لندن ـ كاتيا حداد
كشفت دراسة علمية حديثة، أنَّ الآلاف من النساء يؤخرن إنجاب الأطفال خوفا من عدم كونهن الأم المثالية أو لأنهن لم يجدن الرجل المناسب، فضلًا عن أن ضغط الحياة المهنية والحياة الأسرية أجبرتهن على الفرار من محاولة الحمل.
وأوضحت الدراسة أن بعضهن يقلقن من وصمهن باسم أمهات بدوام جزئي نظرًا إلى أن عملهن يستحوذ على وقتهن، أو قلن إنهن يشعرن أنه من المستحيل أن يكن عند حسن ظن حمواتهن والأصدقاء والزملاء.
وصرَّح خبير الخصوبة الدكتور ماركوس فيراندو، بأنَّ "الطلب على علاج الخصوبة قد ارتفع في العام الماضي، فالنساء يؤخرن الأمومة للتركيز على حياتهن المهنية أو للعثور على الرجل المناسب"، مشيرا إلى أن عيادته شهدت ارتفاعا بنسبة 13% لدى النساء اللاتي يخترن التلقيح الاصطناعي بين عامي 2012 و 2014، لافتا إلى أن هناك ارتفاعا بنسبة 16% في عدد النساء اللاتي قررن محاولة إنجاب طفل دون شريك، باستخدام سائل منوي من بنك الحيوانات المنوية، بين عامي 2013 و 2014.
وصنف الدكتور فيراندو مراحل محاولة الإنجاب عند النساء إلى ثلاث مراحل، أولها العشرينات، والتي وصفها أنها أفضل سنوات الخصوبة عند النساء، حيث تكون الدورة الشهرية منتظمة، وأضاف: "ليس فقط هناك فرصة كبيرة لحدوث الحمل، ولكن الحمل يكون غالبا أسهل بدنيا للنساء في سن العشرينات؛ لأن هناك خطر أقل من المضاعفات الصحية مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري، وبصفة عامة، في هذا العصر ما يحكم فترة التعافي وسهولة الحمل هي مستوى اللياقة البدنية، مما يجعل الولادة وفقدان الوزن الزائد عملية يمكن التحكم فيها".
وأشار إلى أن "تلك الفترة أقل عرضة لإنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون، أو حالات تشكل العمود الفقري بشكل غير صحيح؛ ولكن هذا ليس مبررا للاندفاع باتخاذ قرار الحمل والولادة في هذا السن المبكر، فعليكِ بالتفكير أولا هل لديك المال الكافي لتلك الخطوة، وهل أنت مستعدة مع شريكك عاطفيا للطفل؟ هل أنت مستعدة لتوقف حياتك المهنية من أجل الحمل؟ فالأشخاص في العشرينات لا يزالون ينحتون طريقهم في الحياة، لذلك من المهم التفكير في ما إذا كان هذا هو الوقت المناسب للشروع في الأبوة أم لا".
وأبرز فيراندو أن "المرحلة الثانية تكون في الثلاثينات، إذ أن هناك العديد من المزايا للأمومة في الثلاثينات مقارنة بسن العشرينات؛ تلك الفترة تكون أكثر وضوحا، فمن المرجح أن تشعري بالأمان في حياتك المهنية وعلاقتك الخاصة بشريكك، وهو ما يوفر أساسا متينا لأسرتك الجديدة، علاوة على ذلك، الأمهات الجدد في الثلاثينات يكن أكثر قدرة على التحمل والمرونة نظرا للتجارب السابقة في حياتهن، مما يؤهلهن لتربية الأطفال الصغار".
وحذر من أن تقدم النساء في السن يجعل نوعية بويضاتهن تبدأ تدريجيا في التدهور، مضيفا: "رغم عدم وجود الرقم السحري الذي تبدأ فيه خصوبة المرأة في الانخفاض، يتوقع العديد من الخبراء أن هذه العملية تبدأ في ثلاثينات المرأة، وتولد معظم النساء بمتوسط اثنين مليون بويضة، ولكن كل شهر، فإنها تفقد ما يصل إلى 1500 بويضة".
وزاد: "بحلول الثلاثينات يكون لدى المرأة متوسط 70 ألف بويضة متبقية، والتي تنخفض إلى 30 ألف عندما تكون في ين 35 و 25 ألف عندما تصل إلى سن 37 ونصف، وبمجرد أن يصبح العدد المتبقي من البويضات 25 ألف بويضة، تفقد النساء ذلك العدد مع كل دورة شهرية بمعدل أسرع، وعلاوة على ذلك، فإن نوعية البويضات تتدهور، وجودة البويضات تجعل الحمل أكثر صعوبة بالنسبة للمرأة في تلك الأعمار، فتكون نسبة الحمل 10% عند النساء، فينصح الأزواج بألا يؤجلوا إنجاب الأطفال إلى وقت لاحق".
واسترسل: "أما الجيل الجديد الذي يحركه الحياة المهنية للنساء، المزيد والمزيد من الأزواج يتخذون قرار محاولة الإنجاب في الأربعينات، وعلى الرغم من أن بعض النساء محظوظات كفاية للحمل بشكل طبيعي في هذه السن، إلا أن فرصة إنجاب طفل بشكل طبيعي في سن الأربعين تنخفض إلى 20% فقط، وتنخفض إلى 5% بحلول منتصف الأربعينات، وذلك لأن الجهاز التناسلي للمرأة يتوقف ببطء".
وأكمل: "عندما تصل النساء لسن اليأس، متوسط هذا السن 51 عامًا، لا يكن لديهن سوى 1000 بويضة متبقية، ولا تكون تلك البويضات ذات نوعية جيدة حتى، فيجب على النساء في الأربعينات التفكير في التلقيح الاصطناعي، ولكن نسبة النجاح لهذا العلاج أيضا أقل بشكل كبير من المرأة في الثلاثينات".
ونوَّه بأنَّ "المرأة التي تبلغ من العمر 40 عاما لديها فرصة حمل تصل إلى 45%، عن طريق التلقيح الاصطناعي، ولكن المرأة في سن 44 لديها نسبة نجاح أقل من 10%"، لافتا إلى أن "أغلب النساء اللاتي يحاولن الإنجاب عن طريق أطفال الأنابيب في هذه السن لن تحققن الحمل".
واستدرك: " يكون التبرع بالبويضة واحد من أكثر العلاجات المتاحة للنساء في هذه الفئة العمرية، مما يجعل معدل الحمل 68% مع كل محاولة، بغض النظر عن سن المرأة سواء كان في العشرينات أو الأربعينات، وهذا أيضا ليس سهلا لأن معظم النساء لا يتقبلن فكرة إنجاب طفل ليس من نسلهن ولا ينتمي إليهن وراثيا، ولكنها تلجأ لهذا الاختيار بعد اليأس من فكرة الحمل".
واختتم: "لكن المشكلة الأكبر تكمن في زيادة فرصة إنجاب طفل مع عيب خلقي، مثل متلازمة داون، كما أن فرص الإجهاض تزيد أيضا، نظرا لأن الجنين يأتي في وضع شاذ لا يناسب الرحم".