القاهرة - صوت الإمارات
تعد الأمثال الشعبية من الظواهر الحضارية التي تعكس قدرة الشعوب على فلسفة المواقف الإنسانية بلغة موجزة ومكثفة تدل على رجاحة العقل وفهم الأمور بطريقة منطقية .
وارتبطت كثير من الأمثال الشعبية بالحرف والمهن التي تعود كل فرقة منها إلى قيم وعادات خاصة، والمثل كما يقول الفارابي "هو ما ترضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه حتى ابتذلوه فيما بينهم وقنعوا به، وهو أبلغ الحكمة لا الناس لا يجتمعون على ناقص، والمثل من قديم موغل في القدم، وقيل كان نتيجة تجارب وخبرات عميقة لأجيال ماضية، فعملت على توحيد الوجدان والطباع والعادات والمثل العليا" .
يؤكد الباحث إبراهيم عبد الحافظ"من الملاحظ أن كثيرا من الأمثال التي ضربت بأسماء بعض الحرف اتخذت من أسلوب العمل الحرفي أو مراحل ذلك العمل مجالاً لها أو أنها اتخذت من ملاحظات الناس حول سلوك صاحب تلك الحرفة وما شاع عنه مصدراً للمثل، وفي حالة ثالثة تكون قيمة الحرفة في المجتمع ونظرة الناس إليها مصدر ضرب الأمثال" .
ومهما كثر من الحديث حول الوظائف الاجتماعية التي تؤديها الأمثال فإنه يكفي القول إنها تقوم بدور مصدر لتشريع العادات الشعبية وتشكيلها حسب الاحتياجات الأخلاقية والاجتماعية أي أنه يقوم بدور المشرع الاجتماعي .
وفي بعض الأحيان يحتوي المثل على جميع مبادئ الأخلاق كالعفة والفضيلة والصدق والكرم وحسن الجوار وغيرها، مما يمكن أن تحمل في طياتها مثلاً عليا سامية يسعى إليها الإنسان ويرى فيها عناصر تحقيق إنسانية في مواجهة الظروف .
وتحث كثير من الأمثال على العمل وذم البطالة، ومنها قولهم "اشتغل الجمعة والعيد ولا تتحوجشي لأخوك السعيد" ومنها قولهم "اعمل حركة من غير أصل ولا تنامش بعد العصر" .
كما أن هناك بعض الأمثال التي تعتمد على أسلوب تقديم النصيحة وقد تميل إلى التحذير مثل قولهم "اشتغل بقلبك ولو كان سخرة" وقولهم: "العب بالمقصوصة لما ييجي لك الديواني" و"أعمل بخمسة وحاسب البطال" .
وهناك بعض الأمثال التي تدعو إلى تحمل مشاق العمل، والصبر على ما يواجهه العامل في عمله مثل قولهم "اللي ياكل حلوتها يتحمل مرارتها" و"ازرع كل يوم تأكل كل يوم" و"صاحب صنعة أخير من صاحب قلعة" و"اللي من إيده ربنا يزيده" و"أكل العيش يحب الخفية" .
ويحث كثير من الأمثال على الدعوة إلى التمسك بصنعة الآباء والأجداد، وعدم التهاون في الحفاظ عليها ومن تلك الأمثال: "من يترك صنعة أبوه وجده يلقي وعده" وهناك أمثال تدعو إلى الجد والمثابرة وعدم التكاسل من مثل قولهم: "اتقِ الله في صنعك ولو كنت حرامي" و"قلعت سناني من النقش على الصواني"، و"شغل ساعة ولا كل ساعة" .
وهناك أمثال متعلقة بمهن معينة، ومنها الخياطة ولعل من أشهر الأمثلة في ذلك قولهم "الشاطرة تغزل برجل حمار" كناية عن الشطارة والإجادة، وأن من يعرف أسرار الصنعة بإمكانه أن يجيدها ويؤديها بأقل الإمكانات .
ومن الأمثال "اللي تعطيه الوش يطلب البطانة" وتخص مجال الخياطة، ومنها أيضا "اللي ما يعرفش يقيس ما يعرفش يفصل" وهو خاص بأساسيات المهنة ومعرفتها، ومنها أيضاً "الإبرة اللي فيها خيطين ما تخيطش" .
ومن الأمثال التي تقال عن مهنة "الخباز" "إدي العيش لخبازه"، و"العيش مخبوز والميه في الكوز" .
وعن مهنة "النجارة" اشتهرت بعض الأمثال ومنها "باب النجار مخلع"، بمعنى أن النجار الذي يتقن صنعته أحياناً لا يهتم بنجارة أبواب بيته، وهناك مثل آخر يقول "خرطه الخراط واتدقلج مات" وهو من الأمثال الساخرة .