد التركي، وفي داخله يوجد ضريح ينسب للصحابي الجليل معاذ بن جبل وضريح آخر لولده. ويقع على بعد (28) كم من مقام أبي عبيدة بن الجراح، و58كم من مدينة إربد، بني عليه مسجد حديث. وكان معاذ بن جبل قد اصيب بطاعون عمواس  مما تسبب بموته، ودفن في القصير (الشونة الشمالية) بناحية الأقحوانة وهو ابن ثمان وثلاثين سنة.

ويركن مقام الصحابي الجليل  أبو ذر الغفاري وهو مكان عبادته في منطقة (السحيلة) إلى الغرب من بلدة ذيبان في محافظة مادبا، والذي أقام فيه عند عودته من الشام عدة سنوات بقصد التعبد، ولم يرافقه في هذا المكان سوى زوجته إلى أن غادره إلى الجزيرة العربية عندما اشتد عليه المرض. ويقع مقام شرحبيل بن حسنه في وادي اليابس على بعد (20) كم إلى الشمال من  مقام أبي عبيدة، وهو بناء حديث في داخله ضريح ينسب إلى الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنه، فاتح الأردن والمشهور في التاريخ الإسلامي. والقبر موجود في غرفة على يسار الدخل إلى المسجد وعليه كسوة من المخمل الأخضر.

ويقع مقام النبي لوط في الغور الصافي على بعد 60كم من الكرك، وهو عبارة عن كهف على سفح جبل يطل على البحر الميت، ولوط ابن أخ سيدنا إبراهيم  تذكر كتب التفسير وقصص الأنبياء أنه جاء من العراق مع عمه إلى بلاد الشام ثم انفصل عنه ليختار الإقامة في الأردن ( سدوم وعموره وأدمه وصوغر) للدعوة لله في هذه المدن، وكان أهلها ذوي اخلاق رديئة ويمارسون الفاحشة في نواديهم و يقطعون السبيل وقد ابتدعوا المنكرات ما لم يسبقهم اليه أحد من خلق الله، فلم يستجيبوا لدعوة لوط و نصحه وهددوه بالرجم فبعث الله تعالى ملائكة لوط بأن أخرج وأهلك إلا امرأتك فهي من الغابرين، فأمطر الله عليهم حجارة من سجيل وقلبت ديارهم، والبحر الميت كان يعرف ببحر لوط ولم يكن على هذه الصورة بل نتج عن زلزال ضرب هذه البلاد فجعل عاليها سافلها وصارت أخفض منطقة في العالم ( 804 متر تحت سطح البحر) وقد لجأ لوط وأهله إلى هذا الكهف الذي أتخذ فيما بعد مكانا لتعبد المؤمنين الأوائل ثم تحول إلى دير (عين عباطه).

كما وجدت أمام هذا الكهف كنيسة بيزنطية يرجع تاريخها إلى القرن الخامس أرضيتها من الفسيفساء الجميل، ويوجد على بعد 35كم من هذا المكان عمود جاف من الملح على هيئة إنسان يعتقد أنه بقايا زوجة لوط التي عصت تحذير الله بعدم النظر إلى الخلف وهي تهرب من سدوم، وقد اكتشف هذا الموقع ضمن القراءات على خريطة الأرض المقدسة في مأدبا التي تشير إلى ذلك، كما عثر في الموقع على ما يفيد أن هذا الكهف استخدم قبل فترة لوط (ع) بـ 1500 سنة، أما البحر الميت فقد أصبح المنتجع الأنسب في الوقت الحاضر للاستجمام والاستشفاء من أمراض الجسد والروح بفضل الله على هذه الأرض المباركة حيث تمتاز مياهه بالتركيز العالي للأملاح المعدنية والطين البركاني والجو المناسب.

