نيويورك ـ مادلين سعادة
ترشح فيلم عن رجال القبائل في فانواتو إلى جائزة الأوسكار لفيلم بلغة أجنبية في أستراليا لأول مرة، ويجسّد فيلم "تانا" الذي تم تصويره في جزيرة فانواتو جنوب المحيط الهادئ قصة حقيقية لزوجين قررا الزواج من أجل الحب بدلًا من طاعة رغبات والديهم، وتطور الأمر لدى مخرجو الفيلم بينتلي دين ومارتن بتلر، من إنتاج فيلم صغير في جزيرة تبعد 2300 ميل من الساحل الشرقي لأستراليا إلى المنافسة على الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، وتم تصوير العمل مع مجموعة من الممثلين القرويين بلغة "Nauvhal"، وهي واحدة من 110 لغة يتم التحدث بها في جزيرة فانواتو.
وأوضح بينتلي دين، بعد علمه بترشيح الفيلم إلى الأوسكار أنها "أخبار رائعة، وبالنظر إلى بداية الفيلم أعتقد أن الأمر كان يعتبر غير وارد"، وتبدأ جذور الفيلم قبل 10 سنوات عندما أرسل بتلر دين إلى قبيلة تانا للعمل على فيلم وثائقي، وأعجب دين بالمناظر الخلابة في تانا وثقافتهم الغنية وتعهد بإيجاد وسيلة للعودة، وقرر دين وبتلر منذ بضع سنوات الاقتراب ممن يعيشون هناك في قرية "ياكيل" لمعرفة مدى اهتمامهم بالتعاون في فيلم روائي طويل، وكانت الفكرة جديدة لدى القبيلة التي لم تر فيلم من قبل على الرغم من إدراكهم للعالم الخارجي، إلا أنهم اختاروا العيش مثل أسلافهم، معتمدين على الصيد بالأقواس والسهام ونبذ وسائل الراحة الحديثة مثل الكهرباء.
وعرض مخرجو الفيلم على القرويين بضع أفلام على جهاز كمبيوتر محمول لإعطائهم فكرة عما يريدون خلقه، وأحبت القبيلة الفكرة ووافقت على المشروع، وأراد دين أن يكون الفيلم تعاونيا بحيث يروي شعب ياكيل قصتهم، وانتقل دين عام 2014 إلى هذا المجتمع مع زوجته وأطفاله الإثنين وعاشوا هناك لمدة 7 أشهر لاستيعاب ثقافة وتاريخ هذا الشعب، وكانت تجربة مثيرة لأطفاله الذين تعلموا الصيد بالأقواس والسهام وجروا في جميع أنحاء الوديان الجبلية المحيطة مع أطفال القرية، وتابع دين "لقد أحبوا الوضع، وأعطى القرويون لطفلنا وعمره عامين قيثاره عند الوصول".
وأخبر القرويون دين عن قصة حقيقية لاثنين محبين منذ سنوات وجدوا أنفسهم عالقين في حرب قبلية على الزواج التقليدي ما هدد بانفصالهم، وأصبحت القصة محور فيلم "تانا"، وتتحدث القبيلة بلغة يتحدث بها بضع آلاف من الناس في جميع أنحاء العالم، ولحسن الحظ تعلم رجل من القرية المجاورة الإنجليزية أثناء الحضور في مدرسة على جزيرة أخرى يعمل كمترجم، ونظرا لأن القرويين لم يمثلوا من قبل لذلك كان أدائهم حقيقيًا وهو ما فاجأ صناع الفيلم، وكشف دسن أنه "أخبرنا الممثلون المدربون أنهم شعروا بالحسد نظرًا إلى الأداء الذي شاهدوه، لقد كان أدائهم حقيقي للغاية".
ووعد مخرجو الفيلم، القبيلة أنهم سيكونوا أول من يرى الفيلم كامل في العالم، ولكن بعد فترة وجيزة من بدء التصوير أطاح إعصار بكل المنازل في ياكيل وخرب المحاصيل، واقترح المخرجون تأجيل العرض الأول إلا أن القرويين أصرّوا على المجيء على أي حال، وسافر دين وبتلر مرة أخرى إلى ياكيل حيث شيدت القبيلة شاشة للعرض من خلال أوراق تم ربطها بشجرة عملاقة نجت من العاصفة، ووصل دين جهاز العرض واجتمع الجميع لمشاهدة الفيلم، وأحب القرويون الفيلم، وأوضح دين أن زعماء القبيلة أصدروا خطابًا للإشادة بالفيلم باعتباره يعكس حقيقة القبيلة، وتعتبرا لقبيلة الفيلم ملك لهم خاصة وأنهم من اقترحوا قصته.
وأفاد دين أنه "حقيقة أن فيلم تانا أول فيلم أسترالي بلغة أجنبية يتم ترشيحه للأوسكار تجعله أكثر خصوصية، إنه احتفال حقيقي للسنيما بغض النظر عن من تكون أو من أين أتيت"، وعلى الرغم من ترشيح الفيلم للعديد من الجوائز إلا أن أفضل جزء من التجربة بالنسبة لدين وعائلته معرفتهم بثقافة مختلفة تماما عن ثقافتهم الخاصة، وأوضح دين "هناك قول مأثور بأنك عندما تتواصل مع العالم الخارجي فإنك تبني طريق بين بعضكم البعض، وهناك بالفعل حاليا طريق بيننا الأن وسيستمر إلى أجل غير مسمى".