القاهرة- علي رجب
قررت وزارة الأوقاف أن تكون خطبة الجمعة بعنوان "حق الوطن على أبنائه". وتيسيراً على الخطباء في تناول هذا الموضوع نضع بين أيديهم هذه العناصر للاستئناس بها والحديث في إطارها، حب الوطن من الإيمان، والوفاء للوطن واستشعار أن له على أبنائه حقوقًا كثيرة.
وتتناول الخطبة كذلك دور قواتنا المسلحة وجنودنا البواسل خير أجناد الأرض في تحقيق انتصارات
تشرين الأول/أكتوبر 1973 مع إبراز مكانة الشهداء عند ربهم، والتضحية في سبيل الوطن تتطلب العمل والإنتاج، والبعد عن التخريب والتدمير.
كما تتناول الخطبة التأكيد على أن مصر هي القلب النابض للعروبة والإسلام وأنها درع الأمة وسيفها، فينبغي أن نحافظ عليها وعلى جيشها الأبي.
وقال وزير الوقاف الدكتور محمد مختار جمعة "لا شك أننا في حاجة إلى بناء روح وطنية جديدة، تؤمن بحق الوطن على أبنائه، وتدرك أن الوطن هو بيتنا الكبير الذي ينبغي أن نتعاون في بنائه وصيانته من أي مخاطر تعرضه للتصدع أو الانهيار، وأن نعمل على رقيه وتجميله، ونظافته وأناقته، وأن يضحي كل منَّا بشيء من جهده وماله في سبيل ذلك، مدركين أن للأوطان على أبنائها حقوقاً كثيرة، وأن الدفاع عن الوطن جزء من صلب العقيدة، وأن العدو إذا دخل بلداً من بلادنا أو حاول وجب علينا شرعاً أن نتصدى جميعاً له، بكل ما أوتينا من قوة، بالنفس، أو بالمال، أو بهما معاً، وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، وأن نعلم أن من قُتل دون نفسه فهو شهيد ومن قُتل دون عرضه فهو شهيد، ومن قُتل دون وطنه فهو شهيد، وأن الشهادة في سبيل الوطن تَنُم عن نفس راقية، وحس إنساني ووطني فريد، حيث يُؤثِر الإنسان النبيل مصلحة وطنه على نفسه وماله وحياته".
وتابع "لنا في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسوة حسنة في الوفاء للوطن والتعلق القلبي والنفسي به، فقد نظر (صلى الله عليه وسلم) عند هجرته إلى المدينة إلى مكة مسقط رأسه، حيث ولد ونشأ بها قائلاً"يا مكة إنك لأحب بلاد الله إليَّ ولو لا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت، وعندما عاد إليها فاتحًا منتصرًا أكرم أهلها، حيث قال (صلى الله عليه وسلم) يا أهل مكة ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا أخ كريم وابن أخ كريم، فقال (صلى الله عليه وسلم) اذهبوا فأنتم الطلقاء".
وأضاف "ويطيب لنا هنا أن نُذكِّر بالدور الوطني الرائع الباسل، لأبنائنا، أبناء مصر، أبناء القوات المسلحة، الذين ضحوا بدمائهم في سبيل هذا الوطن ورفع رايته عالية خفاقة في حرب العاشر من رمضان السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973، تلك الفدائية والبسالة التي أعادت إلى مصر هيبتها وكرامتها بين الأمم، ونؤكد أن أبناء مصر هم خير أجناد الأرض، وأوصى بهم خيرًا نبينا (صلى الله عليه وسلم) حيث قال "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندًا كثيرًا، فإنهم خير أجناد الأرض، وإنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة".
وشدد وزير الأوقاف على أن الدفاع عن الوطن لا يقف عند حدود جبهة القتال، فقد قالوا "إنك لا تستطيع أن تجاهد أو تقاتل عدواً وعدوّك الذي بين جنبيك قاهر لك متغلب عليك، فلابد من إصلاح النفس وإصلاح المجتمع من الداخل حتى نستطيع أن نواجه المخاطر والتحديات الخارجية، وفي سبيل ذلك لابد أن نقضي على الفرقة والشقاق، والإرهاب والتطرف الداخلي، كما ينبغي أن نقضي على مظاهر الفساد المالي من الرشوة، والاعتداء على المال العام أو الممتلكات الخاصة للشركات أو الهيئات أو الأفراد، وأن ندرك أن التخريب والتدمير والفساد والإفساد يتنافى مع الشرائع السماوية كلها، والأعراف والتقاليد المجتمعية، والروح الوطنية الأصيلة.
وتابع "بل إن الأمر ينبغي أن يتجاوز ذلك كله إلى أهمية البناء والتنمية، والعمل والإنتاج، وكل ما يدعم تحقيق أمن الوطن واستقراره، ورقيه ونهضته، والحفاظ على مرافقه العامة، والعمل على تطويرها وصيانتها بروح وطنية جديدة أصيلة ووفية وثابة".
وأوضح أن الخطبة الثانية من صلاة الجعة تتناول فضل العشر الأوائل من ذي الحجة فهي التي قال نبينها (صلى الله عليه وسلم) في شأنها "ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام – يعني العشر الأوائل من ذي الحجة – فقالوا، يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال (صلى الله عليه وسلم) ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وما له فلم يرجع من ذلك بشيء ”
وهي أيام يستحب فيها الإكثار من الصلاة والصيام، والذكر والتهليل، والتسبيح والتكبير، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد"، وعلل ابن حجر في كتابه فتح الباري لأفضلية هذه الأيام بقوله "وذلك لاجتماع أمهات العبادة وأصولها فيها، وهي الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، ولا تجتمع كل هذه العبادات في وقت سوى هذه الأيام، وفيها يوم عرفة بما فيه من فضل الله على الحجيج، وعلى غير الحجيج من الصائمين، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) "صومُ عرفة أحتسب على الله عز وجل أنه يكفر السنة الماضية والسنة الباقية".