ويقع مقام النبي هود عليه السلام  بالقرب من مدينة جرش المدينة الرومانية الكاملة وعلى بعد 65كم من العاصمة عمان والمقام عبارة عن غرفة تعلوها قبة وأمامها حوش جدد بناؤه من قبل الدوله العثمانية في القرن التاسع عشر، بعث الله هودا إلى قبيلته (عاد)، وهي من أقدم الأمم وجودا وآثارا في الأردن، وهم أول من عبد الأصنام بعد الطوفان.


أما مقام النبي شعيب عليه السلام أكثر من موقع ومقام في أرض الأردن المباركة، فمقامه يقع على 15بعد كم جنوب شرق مدينة السلط و 40كم من عمان في واد يسمى باسمه، والكتاب المقدس يتحدث عنه باسم (يثرول) وكاهن مدين وحمو موسى، وشعيب بن ميكيل بن يشجر بن مدين أحد أولاد إبراهيم الخليل وأمه بنت لوط، بعثته كانت بعد لوط وقبل موسى (ع) بعثه عز وجل إلى أهل مدين، وقومه كانوا عربا عاشوا بنعمة وخير وكانت مدينتهم مركزا تجاريا وسوقا بقصد من كل مكان الا أنهم كفروا بربهم ومارسوا الغش والخداع فنصحهم وأنذرهم شعيب فطلبوا منه أن يسقط الله عليهم كسفا من السماء أن كان من الصادقين، وهكذا أخذهم الله بعذاب يوم الظلة فسلط عليهم حرا شديدا حتى غلت مياههم ثم ساق عليهم غمامة فاجتمعوا تحتها ليتقوا شد حر الشمس فأمطرت عليهم نارا أحرقتهم،
شهد مرقد النبي شعيب تجديدات عديدة كان آخرها ما نفذته اللجنة الملكية للأعمار الهاشمي لمقامات الأنبياء والصحابة، حيث طور الموقع جذريًا وحديث ليظم إلى جانب مرقده الشريف مسجد وقاعة متعددة الأغراض يتوسطها حوش وسطه نافورة تحيطه أروقة مظللة، أما مدين التي وردت في الكتاب المقدس باسم مديان فقد ولد وعاش فيها شعيب وهي لازالت قائمة كقرية تقع شمال شرق مؤتة على بعد 10كم من الكرك، لدى أهلها الكثير من القصص والحكايات الموروثة عن تاريخها و الكنوز المدفوتة تحت أبنيتها وعيون المياه التي لازالت لحد الآن تحكي قصة استسقاء موسى لبنات شعيب.
 وهكذا عاش موسى في مدين عشر سنوات في خدمة شعيب وفي طريقهم إلى مصر وبليلة بأردة ظل الطريق بحكمه إلهيه يقول تعالي (فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله أنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا، فلما آتاها نودي في شاطئ الواد الأيمن من البقعه المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين) وهكذا كان بدء نبوته أما الشجرة فهي لا زالت تصارع الزمن لحد الآن، وتقع على بعد 12كم جنوب غرب الكرك تدعى (شجرة المايسة) وعمرها يزيد ثلاثة آلاف سنة، والقرية والآبار التي حولها جديرة بالزيارة والاهتمام بوضعها الحاضر حيث العفوية والبدائية كل شيء.

وداخل مدينة البتراء الوردية إحدى عجائب الدنيا السبع وعلى أحد قمم جبل هور المطلة على نهاية المدينة يقع مقام النبي هارون عليه السلام  ومرقده، والمرقد عبارة عن غرفه وحوش، تعلو الغرفة قبة بيضاء، كتب على أعلى باب المقام تاريخ تجديده سنو 709 هجري، والقبر مجلل بخلعه خضراء وأمامه حجر أسود، ويعتقد سكان هذه المناطق بأن للمكان منزله عظيمة، ودعوة المتضرعين إلى الله فيه مستجابة لشفاء مرضاهم أو نزول المطر أو إخصاب الماشية، وهارون أخو موسى ووزيره وشريكه، والوصول إلى المقام من داخل مدينة البتراء فقط، ويتطلب جهدا لتسلق جبل هور.