القاهرة – محمود الرفاعي
تحل خلال الأسبوع الجاري ذكرى ميلاد المطرب عامر منيب، الذي رحل عن دنيانا في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2011، بعد مسيرة طويلة من النجاح في عالم الأغنية المصرية والعربية والذي قدم عددًا كبيرًا من الأعمال السينمائية خلال فترة وجيزة.
ولم يتصور يومًا هذا الولد المشاغب والمتمرد أنه سيكون مطربًا أو ينتمي للوسط الفني بأي صلة.. رغم أنه ولد وتربى في بيت جدته صاروخ الكوميديا ماري منيب، ولم يتخيل أن حلمه باللعب في المستطيل الأخضر سيتحول إلى شيء آخر.. ليصبح مع موعد مع النجومية في الطرب والذي كان موهوبًا فيه دون أن يشعر بذلك.
وفي هذه الذكرى ينشر "صوت الإمارات" جزءًا من مذكرات عامر منيب التي رواها عن نفسه قبل وفاته بسنوات قليلة.
بداية المشوار
يقول منيب في مذكراته "عندما أفتح دفاتري القديمة وأعود بذاكرتي إلى الماضي البعيد.. أجد حي شبرا أول ما يأتي إلى خاطري.. حيث كنت أعيش مع عائلتي في فيلا كبيرة مكونة من ثلاثة طوابق في الطابق الأول تقيم جدتي لأبي الفنانة ماري منيب وفي الثاني تقيم عمتي.. أما الثالث كنت أقيم مع أمي وأبي وأخوتي جمال وأمينة وأميرة".
وأضاف: "أجمل ما أتذكره عندما نقف جميعًا يوميًا علي سلالم الفيلا نصفق لجدتي أثناء توجهها إلى المسرح.. وصالون بيتها الذي كان مركزًا دائمًا لمجموعة من الفنانين منهم حسن فايق ومحمد شوقي وعادل خيري وعدلي كاسب ونيللي وفريد شوقي ونجوى سالم يتبادلون فيه الآراء فيما بينهم عن أحوال الفن كما أتذكر أن الفنان الراحل بشارة واكيم كان يحبها ولم يتزوجها لاختلاف الأديان لأن جدتي أسلمت قبل زواجها من جدي وقبيل دخولها عالم الفن
و أتذكر مواقف عديدة عايشتها مع جدتي ماري منيب على مدي 6سنوات كاملة منذ ولادتي في فيلتها.. فهي التي اختارت اسمي "عامر" لحبها للمشير عبدالحكيم عامر واسم "جمال" لشقيقي الأكبر عشقًا في الزعيم جمال عبدالناصر فقد كانت الراحلة وطنية للغاية وعاشقة لرجال الثورة إلى جانب تمتعها بقوة الشخصية وكان الجميع بما فيهم أبي وأمي يخشيان بأسها لكنني كنت الاستثناء عن هذه القاعدة حيث كنت المخالف الوحيد والمشاغب الأوحد في العائلة رغم قرارات ماري منيب وقد عبرت عن استقلإلىتي من خلال موقف حدث على مائدة الغذاء حيث كان لجدتي طقوس وبروتوكول خاص لتناول الطعام.. والذي يجب أن يبدأ بشربة العدس "كراكور" وحينما تكرر الأمر أحسست بالملل.. فعبرت عن ذلك برفضي لتناول "الشربة" فلما أصرت جدتي.. قمت بضرب الطبق بيدي فتناثرت محتويات الشربة إلى أعلى وأغرقت جميع الجالسين بمن فيهم جدتي فجرت ورائي لضربي علقة بالعصا وبالطبع لم يستطع أحد حمايتي منها وبعد أن نلت نصيبي من الضرب توجهت غاضبًا نحو باب الفيلا وجلست وراءه حتى جاءت أمي لتصالحني".
