معرض أمار كانوار

يسعى الفنان الهندي أمار كانوار إلى بلورة فهم معمّق عن طبيعة الجوانب المظلمة في الحياة، من خلال معرضه، الذي افتتح أول من أمس، في جمعية إشارة في السركال أفنيو، تحت عنوان «صباح كهذا».

يتساءل كانوار عبر سلسلة أعماله، والفيلم المصور، عن كل ما يكمن وراء اللحظات الصعبة، وكيف يمكن أن ينتهي الجدل حولها، وما النهاية التي يمكن أن نصل إليها بعد استنزاف كل الطرق في محاولة إعادة بناء التفاعل مع المجتمع والمحيط.

وتُعد الأعمال المقدمة في المعرض عبارة عن رسائل يقدمها الفنان من خلال الشخصيتين في فيلمه، بعد اختبار العزلة والظلمة ووضع احتمالات وأشكال للظلام.

مساحة خاصة

يطرح الفنان الهندي في المعرض الفيلم الطويل الذي يتناول من خلاله شخصية عالم رياضيات يركن إلى العزلة في عربة مجهولة، وينشئ مساحة خاصة من الظلام، ويحاول التأقلم مع نفسه في هذه المساحة، حتى يرخي الظلام بظلاله على حياته كاملة، ليحيا في عالم مجرد من الضوء.

هذه الحياة في العتمة تجعله قادراً على اكتشاف العديد من الإمكانات الحسية لمفهوم الرؤية، إذ يزيح كامل خيوط الضوء عن حياته، ويتوغل في عالمه الذاتي، لنشاهد في هذه الأثناء قصة امرأة تعرض في الفيلم، بشكل موازٍ لقصة العالم الذي يستكشف من خلال الظلام 49 نوعاً من العتمة، ويبتكر روزنامة خاصة للظلام.
 
هذا الفيلم هو نقطة الانطلاق للأعمال الموجودة في المعرض التي يقدمها على شكل 49 شكلاً للظلمة، وإنما وجهت كرسائل تكرس البحث الفلسفي للفنان، عبر أعمال معكوسة عليها الضوء ومصنوعة من ورق مشغول يدوياً.

تتضمن الرسائل نصوصاً مكتوبة، إلى جانب مقاطع الفيديو والعروض الضوئية، وكلها تعكس قيم البقاء والمثابرة، وتتيح للمتلقي التمعن في هذه الموضوعات الجدلية المهمة، من خلال العودة بشكل أساسي للطبيعة، والتي صورها الفنان في العديد من المقاطع. كما أنها تجعل المتلقي يتوغل في أعماق ذاته ليصل إلى تكوين وجهات نظر حول الحزن والظلم والتعاطف، ما يجعلها تبدو محملة بوجهة نظر سوداوية إلى حد ما.

احتمالات

في حديثه لـ«الإمارات اليوم» وصف كانوار أعماله، بكونها تُشكل قصة عالم الرياضيات الذي يطرح الكثير من التساؤلات، والتي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال التعمّق بالذات والتوغل بدواخلها، من خلال الحياة في الظلام قبل حلوله الكامل.

وأشار إلى أن القصة المصورة في الفيلم هي من تأليفه، وتوضح للجمهور أن أي شيء نريد أن نراه، حتى الظلام، نحتاج إلى القليل من الضوء كي نعرفه بشكل حقيقي، وحين يتغير هذا الضوء تتبدل العتمة، ما يعني وجود احتمالات للعتمة أيضاً، وهذا ما دفعه لتسجيل 49 نوعاً منها.

وأكد كانوار، أن الفيلم والأعمال يقدمان الرسائل التي يريد إيصالها من خلال وضع أربع رسائل في الفيلم، لافتاً إلى أنها ترتبط بالطبيعة إلى حد كبير، وهذا يعود لكون المرء لا يمكن أن ينفصل عن الطبيعة بأي شكل من الأشكال، وهناك الكثير من الأجوبة التي تتمحور حول إنسانيتنا في الطبيعة. ونوه بأن إحدى أهم الرسائل التي يريدها أن تصل للناس هي أنه يصعب عليهم فهم كل ما يدور حولهم، فمعرفة الأحداث لا تغير في طريقة فهم الواقع، ولهذا من المهم أن يمعن الناس في معنى كل ما يحدث وذلك لا يكون إلا من خلال الابتعاد قليلاً، فمع المسافة تصبح الرؤية أوضح.

فلسفة

عن تضمين الأعمال الفنية رسائل فلسفية، أضاف كانوار أنه يشعر بالحاجة إلى الاستجابة لكل ما يختبر في الحياة، ولذا لا يسعى إلى تعليم الناس وتلقينهم رسائل من خلال الفن، فالناس لديها القدرة على التواصل وإيجاد المعنى. أما إدخال التكنولوجيا في العمل الفني، فنوه بأنه صانع أفلام وهذا ما يجعله أكثر ميلاً الى استخدام الصور المتحركة والأفلام والضوء، ولكنه في المقابل استخدم الأوراق المصنوعة يدوياً وبشكل تقليدي، وهذا المزج يعتبره مهماً جداً في عمله، كما أن الفن مسألة إبداعية ولغة يمكن أن يتحدثها الفنان وفق أبجديات مختلفة، والتكنولوجيا اليوم باتت جزءاً من العالم الفني ولا يمكن تجاهلها.

واستغرق المعرض ما يقارب أربع سنوات كي ينجز بشكل كامل، حسب كانوار الذي أعرب عن سعادته بـ«صباح كهذا» المعرض الأول له في دبي، والذي يستمر حتى بداية مايو المقبل

قد يهمك أيضًــــــــــا:

عالم الآثار المصري زاهي حواس يُعلن جاهزية "أوبرا توت عنخ آمون"

زاهي حواس يؤكد انتهاء "أوبرا توت عنخ آمون" في  إيطاليا