الشارقة ـ مصر اليوم
أجمع مشاركون في ندوة "ثقافة الكراهية.. الخطر القادم" التي استضافها "نادي الكتاب" ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، مساء الإثنين، أن الكراهية إذا أصبحت سلوكًا متأصلًا في المجتمعات، تتحول إلى مشكلة يجب التصدي لها من خلال عددٍ من الوسائل منها التسامح، والحب، وثقافة الحوار، وتقبّل الآخر.
وشارك في الندوة كل من الكاتب والباحث والمسرحي الإماراتي ماجد بوشليبي، والكاتبة والمستشارة النفسية الإماراتية د. ناديا بوهناد،
والكاتب والصحافي الجزائري خالد بن ققة، وأدارتها الكاتبة الإماراتية عائشة العاجل.
وقال ماجد بوشليبي إن ثقافة الكراهية شأن مجتمعي، وليست توجهًا فرضه الإعلام، لأن الإعلام يعكس السائد في المجتمع، كما أن الكراهية لم تكن يومًا جزءًا من الثقافة، بل على العكس من ذلك، للثقافة دور كبير في تخفيف الكراهية وبناء جسور الحوار بين الشعوب. ورأى أن الكره مبرر دائمًا عند صاحبه، بغض النظر عن صدق دوافعه في ذلك، معتبرًا أن وجود ثقافة الكراهية في مجتمع من المجتمعات لا يعني غياب الحب، ولكنها قد تؤدي إلى اللامبالاة أو عدم الاهتمام.
وطالب بوشليبي بتبني ثقافة جديدة لمواجهة الكراهية، تنادي بالإعتراف بوجود الآخر، وبقبول التعدد، واحترام حرية الرأي والإبداع، وعدم الاعتداء على المقدسات والممتلكات الدينية والتراثية والحضارية، فالتراث الإنساني هو تراث مشترك يملكه العالم بأسره وليس شعبًا أو بلدًا بعينه. مشيرًا إلى أن حرق الكتب والمكتبات ودور سينما الذي حدث في فترات تاريخية مختلفة في بعض دول العالم هو جزء من غياب ثقافة الحوار، التي يعتبر وجودها سلاحًا أساسيًا لمواجهة الكراهية.
وتناولت الدكتورة ناديا بوهناد الكراهية من الناحية النفسية، معتبرة أنها عبارة عن مجموعة من المشاعر والأفكار السلبية التي تستمر مع الإنسان تجاه شخص أو بلد أو جماعة أو قضية، ولكنها قد تكون مؤقتة، تختفي مع زوال الحدث الذي تسبب بها، وهي هنا أمر بسيط يمكن تجاوزه بسهولة، أو ربما تكون دائمة، وهنا مكمن الخطر الذي يجب مواجهته والتصدي له بكل الوسائل الممكنة.
وقالت إنه علينا أن نفرّق بين فكرة "أنا أكره فلانًا بالمطلق" أو "أنا أكره فيه سلوكًا معينًا"، فالكراهية المطلقة مسألة معقدة، أما كراهية سلوك معيّن فهي مؤشر إيجابي لتعديل السلوك، وتصحيح مسار الشخص الآخر. وخاطبت بوهناد الحضور قائلة: "عليك أن تمتلك الجرأة للتسامح مع الآخرين، فعندها أنت تسامح نفسك، ويصبح ذلك الشخص الذي كرهته يومًا خارج بؤرة اهتمامك، فيختفي التوتر والإجهاد من حياتك، وتصبح محبًا لذاتك، فخورًا بنفسك.
واعتبر خالد بن ققة أن الكراهية ظاهرة صحية، لأنها تحقق التوازن في الحياة بين الحب والبغض، ولكن بشرط أن تظل إحساسًا غير مرتبط بفعل، لأنها تدفع الشخص المكروه إلى تغيير سلوكه الذي تسبب في إحداث حالة الكراهية، مضيفًا: "عليك أن تعلن عن كراهيتك لي كي أصلح نفسي. هذا أمر يجب ألا يزعجني ما دام أمرًا وجدانيًا لا تترتب عليه أفعال مؤذية".
وأكد أن الكراهية تصبح ظاهرة مرضية عندما تتحول إلى حالة مجتمعية عامة، فعندها لا يمكن التحكم بها أو توقع الحدود التي قد تصل إليها، مطالبًا بأن "نقلل من شعورنا بالكراهية تجاه الآخرين، بغض النظر عن جنسياتهم وألوانهم وأديانهم وإنتماءاتهم، كي نتعايش معًا، فالاختلاف على أمور معينة لا يعني بالضرورة سيادة ثقافة الكراهية، وإنما يجب أن يظل التسامح والحب وسيلتنا للتعامل مع المحيطين بنا".
نبذة عن معرض الشارقة الدولي للكتاب:
تم تأسيس معرض الشارقة للكتاب في العام 1982 بمرسوم أميري أصدره صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقد تطور المعرض ليصبح واحدًا من أهم وأكبر المعارض الدولية للكتاب في منطقة الشرق الأوسط.
ويعتبر المعرض الذي تستمر فعالياته لمدة أحد عشر يومًا نتيجة طبيعية ومباشرة لما تقوم به إمارة الشارقة من جهود حثيثة ومتفانية، إلتزاماً منها بتطوير وتعزيز ثقافة القراءة في الشارقة والإمارات العربية المتحدة، وهو ما يتجلّى بكل وضوح في شعار المعرض "في حب الكلمة المقروءة".