مسابقة العندليب
واستكمل: "لا أنسى مطلقًا جلساتنا العائلية فهي من أجمل ذكرياتي.. حيث كنا نجتمع بعد حفلة المطرب الراحل العندليب الأسمر لنعقد مسابقة غنائية أنا وأخوتي وأبناء عمتي يفوز فيها من استطاع أن يحفظ الأغنية وبصراحة كنت أنا الفائز الدائم حيث ظهرت قدرتي على سرعة حفظ الكلمات واللحن رغم سماعي للأغنية مرة واحدة وكانت الجائزة طبق بطاطس محمرة وهي أكلتي المفضلة.. وأتصور وقتها أن جدتي ماري كفنانة لمست إحساسي الفني وموهبتي الوليدة في الطرب لكنها لم تلفت نظر أحد وتشجعني على ذلك لأنها كانت ترفض انضمام أحد من عائلتها للمجال الفني وهذا ما حدث أيضًا مع والدي في وقت سابق عندما أنشأ مكتبًا لتوزيع الأفلام في لبنان فرفضت وأصرت على إغلاق المكتب.. ليعمل موظفًا وقد كان لها ما أرادت. الغريب أنني لم ألاحظ عشقي للفن ولم ألتفت لحلاوة صوتي وأنا صغير حيث كنت مقتنعًا بأنني لاعب كرة موهوب وبالفعل قيدت في مدرسة الكرة بالزمالك لكن والدي رفض الأمر تمامًا بعد اجتيازي للاختبارات. وهنا اكتشفت أن عشقي للفن كان أكبر من خلال حرصي ودون أن أشعر على متابعة كل مسرحيات جدتي من الكوإلىس وبالطبع لم يسلم المسرح من شقاوتي وإزعاجي المستمر للعاملين فيه حتى أنهم كانوا يحبسونني في غرفتها الخاصة حتى ينتهي العرض".
رياح السفينة
وأكمل: "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. هذا المثل انطبق على حالتي تماما.. حيث فوجئت بتبخر منتج الكاسيت المزعوم الذي عرض على إنتاج ألبوم وكأنه فص ملح وداب وهكذا وجدت نفسي أعود لنقطة الصفر من جديد وعلى أي حال حمدت الله فربما كان هناك شيء خطير سوف يحدث ومنعه الله عني- حيرتي استمرت طويلا.. فأنا لا أجيد طرق. الأبواب رغم موهبتي التي أؤمن بها فلم أجد مفرًا من الذهاب إلى الفنان الراحل إبراهيم الحجار خاصة أن لديه 3 مواهب غنائية هم أبناؤه على وأحمد وراقت.. ذهبت إليه وسألته أن يرشدني للطريق السليم لاحتراف الغناء فقال ليّ عليك بدراسة الموسيقى حتى تصقل موهبتك بعد أن نلت إعجابه بصوتي حيث أشار على بالتوجه إلى د. حسين صابر ود. عاطف عبد الحميد وبالفعل تعلمت عزف العود والمقامات".
تكوين فرقة غنائية
واسترسل: "كانت أول خطوة لي في عالم الاحتراف حيث طوفت بها حفلات الفنادق والجامعات كما قررت إصدار أول ألبوم.. من خلال اقتراض 35 ألف جنيه وأبيع سيارتي لكن لم يحدث ذلك حيث جاءتني فرصة إنتاج أول ألبوم وبعدها أصدرت الثاني "ياقلبي" ثم الثالث "فاكر أول مرة" ونجحوا جميعًا".
المقبرة
واستأنف: "وحلا لهذه الأزمة التي كنت أعانيها قررت الذهاب لقبر أمي وأبي وهناك انتابني شعور باللامبالاة تجاه الدنيا بأسرها وشعرت انه لا يوجد شيء ذو أهمية في الحياة.. وفي تلك اللحظة عدت إلى صوابي وتأكدت من شيء واحد إنني لا يجب أن استسلم.. وبالفعل حصلت على قرض من البنك وقمت بالإنتاج لنفسي وهكذا - وقفت مرة أخرى على قدميّ - كما يقولون بالعامية. لكن ما أحزنني بالفعل هو معرفتي بأن تصرف هذا المنتج المفاجئ جاء بالاتفاق مع مطرب آخر أراد تدميري وتحطيم مستقبلي ولو طال وقتها قتلي لفعلها. وبعد نجاح ألبومي فمت بسداد القرض وخرجت من هذه الأزمة أقوى مما كنت وعرفت انه لا يوجد شيء اسمه حسن نية في العمل".