أبوظبي -صوت الامارات
أكد الدكتور يوسف الحسن، أن "العمل الإنساني عمل نبيل لا يأتي به إلا من أحب الخير للغير كمحبته لنفسه، لأن (خير الناس أنفعهم للناس)"، مشيراً إلى أن "المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، جسّد مفاهيم إنسانية خالدة، كالتعاضد والتكافل، وتقديم العون لمن يحتاج إليه من دول ومجتمعات ومؤسسات على مستوى العالم، بغض النظر عن عقائد المحتاجين وثقافاتهم وألوانهم، ونظم مجتمعاتهم".
وجاء ذلك، خلال محاضرة بعنوان "المفهوم المعاصر للتسامح في فكر زايد وتراث الإمارات"، في الذكرى الـ12 لرحيل المغفور له الشيخ زايد، التي نظمها، أول من أمس، مركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات، على مسرح أبوظبي في كاسر الأمواج.
وانقسم حديث المحاضر إلى محورين: الأول ركز فيه على التحديات التي واجهت عملية تأسيس الدولة، ودور القائد المؤسس - طيب الله ثراه - في التفاعل مع التحديات، من خلال رؤيته في السياسة والحكم، وقيم الوفاق والتسامح، والعمل الإنساني، والخير العام في الداخل والخارج. وأوضح في المحور الثاني المفهوم المعاصر لفكرة التسامح وقيمه، ولمفاهيم العفو والصفح الشائعة في خطابنا العام.
وذكر د. الحسن خلال المحاضرة، التي قدم لها مدير مركز زايد للدراسات والبحوث بنادي تراث الإمارات راشد أحمد المزروعي، إننا "نستذكر الليلة حكمة المغفور له وشجاعته، ومدرسته في الحكم والسياسة، ونستذكره - طيب الله ثراه - كصانع سلام ووئام، ووحدوي من طراز رفيع، وصاحب حسّ إنساني مرهف فطري، وذي قيم إنسانية وفلسفة عميقة في التسامح"، مؤكّداً أن "ما تركه لنا هو إرث عظيم كثقافة ومدرسة في العطاء، وبرنامج مستدام، يحمل رسالته ويواصل تعزيزه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وإخوانه وأبناء وطنه".
وفي حديثه عن تأسيس دولة الاتحاد ودور القائد المؤسس في ذلك، بيّن المحاضر أنه "من الصعوبة بمكان أن تدرك الأجيال الطالعة أبعاد رؤية المغفور له في الحكم والسياسة وقيم التسامح، من دون أن تعرف وتستوعب نوع وحجم التحديات التي تعاملت معها هذه الرؤية المبدعة التي قادت هذا الوطن إلى بر الأمان، وإلى المستوى المتقدم من التطور والازدهار، إذ كان المشهد العام للمنطقة في السنوات القليلة، التي سبقت قيام الاتحاد، مكتظاً بإرث ثقيل من التخلف والعزلة والتجزئة والحرمان، فضلاً عن النزاعات القبلية والحدودية، وغياب البنيتين التحتية والفوقية، ونقصان الماء المأمون، وعدم وجود جيش وطني، أو مؤسسات حكم حديثة، اللهم إلا بلديات فقيرة ذات أدوار متواضعة، وانعدام وجود تجربة اتحادية تاريخية في المنطقة يمكن إعادة إنتاجها أو القياس عليها، إلى جانب وجود السيطرة البريطانية التي استمرت نحو قرن ونصف القرن، وحوّلت الخليج إلى بحيرة بريطانية معزولة عن التطور في العالم" بالإضافة إلى طموحات شاه إيران وتهديداته.
وبيّن الحسن أنه "رغم كل التحديات الهائلة والمعقدة، فقد استطاع المغفور له أن يجتاز كل عوامل الإحباط والفشل، معتمداً على تلاحم شعبه معه، حيث كان على مستوى الاستجابة، ومستنداً إلى الحب الذي زرعه في نفوسهم، وعمل بمنتهى الحكمة والحصافة والتضحية، إلى جانب قيامه بالعديد من المبادرات الإنسانية والتوفيقية والتصالحية وقيم التسامح، التي شكلت بمجملها أساساً لسياسته ولنهجه في الحكم".